مواشي العراق ترعى في المدن وبلاستيك في أمعاء الذبائح
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 09-11-2012
 
   
لم يجد عبد الله سوى ساحات الاسواق في مدينة كربلاء ليرعى فيها اغنامه، بعدما تعذر عليه تأمين مرعى مناسب لها بسبب انحسار المراعي الخضراء، وهو يراقب ماشيته ممتطيًا حماره، يرشدها إلى أماكن القمامة، ويبحث لها عن تجمعات قمامة لم يصلها راع قبله.

مشهد عبد الله مع اغنامه جزء من ظاهرة التربية البيتية للأغنام، بعيدًا عن الاماكن المخصصة للرعي. ويرجع عبد الله اسباب انتشار المواشي في ساحات المدن إلى ندرة المناطق المعْشِبة، حتى في البساتين القريبة التي تحولت إلى اراض ملحية في الكثير من المناطق. وهو يفضل أن ترعى اغنامه القمامة على الذهاب إلى المناطق الزراعية، نظرا لما تحتويه هضاب القمامة من بقايا غذائية، لا سيما في الساحات القريبة من اسواق الخضراوات، "كما يشكل الرعي في الأماكن المُعْشِبة مجازفة كبيرة، اذا ما عرف اصحابها ذلك"، كما يقول.

المنظر المألوف
حي الغدير في كربلاء من الأحياء المثيرة للجدل في هذا الخصوص، حيث يمتلئ المكان برائحة المواشي التي تسرح فيه، وتختلط بروائح الدم واللحوم وأشلاء الحيوانات، إذ يجري الذبح العشوائي ايضًا في مناطق جمع القمامة في هذا الحي.

ولا تقتصر الظاهرة على المدن في الوسط والجنوب العراقيين، بل تشمل العاصمة بغداد ايضًا، حيث اصبحت الرعاية العشوائية للمواشي مثار سخط وغضب السكان الذين يعجزون عن لجم هذه الظاهرة. ففي مدينة الصدر في بغداد، صار منظر رعي الاغنام في الشوارع الرئيسية والفرعية مألوفًا. ويقول سعد صالح، أحد سكان المنطقة، إن الساحة القريبة من بيته تمتلئ يوميًا بالأغنام، يتركها اصحابها لتلتهم بقايا الطعام الفاسد وأكياس النايلون.

ويقول حسين كامل من مدينة الصدر: "الظاهرة يعرفها الجميع، وبالرغم من الشكاوى المستمرة، لم تعالج الجهات المعنية الامر، بل ازدادت الظاهرة تفشيًا بشكل كبير جدًا". ويقول عامل النظافة سعد المولى انه يعمل في بعض الاحيان على تنظيف المكان وجمع القمامة، بينما ترعى الاغنام والأبقار إلى جانبه.

نقص المراعي
يلقي احمد حسن، الذي يمتلك بقاليةً في سوق الحلة، مسؤولية تفشي هذه الظاهرة على السلطات البلدية، التي لم تنجح في لجمها. ويتابع: "الجهات المعنية منعت ذلك، وفرضت عقوبات على اصحاب المواشي، لكن الامر بقي على سوئه".
يرى المهندس الزراعي فوزي الخفاجي ان المسالة تتعلق بنقص توافر المراعي، "فأغلب اصحاب المواشي يعانون هذا النقص، وعلى الجهات المعنية، وبينها وزارة الزراعة، المبادرة إلى وضع الخطط الكفيلة بدعم اصحاب المواشي عبر توفير مراع آمنة لهم".

ويرى الخفاجي ان القانون حدد أماكن تربية الأغنام، وهي المناطق الزراعية، لكن المشكلة تكمن في انحسارها بسبب تجريف البساتين وتحويلها إلى مناطق سكنية، اضافة إلى التصحر الذي ادى إلى انعزال المناطق المزروعة.

ويضيف: "الثروة الحيوانية في العراق في ازمة، والرعاة والفلاحون يهجرون القرى إلى المدن مع اغنامهم ومواشيهم، فتنقض على الأشجار في الشوارع، وتتغذى على الشجيرات التي تزرعها البلديات في الساحات، ما يؤدي إلى موتها أيضًا".

هزال الماشية وتلوث البيئة
يشير ابو حامد (55 سنة) إلى ان رعيه أغنامه في اسواق مدينة الحسينية بمحافظة كربلاء "أدى إلى إصابتها بالهزال والأمراض بسبب اكلها بقايا الاطعمة المتفسخة وأكياس البلاستك والخشب والاحجار من القمامة، ونفق منها الكثير بسبب اصابتها بالتسمم او التخمة".

ويشير ابو حامد إلى أن القصابين يصادفون أحيانًا قطعًا بلاستيكية وبقايا صلدة في جوف البقرة أو رأس الغنم عند ذبحه. لكن ما يثير الخوف في الكثير من الحالات هو قيام فتيان صغار وفتيات صغيرات برعاية المواشي في اسواق المدن، ومنهم الفتاة صبيحة كاظم (12 سنة). فهؤلاء لا يقدرون على السيطرة على مواشيهم لصغر سنهم أولًا، ولعدم اكتفائهم بالرعي ليقوموا بحمل الاكياس لجمع العبوات البلاستيكية والزجاجية لبيعها في اسواق الخردة.

ويشير المهندس البلدي عامر عبد الله إلى الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة على المجتمع البيئي، كتلوث البيئة بشكل عام وتأثير ذلك على صحة الانسان والحيوان معًا، مؤكدًا أن وزارة البيئة طالبت الدوائر البلدية الاسبوع الماضي بوضع حد لظاهرة رعي المواشي في المدن، ومحاربة ظاهرة الذبح العشوائي.

ويوضح عامر ان اغلب الذين يرعون المواشي في المدن هم من الطبقة الفقيرة، التي تعتبر الاغنام مصدر عيش رئيسي لها، كما انهم في الغالب ليسوا رعاة حقيقيين. ويتابع: "يعيشون في الغالب في اطراف المدن وبعضهم ممن سكن تجاوزًا على اراضي وممتلكات الدولة".

وسيم باسم

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced