السِبَح.. أسرار عميقة وأسعار مرتفعة بعضها يعادل الذهب
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 02-11-2012
 
   
يقال أن العراقيين من أكثر الشعوب استخداماً للسبح وامتلاك الأنواع النادرة منها.. وهناك أسواق عامرة بها، ويتعامل اغلب أصحاب محال التحف والانتيكات بها والحفاظ عليها كأنها حلي ذهبية، بل هي كذلك، لأن بعضها جاوز سعره ثمن قلادة الذهب وحل محلها في خزائن النساء وأقراطهن.. وصارت للسبح تجارة رائجة ومربحة وتباع بالدولار أيضاً.
صياغة السبح
احد المتعاملين القدامى في سوق السبح قال: تعلمت هذه المهنة من أخي الكبير وأصبحت اليوم قادراً على تثمين السبحة الجيدة من غيرها المقلدة بمجرد النظر إليها أو لمسها وأحياناً شم عطرها.. وهناك الكثير ممن يرتادون المحل بقصد الشراء أو الفرجة والتعرف إلى الأنواع النادرة.. نحصل على السبح من باعة معروفين لدينا مسبقاً أما من لا نعرفه فلا نشتري منه خشية أن يكون قد سرقها. نشتري كذلك سبحاً بالجملة من محافظة النجف خصوصاً قرب المراقد الدينية ومن الموصل أيضاً.. أما المادة التي تصنع منها السبحة فهي (البولستر) عادةً وأغلاها تلك المصنوعة من مادة (الكهرب) وهي أغلى أنواع السبح. وهنالك الكثيرون ممن لا يعرفون سعرها الحقيقي.. وهنالك نوعان من السبح من حيث عدد الحبات المصنوعة منها. الأولى ذات (101) حبة، نسبةً إلى أسماء الله الحسنى، وهي (99)، والحبتان الباقيتان بمثابة فاصلتين للسبحة.
سبح مخدرة أيضاً
احد باعة السوق يقول إن العراق من أكثر الدول التي تتعامل مع السبح وهو مستورد جيد لها. ونأسف لأن الكثير من السبح النادرة أخرجت خارج القطر بسبب جهل أصحابها بقيمتها الحقيقية.. واغرب أنواع السبح سبح (النارجين) وهي عبارة عن جوزة يطلق عليها فحم الكوك، في داخلها لبّة نواة تحتوي على مواد مخدرة.. وهذا يفسر عدم السماح بإدخالها المطارات إذا كانت مغلقة ويسمح فقط للجوزة المفتوحة نصفين والخالية من النواة لصنع السبح منها. ويقال أن عصا موسى صنعت منه أي من حجر الكوك.
هواية متجذرة
لم تأتِ هوايتي في جمع المحابس من فراغ فقد كان والدي وعمي يعشقان هذه الهواية فتأثرت بهما حتى أصبحت ذات الاهتمام الأول بالنسبة لي...  حميد كاظم هذا ما قاله، وأضاف: كانت البداية عام 1987 متزامنة مع بداية عملي في التدريس، حينذاك شعرت بميل كبير نحو هذه الهواية فبدأت بجمع العديد من السبح وبأنواعها المختلفة.. ويضيف أن أفضل المسابح هي التي تصنع من الأحجار الكريمة التي عرفها الإنسان منذ القدم وكان لها الأثر الكبير في حياته.. فالفراعنة مثلا عرفوا هذه الأحجار الكريمة وكانوا يدفنوها مع موتاهم نظرا لأهميتها في نظرهم وكدليل على قيمة الميت... كما أن هناك دراسات عديدة تؤكد لتلك الأحجار فوائد جمة فـ(العقيق اليماني) يساعد على وقف النزف الدموي وينشط الدورة الدموية وييسّر الأمور، أما (الباك زهر) ومعناه قاتل السم فإن من يصاب بلدغة أفعى أو عقرب فانه يشفى منها إذا سارع إلى سحق حبة من هذا الباك زهر ووضع مسحوقها فوق تلك اللدغة عندئذ يمتص المسحوق السم من الدم كما أن للياقوت أثراً كبيراً في تقوية البصر ومعالجة العديد من أمراض العيون في حالة التكحل به، كما انه يمنع حامله من الموت غدرا.. ومن الأقوال الشائعة في هذا الصدد أن الياقوت لم ير في يد مغدور قط وقد جاء ذلك في قول لأحد العلماء الباحثين في مجال علم الأحجار الكريمة.
أما ما يسمى بـ(الكهرب) ولاسيما ذا اللون الأصفر فينشط الدورة الدموية ويساعد على معالجة مرض ضعف كريات الدم الحمر في الجسم  ومن فوائده أيضا التأثير الايجابي في نفسية حامله، حيث يشعر بالهدوء النفسي.
الكهرب
هذا النوع عبارة عن صمغ تفرزه الأشجار لاسيما الأنواع الموجودة في غابات بولندا. وهذا الصمغ يتساقط من الشجرة على الأرض، ثم يغمر تحت التراب بفعل العوامل الجوية ويبقى فترة طويلة جدا قد تصل إلى الألف عام، حتى يصل إلى حالة من الجودة العلمية وحين يتم استخراجه من باطن الأرض يكون إما على شكل أحجار صمغية أو عيدان، ثم يتم تصنيعه وتنقيته وتحويله إلى مسابح. ومن أنواع هذا الكهرب النوع الألماني وهو أجود الأنواع ثم يأتي في المرتبة الثانية الكهرب الهندي، ثم البولندي ثم الروسي، ويستطرد محمد غسان حديثه قائلا: إن هذه الأنواع تصدر رائحة العنبر وهي زكية، لها أثرها في تنشيط الدورة الدموية، وبعث نشوة ملحوظة عند شمها.. وأجود أنواع الكهرب المنتشر في السوق العراقية هو الألماني، ومن أسباب إقبال الناس عليه نظافة الخامة المصنوع منها ودقة التصنيع، بالإضافة الى العمر الزمني الطويل لهذا الصنف من الكهرب.. وهذا النوع الألماني يمر بمراحل متعددة يبدأ باللون الأبيض ويسمى هنا في العراق والخليج بالكهرب المصري ثم يتحول لونه الى الأصفر فيسمى بالألماني، ثم مع مرور الزمن يأخذ اللون البرتقالي فيدعى حينئذ بالكهرب العدني.. ثم أخيرا وبعد مرور فترة طويلة جدا على حمله يأخذ اللون البني فيدعى حينئذ بالكهرب الهندي وهو ضعيف نسبيا وسهل الكسر لان الزمن الطويل يفقده الليونة والتماسك.

البولندي والروسي
أقل جودة
الكهرب البولندي والروسي اقل جودة من الألماني لأسباب عديدة أهمها احتواؤها على شوائب عديدة وعدم الدقة في تصنيعها، وان عمرها الزمني تحت الأرض يكون اقل إضافة إلى إدخال بعض المواد المصنعة عليها كالبلاستيك. ويؤكد علي أبو حسن أن الصناعة الحديثة تقوم بتقليد هذه الأنواع من الكهرب، بصنع أصناف منه عبارة عن مسحوق من الكهرب الأصلي إضافة إلى نسبة كبيرة جدا من البلاستيك مع إدخال بعض الروائح الشبيهة برائحته خلال عملية التصنيع، ولكن هذه المسألة معروفة لدى أهل الخبرة، ويمكن اكتشافها بسهولة. ومن الغش المنتشر في هذا المجال ما يسمى بالكهرب المعطش وهو في أصله طبيعي ونادر جدا وثمين لكن النوع الصناعي المنتشر حاليا في الأسواق يتم تعطيشه بوضعه في (الزيت المغلي) وبعض المواد الأخرى.
قيمة تاريخية
أما علي حسين رضا الذي لديه أكثر من ألف مسبحة فيتكلم عن هوايته قائلا: كانت البداية منذ عشرين عاما عندما أخذت بجمع الساعات والقداحات والأحجار الكريمة، ثم تطورت الهواية فاقتصرت على جمع المحابس القيمة فقط. وقد جمعت منها أنواعا عديدة من الكهرمان الألماني والبولندي والروسي إضافة إلى مسابح (اليسر) بعيون وغير عيون إضافة إلى مسابح المرجان وبعض المسابح المتنوعة من العاج والفيروز. ويستطرد قائلا: إن بعض المسابح ذات قيمة تاريخية كمسبحة الكهرمان الهندي والعدني واليماني. وعموما فإن مسابح الكهرمان تصنع من صمغ الأشجار، أما المرجان فيتم استخراجه من البحر واليسر يصنع من شجر بحري، أما الفيروز فيستخرج من جبال إيران، والعقيق من اليمن والعراق ويسمى بالعقيق السليماني، وأغلى أنواع مسابح الكهرمان الألماني هو المطعم العدني، الذي هو مائل إلى الاحمرار ويقدر ثمن المسبحة الواحدة بـ250 ألف دينار.
مسبحة نادرة
محمد يوسف، هاو آخر وعاشق لعالم السبح يقول: بدأت في جمع السبح النادرة منذ العام 1959، ولدي العديد من الأنواع القيمة منها السندلوس واليسر والكهرب والفيروز والعقيق.. كما أني احتفظ بمسبحة من نوع السندلوس التركي وعمرها 65 عاما، ويضيف: لقد جمعت حصيلتي من تلك المسابح أثناء تجوالي في مصر واليمن والكويت والهند وتركيا وإيران، حيث يبلغ عدد السبح لدي أكثر من 700 سبحة متنوعة المصدر والصناعة والثمن.

تيسير الولادة
وقضاء الحاجة
السيد عدنان الجميلي صاحب محل سبح يقول: تصنع السبح من مواد طبيعية وأشهر المواد التي تصنع منها السبحة (الكهرمان) وهي مادة تفرزها بعض الأشجار في منطقة بين روسيا وألمانيا تشبه الصمغ وتكون على شكل أقراص ثم تخرط إلى حبات. وللكهرمان أسماء عدة منها (الكربة) و(الكهرب) كما يسمى عندنا في العراق ويختبر الكهرب الأصلي بأن تحك الخرزة منه بقطعة الصوف فإذا التقط كالمغناطيس يكون أصلياً وتنبعث منه رائحة طيبة وهناك أيضا (اليُسر) وهي مادة تنبت في البحر كالشعاب المرجانية لها لون أسود وتطعم حبات مسبحة اليـُسر بالفضة أو الذهب واليسر الحقيقي تنبعث منه رائحة السمك إذا فرك باليد. وهناك تقليد معروف عند النساء بوضع مسبحة اليُسر في عنق الأم عند الولادة لتسهل عملية خروج الجنين إلى الدنيا. ويعتقد الكثير أن حمل مسبحة اليسر (تيسر) الأمور الصعبة وتسهل قضاءها.
أما مهند الساعدي فيقول: إن للسبح فوائد كثيرة ومهمة فهي تسهل أمرك في الدوائر بفضل الله فقط أي أنها وسيلة تسبح بها باسم الله فتنقضي حاجتك، كما أن البعض منها قادر على إخراج سم الحية أو العقرب إذا ما أصيب احد ما بلدغة أفعى أو عقرب، وقد شاهد الكثير كيف يخرج السم حينما وضعت إحدى الأحجار على رجل شخص لدغ من أفعى.
سبح ممنوعة من السفر
هل تصدق أن بعض أنواع السبح ممنوعة من السفر لا لقيمتها أو ثمنها ولكن اغلب المطارات تمنع دخولها إلى الطائر، حيث يقول أبو علي وهو صاحب محل في الكاظمية: أغرب أنواع السبح سبح النارجين وهي عبارة عن جوزة يطلق عليها (فحم الكوك) في داخلها لبّة نواة تحتوي على مواد مخدرة.. وهذا يفسر عدم السماح بإدخالها المطارات إذا كانت مغلقة ويسمح فقط للجوزة المفتوحة نصفين والخالية من النواة لصنع السبح منها. ويقال أن عصا موسى صنعت منه، أي حجر الكوك، ويقول: لذلك فإن التجار اليهود غالباً ما يحتفظون بسبح النارجين في خزائن خاصة بها.
وكلما كانت المسبحة قديمة كان سعرها أغلى، وتباع الكهرب بالوزن المستخدم وهو الغرام، فسعر الألماني القديم يتراوح ما بين (10، 45 دولاراً للغرام الواحد)، و(البولوني) سعر الغرام يتراوح ما بين ( 4 دولارات - 12 دولاراً)، أما الروسي فسعر الغرام منه يتراوح ما بين (1500 - 8000 دينار عراقي).. وأشار فاضل إلى انتعاش بيع السبح في  شهر رمضان.
في سوق الكاظمية
أنواع العقيق هي اليماني والسليماني والهندي والخراساني إلا أن أفضل أنواع العقيق هو اليماني باعتباره حجرا كريما ومباركا لأنه من أول الجبال التي اعترفت بوحدانية الله، أسعارها متفاوتة، وحسب قدمها منها الحجر الذي يساوي عشرة آلاف دولار ومنها الحجر الذي لا يقدر بثمن، لأن البعض منها بدأ يدخل في علاج أمراض كثيرة يقول حيدر أبو سعد صاحب محل آخر في سوق الكاظمية: هنالك الحجر اليماني الأحمر القديم  والذي تجد آيات قرآنية منقوشة عليه، أما العقيق الآخر فهو قديم يسمى (جراخته)  بالكوفية والخط عليه كوفي أيضا وهذا الحجر يبدأ سعره من 1500 دولار إلى خمسة آلاف دولار، أما إذا كان من الزمرد و(جراخته) عباسية فانه يصل إلى سعر 15 ألف دولار.
رياض الساعدي خبير في الأحجار الكريمة يقول: إن حجر الياقوت يسلطون عليه الضوء وتتم به معالجة الأمراض السرطانية أما بقية الأحجار فتؤدي الغرض نفسه، والله اعلم بها وبمداواتها كذلك فإن السبح هناك نوعيات كثيرة منها الكهرمان والكهرب واليسر والباي زهر وهي الأخرى يقدر سعرها بحجمها ونوعها وقدمها. هناك كهرب يماني الغرام بـ22 دولاراً، أما الكهرب الروسي فالغرام بخمسة دولارات والألماني الغلف يصل الغرام إلى 30 دولاراً.
في سوق السبح تجد الكثير من الأشكال والأنواع، وكما ذكرنا فإن غالبية تلك السبح يعتمد سعرها وقيمتها على قدمها ومصدرها ونوع الحجر الذي تحتويه، ولهذا فإن البعض يقتني هذه السبح تيمنا بأحاديث الرسول وآل بيته الأطهار، والبعض الآخر يقتنيها للعلاج أما البعض الآخر فهوايته جمع السبح بكل أشكالها وألوانها وعشاق السبح لا يحد من عشقهم لها ذاته وان امتلأت خزائنهم بها وللعشق فنون وجنون.

المدى/ فرات إبراهيم

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced