ذكريات صيفية ( عندما يداهمك الحنين تتفتح أبواب الذكريات )
بقلم : سناء صالح
العودة الى صفحة المقالات

في صيف هولندا حينما تشرق الشمس وترتفع درجات الحرارة يعتدل المزاج فتشرق الوجوه, ويتحول التجهم الى ابتسامات ,تكون الأجواء احتفالية ,يخرج الجميع فتكتظ البلاجات والأسواق والمقاهي ومحلات الأكل السريع والمرطبات , أما الحدائق العامة فتزدحم ويتحلق الكثيرون وغالبيتهم من المهاجرين حول موائد عامرة مما لذ وطاب وتعبق في الجو روائح الشواء اللذيذة فالصيف وارتفاع درجة الحرارة وشروق الشمس فرصة عزيزة لاتعوض وأيام نادرة لهزم الكآبة من سماء رمادية على مدار العام وبرودة قاتلة تجعلك تلازم البيت وتتسمر أمام جهاز التلفزيون أو الكومبيوتر.

وأنا أعيش وسط هذه الأعياد يعترضني ويكدر إحساسي واستمتاعي حزن عميق على الوطن والأهل لاسيما وأنا أتابع ماتتعرض له مدننا من عواصف ترابية والتي هي أيضا لها ضحاياها كالإرهاب.وصور لأطفال شفاههم متيبسة من العطش والأرض المتشققة من الظمأ ناهيك عن الأخبار المؤلمة عن طاحونة الموت, طردت هذه الصورة القاتمة من ذهني واستخرجت الصورة التي أريدها عن عراق أحتفظ به في مخيلتي ذكريات عزيزة, عن أيام وليال صيفية فمراء , أيام الطفولة والصبا ,ليالي الصيف ونهاراته الشارع المسفلت المثقب بأحذية النساء (الكعب العالي) الى الزقاق الضيق و البيت الشرقي المغطى بالجادر وقاية من الشمس , الى الأرضية المكسوة بالطابوق , الى الثلاجة الخشبية والماء البارد وفاكهة كربلاء , الى ساعات الظهر وطبق البامية المحبب ورائحة التمن العنبر وسلة الخضروات المشكلة والخبز التجاري ولبن الخضيض , ساعات القيلولة التي كان علينا أن نتظاهر بالنوم خلالها, الى السرداب الذي كان غالبا ما يضمنا بضحكاتنا وحفلاتنا الغنائية, الى الساعة الرابعة موعد تجمعنا حول الشاي المهيل والجبن والرقي أو مانسميه(العصرونية). الى السطح المغسول والمرشوش والأسرة الحديدية والأغطية البيضاء ,الفراش البارد وصراع الأخوات فيمن عليها واجب الرش و الفرش, الى السماء الصافية المرصعة بالنجوم وكيف كنا نبحلق فيها ونتابعها , الى القمر المنير .الى أحلام كانت بسيطة ولكنها جميلة ملونة مشرقة كسماء العراق وشمسه. الى الطيارات الورقية والفنار , الى الأحاديث مع الأتراب وارتقاء الجدران العالية (الستارة ). صديقتي التي تزوجت مبكرا وكيف كان يحلو لي مع بقية صديقاتي زيارتها وطيف الابتسامة ونحن نتابعها بأعيننا ترفل بملابس نوم شفافة للعرائس فقط.طافت بي ذكرياتي شارع النهر وسوق السراي, وكورنيش الأعظمية والى سينما الخيام والنصر الى الكيت كات وعموالياس الى شربت الرمان في شارع أبي نواس والى النسمات العليلة لدجلة الخير,

وفي عودتي الأولى بعد غربة طويلة كنت ملهوفة لأبحث عن مرابع طفولتي وصباي وشبابي ,فلم أجد منه شيئا لقد أتت عليه نيران الحروب والفرقة والتخلف أما سنوات عمري فقد انفرطت وتبددت على أرض الغربة .

طويت صفحة الذكريات بحسرة لأتابع الواقع المؤلم ,موت يومي يتربص , مزادات للمبادئ والشعارات , لصوص يتمترسون وراء الشرعية.

  كتب بتأريخ :  السبت 15-08-2009     عدد القراء :  2852       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced