نساء في استنفار ورعب مع المطالبة بزواج الأرامل
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 05-11-2012
 
   
ظاهرة الأرامل في العراق أصبحت حالة مخيفة تهدد المجتمع لما لها من تأثيرات وتداعيات سلبية على المجتمع في ظل غياب الحلول والمعالجات ومع التصاعد الطبيعي في أعداد هذه الشريحة مع كل عملية إرهابية تطال المواطن المبتلى.
برزت أخيراً مطالبات بزواج الأرامل من جهات عدة، أصبحت كابوسا يقلق النساء المتزوجات خشية انهيار استقرار العائلة وسيرها باتجاه المجهول المأساوي. وعلى امتداد التاريخ شرعت العديد من القوانين التي حاولت أن تجد حلا لهذه المشكلة منها على سبيل المثال قانون "أورنمو"  الذي سبق قانون حمورابي بثلاثة قرون الذي يقضي بحماية الفقراء والأرامل والأيتام من ظلم الأقوياء، وغيرها من القوانين اللاحقة، لكن حروب النظام السابق وما تلته من أحداث بعد عام 2003 أظهرت جيشاً جديدا من الأرامل يلاحق بكاء الأيتام الصامت ومع كل عملية إرهابية هناك إضافة جديدة لتلك الشريحة، لتمتد وتشمل سربا جديدا من النساء المطلقات بسبب تعدد الزوجات، حيث يقترح عدد من النواب تشجيع ظاهرة تعدد الزوجات من خلال سن تشريع يسهل الحصول على قروض مالية.
إليكم هذه الحكاية:
كانت تراودها الكوابيس بأنه سيختفي وهي في مفترق الطريق فتستيقظ مذعورة والخوف ينشر غمامة على قلبها ودمعة حائرة لا تريد السقوط على الوسادة لتعلم بعد حين انه حقيقة وليس حلما.
زوجات يخفن من سن قانون يسمح بـ"تعدد الزوجات" وان تكون المطالبة بسن قانون تشجيع الزواج من الأرامل كابوسا مخيفا يجعلهن يسردن قصصهن كالأخريات اللواتي عشن التجربة، ففي جولة داخل أروقة محاكم الأحوال الشخصية في بداءة محكمة الأعظمية جعلتنا نبدأ بهذه الحكاية.
رن جهاز الموبايل العائد للزوج، الشاشة تظهر رقم غير معروف، الزوجة أنفاسها تتلاحق، صدرها يعلو وينخفض تلهث من كثرة التعب والعمل في البيت والوظيفة فهي مهندسة، رنين الهاتف لم يتوقف، تضغط على زر الإجابة يأتيها صوت امرأة وتسألها بدون أن تلقي التحية، أين فلان زوجي .. أنا زوجته، وبحاجة للذهاب إلى المستشفى لأنني أتعرض الى حالة "إجهاض الطفل". الزوجة لا تزال صامتة مستمعة كأنها نسيت الكلام وهي المرأة التي تتمتع بكل مميزات الزوجة الجميلة المثقفة والمجاملة. "حنين" تتوقف لوهلة تنظر إلى زوجها القادم من حديقة الدار ويسألها من الذي اتصل ولماذا هي أنتِ صامتة؟
نظر إلى جهاز الموبايل وعلم أن المتصل كانت زوجته وليست صديقه أبو مصطفى كما سجله في قائمة الأسماء، يتصل بالزوجة الثانية ويسألها ما الذي حدث، حنين لا تزال جالسة على حافة السرير القديم الذي لم توافق على تغييره طوال 17 عاما مضت ورضيت أن تعيش في غرفة صغيرة مع عائلة حبيبها وزميلها في الجامعة، مرت أمام عينيها 4 سنوات من الحب الجامعي، الزوج يخرج مسرعاً تاركاً كل شيء وراءه يبحث عن إجابة لسؤال واحد لماذا تزوجت من امرأة أخرى؟
تعدد الزواج والمحاكم
حكاية من آلاف الحكايات تشهدها المحاكم العراقية يومياً متنوعة ومختلفة، متمثلة بين الزواج والطلاق ، وسجلات المحاكم المدنية أصبحت ممتلئة، والقضاة يطلبون من الأزواج التروي في اخذ القرارات إن كانت تخص الطلاق أو الزواج من امرأة أخرى، فقصة الزوجة "حنين" نموذج واحد شهدناه في محكمة بداءة الأعظمية جاءت مع ابنتها تطلب الطلاق وتتهم زوجها بالخيانة والتزوير وعدم تطبيق القانون بأخذ رأيها بزواجه الثاني بعد زواج دام 17 عاماً، برره الزوج برغبته في إنجاب ولد يحمل اسمه وحبه لزوجته منعه من إعلان زواجه الثاني كما يدعي .

ماذا قال
ديوان الوقف الشيعي؟
رئيس ديوان الوقف الشيعي الدكتور صالح الحيدري اوضح في تصريح لـ(المدى): من حق الرجل الزواج بأكثر من امرأة واحدة على أن يعدل وان تكون الزوجة موافقة على ذلك ويعطيها فرصة الاختيار بين القبول والرفض والزواج من أرملة يمكن تسميته شرعاً "ثواب" شرط العدل والمساواة واخذ موافقة الزوجة فهناك زوجات يطلبن من أزواجهن الزواج بامرأة أخرى، خصوصا إذا وجدت نفسها غير قادرة على القيام بواجباتها بشكل كامل. وأضاف الحيدري في حديثه قائلاً: يجب ان لا ننسى أن البيئة ايضاً لها تأثير على تعدد الزوجات إضافة الى الشريعة حيث في بعض المناطق الريفية الزوجة تقول لزوجها لا استطيع القيام بالعمل الزراعي لوحدي تزوج من أخرى لتساعدنا. هذا الامر بالحقيقة متروك للزوج والزوجة. وتعدد الزوجات حلال شرعا فما الضير في تطبيقه على الأرامل اولاً وتشجيع الشباب على الزواج بهن .
رأي ديوان الوقف السني؟
أما الدكتور محمود الصميدعي نائب رئيس ديوان الوقف السني فقال في تصريح لـ(المدى): من حق الرجال تعدد الزوجات والشريعة الإسلامية سمحت له بذلك شرط أن تتوفر شروط العدالة المتمثلة "بالإسكان والعشرة وتوفير متطلبات الحياة المختلفة"، واكد الصميدعي في حديثه قائلا: من حق الزوج الزواج شرط أن لا يوثر زواجه على بيته وزواجه الثاني أو الثالث، فالآية القرآنية تقول {انكحوا ما طاب  لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع أو ما ملكت أيمانكم وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة} الآية صريحة وواضحة، العدل أساس لتنفيذ الزواج وتعدده، شرط ان لا  تكون الزوجة ضحية ولا يمكن إتمام الزواج الا بعد اخذ موافقة الزوجة الأولى، الثانية أو الثالثة، والتفاهم معها ولا يجوز الزواج مرة أخرى إذا لم يؤخذ رأي الزوجة. والظروف الحالية للبلد ووجود أرامل  بأعداد كبيرة وتشجيع الزواج بهن لا ضير فيه، على أن يعدل.
وزارة العمل لا تشجع !
الدكتورة عبير الجلبي مدير هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أكدت في تصريح لـ(المدى) قائلة: لا يمكن تفسير الشرعية الإسلامية في تعدد الزوجات بتدمير بيت على حساب بناء بيت أخر، ولا يمكن للمرأة قبول زواج زوجها بامرأة أخرى ومن حقها أن ترفض وتنتفض لكرامتها مثلما لا يسمح الرجل بان ينظر أي شخص لزوجته هي أيضا ترفض مشاركتها في بيتها وزوجها. وحتى الأرامل لا يسمح لهن بقبول الزواج من رجل متزوج وليصدر قانون يشجع الشباب على الارتباط بالأرامل، هناك زيجات تبنى على أساس الطمع والرغبة فقط من قبل الرجال وعندما تكتشف الزوجة الأولى والثانية نية الزوجة يصبح لدينا مطلقة وأرملة، وتستدرك الجلبي في حديثها قائلة: المرأة التي تصون وتحافظ على نفسها لا تحتاج إلى زوجة أخرى، واقصد بذلك الأرملة تزوجت وأخذت حظها من الحياة فلا يحق لها مزاحمة امرأة أخرى بذريعة الحفاظ عليها من كلام الناس. وأوضحت الجلبي في حديثها قائلة : ان ما يخص عدد الأرامل وفق إحصائيات لا يمكن تحديدها حتى لو كانت وفق أرقام وزارة التخطيط  وهذا الأمر واضح ومعلوم  للجميع أسبابه ،ولا تكون النسبة واضحة وحقيقية إلا بعد إجراء التعداد السكاني.

مفارقة..
الغرب يطالب بالتعدد!!
في عام 1949م تقدم أهالي "بون" عاصمة ألمانيا الاتحادية بطلب إلى السلطات المختصـة يطلبون فيه أن يُنـَص في الدستور الألماني على إباحة تعـدد الزوجات.
وكانت صحف أجنبية ذكرت العام الماضي أن الحكومة الألمانية أرسلت إلى مشيخة الأزهـر تطلب منهم نظام تعدد الزوجات في الإسلام؛ لأنها تفكر في الاستفادة منه في حـل مشكلة زيادة النساء، ثم أتبع ذلك وصول  وفـد من علماء الألمان اتصلوا بشيخ الأزهر لهذه الغاية، كما التحقت بعض الألمانيات المسلمات بالأزهر لتطلع بنفسها على أحكام الإسلام في موضوع المرأة عامة وتعدد الزوجات خاصة..
ويذكر ان مؤتمراً للشباب العـالمي عقـد في "ميونخ" بألمانيـا عام 1948م  واشترك فيه بعض الدارسين المسلمين من البلاد العربية، وكان من لجانه لجنة تبحث مشكلة زيادة عدد النساء في ألمانيا أضعافاً مضاعفة عن عدد الرجال بعـد الحرب العالمية وقد استعرضت مختلف الحلول لهذه المشكلة ، تقـدم الأعضاء في هـذه اللجنة باقتراح إباحـة تعدد الزوجات ، وقوبل هذا الرأي أولاً بشيء من الدهشة والاشمئزاز، ولكن أعضاء  اللجنة اشتركوا جميعـاً في مناقشته فتبين بعـد البحث الطويل أنه لا حل غيره، وكانت النتيجة أن أقـرت اللجنة  توصية المؤتمر بالمطالبة بإباحة تعدد الزوجات لحل المشكلة .
.. وللقانون رأي
يرى القاضي الشرعي  كمال حسين في محكمة بداءة الأعظمية  وحسب  تصريحه لـ(المدى): الحروب خلفت أرامل والظروف الاجتماعية وعدم التوازن في الاختيار والتجانس بين الزوج والزوجة خلفت الطلاق، وبكل الأحوال أنا أمثلها بأنها خارجة عن إرادة المرأة، فالزوجة الأولى لا تقبل أن تكون لها "ظرة" وبعض النساء قمن برفع دعاوى قضائية ضد أزواجهن من اجل حبسهم لعدم اخذ موافقتهن على الزواج مرة ثانية او ثالثة، فهناك رجل تزوج 7 مرات ولم تكتشف زوجته الأولى ذلك الا بعد ان توفي، واشار حسين في حديثه قائلا: حقيقة ليكون تشجيع الشباب غير المتزوج على الزواج من الأرامل وفق نظام دستوري منظم وحوافز مادية، لحثهم على ذلك وان يبتعد الرجال المتزوجون عن تعدد الزوجات من اجل تحقيق منفعة مادية مثلاً الأرملة ورثت أملاكا ومالا فيتزوجها أو لمجرد رغبة عابرة تجعل الأرملة مطلقة أيضاً، ويخسر بيته الأول وهكذا يستمر الحال والمشاكل وبكل الأحوال ينصّ قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، على وجوب حصول الرجل على موافقة قاض ليتمكن من الزواج مرة ثانية..

انتفضت وقالت:"لا أريد شريكة معي"
في داخل أروقة المحكمة سمعنا أصوات نسوة يطلقن الزغاريد معلنات عن زواج الأرملة سرى البالغة من العمر 21 عاما من رجل طلق زوجته الأولى قبل أسبوع من زواجه الثاني، سرى قالت أنا ما زلت صغيرة ومن حقي العيش بسلام ولم أنجب أطفالاً من زوجي الأول الذي قتل في انفجار عبوة ناسفة في منطقة كسرة وعطش لهذا طلبت من الرجل الذي تقدم للزواج مني أن يطلق زوجته الأولى وهو قبل بذلك، فزوجته كبيرة وموظفة وهي تستطيع إعالة أولادها الثلاث! الزوج المدعو إبراهيم والبالغ من العمر العقد الرابع كان سعيدا بهذا الزواج ولم يأبه لكل ما خلفه من دمار لعائلته الأولى.
حرقت زوجها وهو نائم!
أما حكاية رسل الشابة التي قامت بحرق زوجها وهو نائم بعد أن اكتشفت انه متزوج من امرأة أخرى كانت جارتها وصديقتها، قصتها أسردتها لنا الباحثة الاجتماعية بتول منصور في محكمة بداءة بغداد الجديدة حيث قالت: رسل كانت شابة في العقد الثاني جاءت إلى المحكمة تطلب الطلاق من زوجها وتصطحب معها ولديها ، وزوجها يعمل في سوق بغداد الجديدة الشعبي حيث يملك بسطية لبيع ملابس الأطفال. الزوج يرفض وعندما عاد الى البيت قام بضربها بعنف وتشويه جسدها ومحاسبتها لطلبها الطلاق، ومن حقه الزواج حسب قوله كيفما يشاء! رسل الزوجة أرادت أن تثأر لكرامتها وجسدها فسكبت عليه النفط ليلاً وأشعلت النار به وحرقت جسده ولولا استيقاظه بسرعة وإنقاذ نفسه لما استطاع العيش، وجاء بعد ذلك بنفسه إلى المحكمة وطلقها واتهمها بالجنون، وقال تزوجت من امرأة ثانية لديها المال فهي موظفة وكبيرة في السن وراتبها يساوي ما احصل عليه من عملي لشهرين متتالين.
الرأي الاجتماعي "كارثة"
يقول الباحث الاجتماعي عبد الرحمن عبد الزهرة الأستاذ في جامعة بغداد في تصريح لـ(المدى): ظاهرة تعدد الزوجات ورفضها وقبولها ولدت نوعا من الصراع الاجتماعي والنفسي حيث يظن البعض أن الامر متعلق بالرجال فقط، متناسين دور المرأة إن كانت أرملة أو عانس بمعنى اكثر وضوحاً تجاوزها مرحلة الشباب كما يمكن وصفها، هناك نساء هن الآن يطلبن من بعض الرجال الزواج ،مقابل حصولهم على المال والبيت هذا يكون بدافع نفسي يعطي  إحساسا للمرأة بوجود رجل يجعلها تواجه كلام  أسرتها والناس، وهذا اجتماعيا موجود لدينا إذا كبرت المرأة يزداد الكلام عنها وتحاط بقيود وإذا ترملت أصبحت في سرب الأرامل وان تكون جليسة البيت وتلتحق بسرب نساء البكاء الصامت، لكن مسألة تعدد الزوجات فكرة مرفوضة نفسيا واجتماعيا وتولد مشاكل لا يمكن حلها وبكل صراحة تعدد الزوجات زاد من أعداد المطلقات في العراق فكيف يمكن سن قانون، الأمر يصبح كارثة آنذاك.
بلد المليون أرملة
عام 2005 أصدرت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي إحصائية قالت فيها إن «عدد الأرامل في البلاد يبلغ نحو مليون أرملة». إلا أن الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال لم تنتبه لمعاناتهن، إذ أن 83 ألف أرملة فقط من هذا العدد المرعب يتسلمن راتب الحماية الاجتماعية البالغ 65 ألف دينار عراقي (نحو 50 دولاراً)، ما يجعلهن تحت خط الفقر، إذ لا يسدُّ هذا المبلغ مجرد احتياجاتهن الغذائية، فما بالك بالاحتياجات الإنسانية الأخرى.
وبالرغم من تسارع أحداث العنف في عام 2005 وما تلا ذلك، ومنها الاقتتال الطائفي وتمدّد تنظيم القاعدة، إلا أن الإحصائيَّة الرسميَّة للحكومة المتمثلة  بوزارة المرأة في حزيران/ يونيو 2011، إن هناك أكثر من مليون أرملة في البلاد، وهو ذات العدد الذي أوردته إحصائية وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عام 2005، فيما بين بحث الدكتورة كاترين ميخائيل الذي أعدَّته لـ«مكتب الأمم المتَّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» في جنيف والذي تؤكد فيه أن «90 إلى 100 امرأة عراقية يترملن كل يوم نتيجة أعمال القتل والعنف الطائفي والجريمة المنظمة في العراق».


المدى-بغداد/ إيناس طارق..

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced