يحتل العيد مكانة مهمة في قلوب العراقيين فهو يحمل فرحة حقيقية وحبا للحياة رغم كل الصعاب، وتجديد علاقات التواصل والتآلف بين ابناء الشعب الواحد رغم تكالب قوى الشر التي ارادت له ان يغرق في دوامة التخلف. وفرحة العيد هذا العام استثنائية حيث يشهد البلد نوعا من الاستقرار الامني بعد ان اجتاز مرحلة عصيبة جدا بسبب تردي الوضع الامني وكثرة المفخخات والانفجارات فكانت الفرحة فرحتين, فرحتنا بالعيد وفرحتنا بالامان الذي فقدناه منذ وقت ليس بالقصير. الاستعدادات لمجيء العيد كثيرة مثل شراء الملابس واعداد لوازم البيت من ستائر وافرشة وتجهيز الطعام واعداد (الكليچة) أول أيام العيد يستيقظ الاطفال باكرا ليلبسوا ثياب العيد ويطلبوا العيدية ثم يجتمع بعض كبار رجال المحلة ويقومون بمعايدة جيرانهم الآخرين في تقليد جميل يعيد روح الترابط والمودة بين ابناء المحلة الواحدة. كذلك يكون العيد عاملا مهما في ادامة العلاقات الاجتماعية التي تكون عادة بين الأقارب والأصدقاء حيث يكون اليوم الاول من العيد مخصصا لزيارة بيت العائلة الكبير وان كان بيت العائلة قد تحول الى بيوتات صغيرة فتتم زيارة الاخ الاكبر او الشخص الكبير في العائلة. وعندما تحدث خلافات بين الاقارب او الاصدقاء يكون العيد فرصة لاعادة تلك العلاقات وخلق نوع من المصالحة وهي مصالحة اجتماعية وليست مصالحة وطنية بالتأكيد! ونتيجة لاستقرار الوضع الامني فقد عادت اماكن التسلية والتنزه والمسارح تفتح ابوابها لاستقبال زائريها بعد انقضاء الأيام السوداء التي عصفت بالبلاد.
اصطحبت عائلتي الصغيرة الى متنزه الزوراء وفي الطريق كان شيئا جميلا ومفرحا منظر العوائل وهي تتوجه الى المتنزه بالآلاف وفرحة العيد بادية على وجوههم، فكنا نسمع اصوات الاهازيج والطبول على طول الطريق تعبيرا عن رغبة العراقيين بالفرح والمتعة بعد طول غياب وداخل المتنزه الذي كان عبارة عن واحة خضراء جميلة شهدت عرس عراقيا حقيقيا فقد توجه العراقيون بكل اطيافهم وباختلاف قومياتهم ومذاهبهم للبحث عن المتعة والتسلية فكانت لوحة جميلة عبرت عن انتماء العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم. فكان منظر العوائل العراقية وهي تفترش الخضرة وقد جلبت معها وجبة طعامها وخصوصا (الدولمة) وكانت الشيوخ والنساء والابتسامة على وجوههم وهم يتمنون كل الخير للعراق الحبيب. اما الاطفال فسعادتهم لا توصف فهم في مرح ولعب دائم ويتمنون ان لا ينقضي ذلك النهار ابدا. استوقفتني ثلاث فتيات جميلات وطلبن مني ان التقط لهن صورة تذكارية ومن حديثي معهن اكتشفت ان التعارف بينهن قد تم قبل لحظات قليلة وهذا هو طبع العراقيين فهم محبون للتواصل والالفة.
اما السيدة المسنة التي كانت تسير مستندة على عكازها فقد اخبرتني عن سبب مجيئها للمتنزه وهو رؤية العراقيين يفرحون بعد حزن طويل وتمنت ان يكون العراق وشعبه في عيد دائم وآمن وأمان.
ان تلك اللوحة الجميلة التي ضمت آلاف العراقيين بشيبهم وشبابهم وبغير سابق موعد وسابق معرفة هي تجسيد حي لـ"اتحاد الشعب" الذي يسعى الى الامل والفرح للعراقيين بغض النظر عن هويتهم. عش عزيزا ياعراق ولتكن (وطنا حرا وشعبا سعيدا) وكل عيد والعراقيون بألف خير.
كتب بتأريخ : الأحد 06-12-2009
عدد القراء : 2504
عدد التعليقات : 0