أبارك واهنئ هذه الإستقالة الجريئة للسيدة نوال السامرائي وزيرة المرأة العراقية ( كتبتها وزيرة لكي لا تتحرر هذه الكلمة من دون سواها من تبعية التاء المربوطة، حيث كلمة وزير كمنصب تشمل المذكر والمؤنث)، هذه الإستقالة هي صرخة الإحتجاج المتحضر ، في وطن تكالبت عليه الويلات من كل حدب وصوب و نهشت جسده الحروب والإنظمة البائدة وما بعد التحلال الملوث ( التحلال ،هذه المفردة دمج لمقطعي تحرير واحتلال استنبطتها سخرية لتكون منصفة بين دعاة التحرير وغلاة الاحتلال ) تاركة عليه بصمات ثقيلة من الوجع ،وعلامات إستفهام عن مصير أرقام مليونية من النسوة الأرامل حتى استحق العراق وبجدارة أن يسمى جمهورية الأرامل والأيتام ، ناهيك عن العاطلات عن العمل والأميات والمطلقات والنواشز والمغضوب عليهن ووو... كل هذه المسميات من الطاقات البشرية الخلاقة التي تربي المجتمع وتكمل نصفه ونصف دينه (زواج الرجل أكمال لنصف الدين ) لا ترى من يؤمن بحقها في المساواة إلا ضمن ضوابط يشترك بها الرجل وشريعة السماء معاً وقد قبل معظمهن ذلك بغبطة وسرور!!
لنسأل أنفسنا ما الذي حدا بالسيدة الوزيرة إتخاذ هكذا قرار مقابل طوابير من أسماء الوزراء والدرجات الوظيفية العالية ممن يتوجب عليهم الإقالة والإستقالة ولكنهم لن يفعلوها أبدا حيث المغريات المادية والإستنفاع أكبر من مصداقية الضمير في وطن أضحى حب مواطنه العذري له يُعتبر ضربا من ضروب الغباء لا الإيمان ( حب الوطن من الإيمان / حديث نبوي شريف)، ولا قيمة لهذا الحب إذا لم تتأبطه مآرب ذاتية تتحقق بصفقات وعقود مختلفة الأشكال والصنوف. وما سر هذا الخفوت الإعلامي لهذه الإستقالة ؟ أين جمعيات النساء العراقية ومنظماتها التي تملأ الأرض عرضاً وطولا !!!! لماذا لم يتم إرسال برقيات تضامنية أو حتى كلمات متقاطعة إحتجاجا لما حصل ؟ هل استقالت السيدة الوزيرة لأنها رأت نفسها في وزارة فقدت أكتافها ولم تعرف بها طريقا للمنفعة وهنا بات لا مجال للتفكير بمقولة من أين تؤكل الكتف ! أم أنها استقالت حين وجدت وزارتها قد إحتلت صفر على الشمال من تسلسل أرقام الوزارات العراقية ، وما أكثرها من وزارات غير فاعلة ! وماذا سيعني يا سيدتي الوزيرة إذا لم تكن هناك مكاتب للمرأة في محافظات القطر فلقد أوجدوا بدلها مراكز نسوية تفي احتياجاتهم ، متقنعة بأقنعة تعتمد على الثقافة المذهبية والطائفية وتحفيظ الزيارات وتعليم طرائق الاغتسال وما شاكل ذلك من الأمور البعيدة عن المعرفة والعلم سيما أن جل النساء أميات ولا أعني أميات بألف باء القراءة ولكن أميات بحقوقهن وواجباتهن الشرعية قبل كل شيئ حتى ، وأميات بالثورة المعلوماتية والتقنية التي تجتاح الكون بأكمله ، ولا يراد لهن إلا أن يكن نسوة ملزمات بتحمل أعباء الحياة وثقلها بأفواه صامتة .
هل هناك إحصائيات دقيقة عن عدد المراكز الطبية التي تعتني بصحة المرأة والطفل ؟ ولو أنه في وطن كالعراق لا حاجة لذلك حيث تحل الشفاعات والبركات من كل حدب وصوب ، متناسين الزامية التثقيف الوقائي من سرطانات الثدي والرحم ومبادئ الإستدلال الأولي عليهم حيث الفحوصات المتخصصه ( الميموغرافيا) التي تخضع لها دوريا كل نساء البلدان المتطورة التي تحرص على سلامة المرأة ، يضاف إلى ذلك أنواع متقدمة من فحوصات الحوامل والأجنة سيعاً لخلق إنسان خالي من الاعاقات والتشوهات قدر المستطاع ، ونحن في بلادنا (ولله الحمد على هذا البلاء) أصبحت الولادات المشوهة حالة عادية جداً في العقدين الأخيرين من تاريخ العراق لتبقى وصمة عار على جبين الإنسانية حيث اليورانيوم المنضب والأسلحة التي تأثر بها أناس أبرياء .
لماذا لم تفكرالدولة بمد يد العون لوزارة المرأة والتنسيق معها بعمل جاد يتكافئ مع طموحات هذه الوزارة ، من أجل انتشال هذا الكم المهول من النساء من براثن المرض والعوز والحرمان والعنف على اختلاف مصادره وذلك بتوفير فرص عيش كريم لهن ولعوائلهن ، والحقيقة التي لا يمكن الصمت عنها هي أن أية إنتهاكات ومن دون تحديد و أمراض تتعرض لها المرأة العراقية هي مسؤولية الدولة العراقية لا غيرها ، وطالما هناك من يسعى الى بناء دولة قانون فلابد ان يضع بحسبانه احترام الدور الذي تريد ان تلعبه وزارة المرأة من أجل عراق لا تهان فيه كرامة أم / بنت/ أخت/ زوجة/ وحبيبة .
وأخيرا ًأود القول إنه في زيارةالسيد المالكي نهاية آيار 2008 كان ضمن الوفد نساء برلمانيات ووزيرات وقد وقفت يومها محاولة الحديث مع وزيرة قدمت نفسها(...) ولم تكن سوى دقائق تحينتُ خلالها الفرصة للحديث عن المرأة والعراق ولكنني وجدتني أسحب الكلام من فمها سحبا فغادرتها على مضض وبداخلي صوت يقول لم أسمع صوتك أيتها السيدة الوزيرة فكيف للآخرين أن يسمعوه ؟
كتب بتأريخ : الأربعاء 04-02-2009
عدد القراء : 3539
عدد التعليقات : 0