شارك في الانتخابات البرلمانية العراقية لعراقيي الخارج التي جرت في نيسان 2014 العشرات من منظمات المجتمع المدني كداعمين وموظفين ومراقبين واعلاميين من اجل انجاح العملية الانتخابية ودفع العراق خطوة اخرى نحو مجتمع مدني ديمقراطي. وساهمت مؤسسات الجاليات العراقية في الخارج بهذا الجهد. وبالرغم من العقبات التي وضعتها المفوضية امام ناخبي الخارج والاشكالات التي حدثت بسبب الوثائق وضعف الاعلام والتهيئة والتوظيف، الا أن هذه المؤسسات والمنظمات تستحق الشكر والثناء على مجهودها لإنجاح الانتخابات، وحث عراقيي الخارج للمشاركة كل حسب جهده وامكانيته.
وكان من بين هذه التجمعات والمنظمات الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الامريكية والذي شارك زميلاته وزملائه بالانتخابات البرلمانية داعما للقوائم المدنية الديمقراطية العابرة للمحاصصة الطائفية والاثنية وبهدف تخليص العراق من الفساد والارهاب والتقسيم وتدخل دول الجوار.
وهذه المنظمة "الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الامريكية" هي بالفعل ظاهرة عراقية اصيلة تستحق التوقف والدراسة. فقد جرى تأسيس الاتحاد قبل اربعة وثلاثون عاما وهذا ما يضع الاتحاد حسب اعتقادي في المرتبة الاولى بين منظمات المجتمع المدني العراقية في المهاجر من حيث العمر واستمرارية العطاء وعدم الانقطاع.
فقبل ثلاثة وثلاثين عاما وبالتحديد في 15 اَيار 1980 عقدت مجموعة من الديمقراطيين العراقيين في مشيكان اجتماعا وشكلت تنظيما باسم رابطة التقدميين الديمقراطيين العراقيين والذي تحول لاحقا الى الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأمريكية (ا.د.ع).
وقد تشكل هذا التنظيم في حينها لجمع شمل الجالية العراقية ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق وللرد على الانتهاكات المستمرة لتلك الحقوق. وكان للاتحاد وليومنا هذا هدفان اساسيان. الاول, مساندة تطلعات الشعب العراقي من اجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومن اجل اقامة نظام فدرالي تعددي موحد, يدعم حقوق كل مكونات الشعب العراقي ويرفض كل اشكال التعصب الطائفي والقومي. والثاني, رفع شأن الجالية العراقية من خلال التعاون والتنسيق بين مؤسساتها وزيادة اواصرها مع الوطن والحفاظ على الهوية الوطنية العراقية، واغناء الثقافة والتراث العراقي ورفع القيود عن الفكر والابداع.
ومنذ تأســيسـه عمل الاتحاد على ان يكون صورة للعراق في تكويناته القومية والدينية والعرقية المتآخية. وقد كانت جاليتنا العراقية هي الحاضنة والداعمة والمؤازرة لهذا الاتحاد, فأين ما وجدت الجالية على أرض المهجرين الأمريكي والكندي وجد الاتحاد ونشطت فروعه في برامج عمل متواصلة ومتكاملة, وقد كان من الطبيعي ان يكون مركز الاتحاد في ولاية مشيكان لحجم الجالية الكبير هنا, والذي انعكس على الكم الهائل لنشاطاته وفعالياته, واضاف الى هذا الزخم الدور الكبير الذي لعبته فروع الاتحاد في كاليفورنيا وشيكاغو وأريزونا ونيويورك وفي الكثير من الولايات الأخرى والتي تنشط فيها ركائز الاتحاد وفي كندا قبل أن يستقل فرع الاتحاد هناك عام 1996.
واستضاف الاتحاد الديمقراطي العراقي ومنذ تأسيسه العشرات من الشـخصيات السياسية والثقافية من مختلف الاتجاهات من الباحثين والسياسيين وممثلي الاحزاب السياسية العراقية والناشطين في الشأن العراقي. ودَعم الاتحاد التطلعات الديمقراطية في العملية السياسية في العراق, وشارك في دعم وتنظيم الانتخابات لعراقي الخارج في 2005 و 2010 و 2014. واقام العديد من المؤتمرات والنشاطات لدعم الشعب العراقي في تطلعاته المدنية الديمقراطية.
وقد عمل الاتحاد على تفعيل وإبراز النشاطات الأدبية والفنية واحتضان القابليات والمواهب لأبناء الجالية وذلك من خلال عشرات الأنشطة والفعاليات, فأقام العديد من الندوات واللقاءات والمهرجانات الأدبية والفنية وأستضاف العديد من الرموز الثقافية والأدبية والفنية من خارج أمريكا وداخلها وعشرات من الفنانين والشعراء والمبدعين، ودعم المؤسسات الثقافية العاملة في هذا المهجر.
وانطلاقا من أهدافه المتعلقة بالعمل الإعلامي والثقافي عمل الاتحاد على إصدار مطبوعاته الصحفية (صـوت الاحرار وصوت الاتحاد) والتي صــدرت لحوالي عشرين عاما. وأقام العديد من الندوات والنشاطات الثقافية والفكرية والفنية وساهم ودعم بشكل كبير النشـاطات الثقافية والمعرفية التي أقامتها منظمات أخرى تعمل على الساحة الأمريكية، وكان للاتحاد دور مميز في العمل الإذاعي من خلال إذاعـة (صوت الرافدين). واصدر الاتحاد العشرات من المطبوعات والبيانات التي صدرت حول امور تخص العراق والجالية.
واسس الاتحاد موقعا الكترونيا خاصا به ( www.idu.net)، والذي اصبح اليوم من المواقع العراقية المهمة التي يتابعها العراقيون في الوطن وفي مناطق تواجدهم في انحاء العالم.
وقد كان الاتحاد ومنذ تأسيسه مؤمنا ونصيرا وداعما لحقوق المرأة, وتجسد ذلك عبر الكثير من النشاطات التي تبرز دور المرأة ونضالها من أجل حقوقها الكاملة، ووفر الاتحاد الفرص المتكافئة لزميلاتنا، والذين شاركن في كل النشاطات والفعاليات. وما احتفال الاتحاد السنوي بذكرى المرأة العراقية في عيدها العالمي إلا دليلا على حرصه على حقوقها.
واذ يقف زملاء الاتحاد اليوم على اعتاب مؤتمرهم الثالث عشر فهم ينظرون باعتزاز الى مؤتمرات الاتحاد السابقة كمحطات مضيئة من تاريخ الاتحاد والتي ساهمت في دفع مسيرة الاتحاد وتقوية عزيمته.
وتمر علينا اليوم الذكرى الرابعة والثلاثين لتأسيس الاتحاد الديمقراطي العراقي وشعبنا لازال يعاني صعوبات جمة يتخللها الإرهاب والفساد الإداري والبطالة وعدم الاستقرار وتمزق النسيج الاجتماعي. ونحن اليوم لانزال على مسافة بعيدة من احلال الامن والاستقرار الكامل في وطننا. فبدون حلول سياسية شاملة وكاملة وبدون حكومة ممثِلة لكل شرائح الشعب العراقي، وبدون القضاء على المحاصصة الطائفية والاثنية والحزبية، والحد من التدخل الاقليمي والاجنبي، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، وبدون الدفاع عن مكونات الشعب الدينية والقومية الصغيرة التي اصبحت مهددة بالزوال من بلدها الاصلي، فان الاستقرار والامن والتقدم يبقى املا من الصعب الوصول له. وسوف يستمر الاتحاد الديمقراطي العراقي في مسيرته بالعمل بنفس تلك الروحية التي دافع بها عن الشعب العراقي قبل سقوط النظام الدكتاتوري, وسوف يعمل بتلك الروحية والعزيمة من أجل مساندة الشعب العراقي من أجل عراق ديمقراطي فدرالي متحرر.
ان مسيرة الاتحاد الديمقراطي العراقي عبر 34 عاما من تأسيسه والتي اصر زملاء الاتحاد على استمرارها بدون انقطاع او تلكؤ بالرغم من كل الصعوبات التي مرت على جاليتنا وشعبنا طيلة هذه السنوات وبدون اي تمويل او دعم مالي من اي جهة, تدل على خصوصية الاتحاد وعمل زملائه الدؤوب من اجل سند تطلعات شعبنا العراقي ورفع شأن جاليتنا العزيزة في هذا المهجر الامريكي الصعب. انها بحق مسيرة تستحق وقفة ودراسة وتوثيق.
وفي هذه المسيرة الطويلة لا يسعنا إلا أن نستذكر زملائنا الأعزاء الأوائل الذين غادرونا فلهم الذكر الطيب الدائم، ونحن سنستمر على العمل الدؤوب من اجل ان نرى وطننا وشعبنا ينعم بالأمان والحرية والديمقراطية وجاليتنا بالسعادة والرفاه.
لمشاهدة صور قديمة من نشاطات الاتحاد ، اضغط هنا