الخطاب التشكيلي عند المرأة العراقية
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 05-12-2011
 
   
عبد الرضا جبارة
لا اريد فهرسة الفن العراقي الى ثنائية ابداعية كما حصل لموضوعة الاجيال الشعرية لان الابداع لا يقبل القسمة والتقسيم الا على الرغم من ان هذا المعطى لا يلغي خصوصية الاداء وخصائص التجربة وتوثيقا لتاريخية الفن النسوي في العراق لابد من ان نؤرخ بدء هذا الفن بمديحة عمر ونزيهة سليم ذلك انهما تظلان في المقدمة من حيث غنى رؤيتيهما الفنية وتكامل شخصيتيهما سواء في مجال التقنية ام الاسلوب فمديحة عمر .
تستند في تجربتها الى استلهام الحرف العربي حيث يؤلف الجذر الحقيقي لأنتمائها في العمل ذلك لأنها تمتلك تشوفا خاصا لجماليات الحرف ومهارة فنية في استخدامه وهي بهذا التناول تسجل تفاوتا جوهريا عن كل فناني البعد الواحد او الفنانين الحروفيين في العراق فهي تأمل الحرف بموقف ذهني معين تفرد له مناخا او طقسا معينا وبناء على ذلك فالحرف بموقف ذهني معين تفرد له مناخا او طقسا معينا وبناء على ذلك فالحرف عند الفنانة القديرة مديحه عمر يبدو وكأنه يعيش في “ازلة” ويتخذ شكلا بحجم قلامة الظفر او بحجم اليد او الساعد .
وعلى الرغم من قراءته فانه يبدو للمشاهد أكثر من حرف ينتمي إلى أبجدية لأنه سيتعرى الى ما يشبه الكائن الحقيقي كحجيرات متراصة او كريات دموية فهي تتأمله وكأنه وجوداً حياً لذلك فقد انبثقت تجربتها الفنية الخاصة بالحرف من التجسيد التأملي له وقد تمكنت من ان تحقق مقاربة فنية ناجحة لاي تحول جوهري يحدث فهي تصف لنا معنى الحرف من كونه حرفا لأبجدية لغوية الى كونه كيانا منفردا بذاته فلم يكن في رؤيتها البصرية ان تقرأ حرفا من خلال اللوحة بل يبدو ان الذي يهمها هو ان تحقق ما تصح تسميته بعملية “التوليد” او “الاستنطاق” .
اما الفنانة نزيهة سليم فقد اتسمت تجربتها التشكيلية بالنزعة الاختزالية وخاصة في حركات اليدين وتطلعات العيون واستدارة الوجوه وما الى ذلك ، وقد توزعت تجربتها ما بين الشكل الإنساني واللمسية اللونية معا . فاكتسبت اسلوبية البناء التشكيلي عندها ملامحها الخمسينية بوصفها احد فناني جماعة بغداد للفن الحديثوبرغم انتمائها فقد احتفظت الفنانة نزيهة سليم برؤيتها الخاصة التي جمعت بين عالم الذات وعمومية العالم الإنساني فحققت لفنها هذا المنجز في عالم البراءة فجاءت رسومها صافية رقراقة ذلك انها تكاد تحتفظ في داخلها برصيد لا ينضب من الشعور بالجمال الفطري وهو يتطلع اليها ما وراء الجفون و “بشرة” الوجه وصفاء العيون أي ان رسوم نزيهة سليم تكاد تكون “صيغا” حديثة لتماثيل الالهة الام لا بأكتافها العراض وحوضها المحزز بل بتلك الحيوية الطفولية التي تمليها علينا ديناميكية الموضوع و “اشارات” الجسم المرسوم بـ “وضعية المواجهة” التي تحسن نزيهة سليم استعارتها في اعمالها .
ومن الرؤى الفنية في الفن النسوي التي اسهمت في ترسيخ الحركة التشكيلية تلك المحاولة المشتركة لدى الفنانتين - عايدة الربيعي - وغرام الربيعي - ففي رؤى غرام تمسك بالمرء لحظات من شدة الحس فلا يستطيع الجزم اذا كانت الحقيقة موجودة او غير موجودة في الطرف الاخر من الحلم والفنتزة وبرغم ان المظهر في صورة غرام لا يبدو عليه تغيير كبير عما كان من قبل اذ ان بعض موتيفاتها الاساسية في ترداد مستمر كالاطفال والعصافير والاقواس المتشابكة فان فيها تحولا اساسيا نحو هذه النزعة “الفروسية” المحملة بالاضداد تأتينا عبر اسلوب يستمد الكثير من المنمنمات العربية العباسية ولاسيما في ما يتعلق بتشكيل الاشجار والورود والطيور والوجوه النسائية وعلى العكس من اعمال عايدة الربيعي اتجهت غرام الربيعي الى دراسة الفضاء واستلهام موضوعات المرأة / الرمز بالاضافة الى ان الجانب التقني اكثر وضوحا في تجربتها لان هذه الرؤية تتعلق باستخداماتهاالموضوعية والملمسية وقد توزعت معظم اعمالها بين موضوعات السماء / والصحراء / والمرأة المتلاشية في الارض وقد تكررت موضوعية - المرأة - المتحدة بالارض وصراعها مع الحياة والفنانة غرام الربيعي بكل ترميزاتها تكشف باخلاص عن كثافة الاغتراب الذي تعانيه المرأة وعن الطبيعة التي تحوط بها باسلوب واقعي مع تحويرات ادخلتها الفنانة عليه .
ولي في هذا الصدد ان اذكر تجربة راجحة القدسي والتي امتازت بتعبيراتها التي اتخذت من مبدأ “الشفافية” اساسا في رؤيتها الفنية وقد رسخت الفنانة راجحة القدسي هذه الشفافية كقيمة جمالية مهمة في فنون الوطن العربي في العصر الاسلامي والعصور القديمة وقد تمحورت هذه الرؤية وتجوهرت الى منظور تمكن من خلاله رؤية العالم كتطابق او التقاء .
ومن التجارب التي مثلت اهمية في الفن النسوي العراقي - وخطابا تشكيليا عند المرأة العراقية المبدعة - هي تجربة الفنانة  - ايمان عبد الله وعشتار جميل حمودي التي كان اخر معرض لها يو م 22/10/2002 وكذلك الفنانات زينب عبد الكريم التي نالت جائزة الابداع لفن الرسم لعام 2000 وكريمة هاشم التي نالت جائزة الابداع ايضا لعام 2000 وكان اخر معرض لها يوم 19 -30 ايار الماضي من هذا العام والفنانة سلمى العلاق واريج المنصوري التي كان اخر معرض لها في 1/11/2002 في العاصمة السورية دمشق وبتقديري ان المرأة العراقية في خطابها التشكيلي قد حققت تفردا منذ بواكير الحركة التشكيلية ومازالت التجارب الشبابية تؤكد هذا العلو الابداعي بكل مثابرة وتجسد “طليعة” الفن التشكيلي العراقي في الوطن العربي بكل اتجاهاته واساليبه البنائية .


 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced