جرائم الشرف.. إرث ثقيل يلاحق الشرقيين في الغرب
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 20-02-2012
 
   
ستوكهولم/فبراير(آكانيوز)-
ليست فاطيما ساهندال، الفتاة الكردية من تركيا والتي أحيت السويد ذكرى مقتلها، مؤخرا، الفتاة الوحيدة التي كانت ضحية ما يسمى بـ "جرائم الشرف" في السويد. بل هناك كثيرات مثلها، تنحدر غالبيتهن من أصول شرقية أو شرق أوسطية، واجهن المصير نفسه في دول أوروبية عدة.

لم ترتكب ساهندال التي كانت تبلغ من العمر 26 عاما، عندما أقدم والدها على قتلها برصاصتين في الرأس، جرما تستحق من اجله عقوبة الموت. وكل ما فعلته أنها أحبت شاباً سويدياً. ما عده والدها جريمة، لم يمنعه من اقترافها، حبه لابنته أو التزامه لقانون البلد.

قبل ساهندال، قتلت بيلا، وهي شابة كردية من إقليم كردستان العراق كانت في العشرينيات من عمرها، وبعدها قتلت زيان وهي أيضا كردية من العراق كانت في ربيعها الـ 21. وأخريات كثيرات ذقن التجربة المريرة نفسها، وسط ما تثيره هذه الجرائم من ذهول ودهشة في المجتمعات الأوربية.

ويقول نضال بيربابي المسؤول في إحدى بلديات العاصمة السويدية ستوكهولم ان الغرب ينظر إلى مفهوم الشرف بشكل مغاير لما تنظر إليه مجتمعاتنا الشرقية.

ويوضح خلال حديثه لوكالة كردستان للأنباء (آكانيوز) أن الشرف في الغرب مرتبط إلى درجة كبيرة بمصداقية الإنسان في عمله وحياته سواء في البيت مع عائلته أو في أي مكان آخر، لذا تخطو هذه المجتمعات خطوات واسعة نحو الأمام، كونها تلتزم الوضوح والصراحة والمصداقية في علاقاتها مع الآخرين، فيما يتجسد مفهوم الشرف بالمجتمعات الشرقية في جسد المرأة بشكل رئيسي، لهذا تكون عقوبتها مميتة إذا ما أساءت إلى المفاهيم التي يسير عليها المجتمع.

ويبين بيربايي أن الغرب ينظر إلى كل عمل يجعل الشخص يخجل من فعلته، إساءة للشرف. مثل احتياله في العمل أو قيامه بالسرقة أو خيانة علاقته الزوجية أو إخلاله بمسؤولياته وواجباته المنزلية والعائلية، مشيرا إلى ان كل هذه الأمور، تؤخذ بنفس الاعتبارات سواء أكان الفاعل رجلا أو امرأة.

ورغم ان جرائم الشرف تحدث بشكل مستمر في أوساط اللاجئين، وبالأخص المنحدرين من أصول شرقية وشرق أوسطية، إلا ان بيربابي يرى ان النسبة الأعظم تحدث في المجتمعات الأصلية التي تحمل هذه الفكرة وتعززها سنويا بمقتل آلاف النساء، يجري الإفصاح فقط عن عدد قليل منهم.

ويرتكز بيربابي في حديثه على الدور الكبير الذي تلعبه الصحافة في المجتمعات الأوربية التي تكتب باستمرار عن وقائع، تخجل صحافة مجتمعاتنا في الحديث عنها أو لكونها تدخل في نطاق المواد المشمولة بـ "الخط الأحمر" والقائمة تطول في هذا الاتجاه.

ويوضح بيربابي ان السكوت عن العنف والجرائم التي ترتكب ضد النساء في مجتمعاتنا، أصبح صفة متأصلة بمعظم الأفراد القادمين منها، حتى ان الكثير من النساء اللواتي يواجهن العنف، ويكن مهددات بالقتل بشكل حقيقي، يسكتن عن الظلم الواقع عليهن، بحكم تربيتهن، المبنية على الخضوع للرجل والاستسلام له، مما يجعل الأخير يزيد في عنفه وقسوته.

ويؤكد ان الكثير من جرائم الشرف التي ارتكبت في السويد، كان أهل الضحية يعزونها إلى الانتحار أو الوقوع من أماكن مرتفعة، إلا ان تزايدها أثار الشك والتساؤل لدى الجهات السويدية.

ووفقا لإحدى الإحصائيات السويدية فان ما يزيد عن ثماني فتيات عراقيات بين الـ 15 – 25، قتلن في العام 2008، بعد رميهن من أماكن مرتفعة، سواء بإجبارهن على ذلك أو بمعاونة أشخاص آخرين.

ويقول بيربابي ان سبب انتشار مثل هذا النوع من الجرائم بين أوساط المهاجرين الشرقيين، يعود إلى عدد من الأفكار الخاطئة التي تربوا عليها في مجتمعاتهم الأصلية، بالإضافة إلى الوعي الذاتي للفرد الذي يساعده في تخطي الكثير من العقبات التي قد تتعارض مع ما نشأ عليه من قيم ومفاهيم، ويوضح انه مقابل ذلك، كانت هناك حالات ارتباط كثيرة ناجحة بين فتيات شرقيات ورجال أجانب من جنسيات مختلفة.

ويبين بيربابي ان اغلب الرجال الذين يقدمون على ارتكاب جرائم قتل بناتهم أو زوجاتهم، هم الذين يواجهون صعوبات في التكيف مع مجتمعهم الجديد، بل ان الكثير منهم رغم السنوات الطويلة التي يقضونها في بلدان المهجر لا يجيدون الحديث بلغة البلد الذي يعيشون فيه ولو بشكل بسيط. إذ أنهم ببساطة يصطدمون بالاختلافات الثقافية الواضحة بين مجتمعاتهم الجديدة والأصلية التي انحدروا منها، لذلك تأتي ردود أفعالهم عنيفة ورافضة للواقع.

وكان والد ساهيندال، قد أقدم على قتل ابنته بعد مضي 20 عاما من وجوده في السويد.

وتخصص الحكومة السويدية ضمن ميزانيتها في كل عام مبالغ كبيرة، لدعم مشاريع مكافحة العنف وجرائم الشرف. وفي العام الماضي 2011، خصصت بلدية مقاطعة "اوستريوتلاند" الواقعة جنوب السويد مبلغ 30 مليون كرون سويدي، ما يعادل نحو خمسة ملايين دولار، كميزانية لمكافحة العنف.

ويؤكد بيربابي ان مئات الملايين تخصص سنويا لمثل هذا النوع من البرامج، مشيرا إلى التعاليم الواضحة والصارمة للبلديات السويدية، بخصوص الاهتمام بجميع الشكاوى الواردة بخصوص العنف أو جرائم الشرف ومعاملتها بجدية تامة.

ويرى بيربايي ان أشواطا كبيرة يجب ان تمر بها مجتمعاتنا للتخلص من ارثها الثقيل في جرائم الشرف، مشيرا إلى ان التغير يجب ان يبدأ من دواخل الفرد ومفهومه تجاه المرأة وسط التغيرات الماراثونية التي تمر بها المجتمعات، والتي أثبتت بتجاربها المنوعة ان القيم والأعراف الإنسانية، أمور غير مرتبطة بجنس بشري معين، فهي تخص الرجل كما تخص المرأة.

من: لينا شياوس. تح: عبدالله صبري

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





المهرجان العربي والكلداني
 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced