مع تزايد اعداد مواطنينا النازحين والمهجرين والهاربين من مناطق القتال وسيطرة عصابات داعش, والتى تعدت المليون حسب التقارير الرسمية, برزت مشكلة احتضان هؤلاء المواطنين وتوفير ابسط المستلزمات الحياتية من سكن مناسب ودعم لتسيير شؤونهم الآنية وغيرها من امور مهمة اخرى. لذا شكلت الحكومة لجنة متخصصة سميت باللجنة العليا لأغاثة اللاجئين يرأسها نائب رئيس الوزراء صالح المطلك, ثم تبعها مجلس النواب بتشكيل لجنة متابعة احوال اللاجئين. وجرى القيام ببعض الخطوات الأيجابية بأيجاد اماكن ايواء مؤقتة لأحتضانهم وتخصيص هبة المليون دينار. لكن ما قُدم, كما في اي شأن آخر في دولة المحاصصة, كان مجالاً للفساد وساهم في مفاقمة معاناة هؤلاء المواطنين وزيادة غربتهم مع امتلاء جيوب طفيليين يتصدرون واجهة الحكم.
وكأن هؤلاء اللآجئين كانوا ناقصين همّ. فأولى رشقات المطر, مع قدوم فصل الشتاء البارد, أغرقت خيام بعضهم وكشفت عن فضيحة فساد في التصرف بالاموال التي خصصتها الدولة لمساعدتهم, والتي قيل بأنها بلغت مليار دولار اي بما يعادل تريليون و 200 مليون دينار عراقي,ابطالها موظفون حكوميون. وهذا المبلغ كفيل بأنشاء مدن كاملة بمرافقها لأسكانهم لو كان في ايادي أمينة. ثم تبين بأن 30% من هذه العوائل المنكوبة لم تستلم هبة المليون دينارالتي خصصت لها .
وبدلاً من الألتفات الى الحاجات الآنية الملحة لهؤلاء المواطنين والبعد الأنساني في معاناتهم وفقدهم لكل ما يملكون وبعضهم فقد أعزاء لهم, انغمس بعض السياسيين في صراع يبدو في شكله من اجل كشف الفساد بينما هو في الجوهر صراع على المواقع. فقد اتهم النائب في مجلس النواب العراقي وعضو هيئة النزاهة فيه مشعان الجبوري اللجنة الحكومية لأغاثة اللاجئين ورئيسها صالح المطلك بأختلاس اموال المهجرين والهاربين من بطش داعش وطالب رئاسة مجلس النواب بأستجوابه وتعهد بالأستقالة عن عضويته النيابية فيما لو لم ينجح في اثبات فساد نائب رئيس الوزراء المطلك, لحيازته على أدلة دامغة تدينه.
وكان مجلس النواب قد صوّت يوم 1تشرين الثاني الجاري على حل لجنة المطلك وأحال ملفها الى لجنة النزاهة للتحقيق. ومن غير المعلوم بعد,هل أوجد المجلس آلية بديلة للجنة المطلك تقوم بأغاثة اللاجئين ام ان الأمر بقي معلقاً الى ان يأذن الله .
يحرز مشعان الجبوري الشخصية المثيرة للجدل, نجاحات واضحة في تأهيل نفسه سياسياً, بعد ان كان مناهضاً للعملية السياسية ومطارداً بتهمة دعم الأرهاب من خلال قناته الفضائية. لكنه ظهر فجأة مع سياسيين متنفذين في حزب الدعوة, ساعدوه في اسقاط التهم الموجهة له قضائياً بأرادة سامية عليا وزجه في مجلس النواب بمقعد تعويضي عن محافظة صلاح الدين, ربما مقابل تكفيره عن مواقفه السابقة بتقديم معلومات استخباراتية مهمة جعلتهم يتغاضون عن كل نشاطاته المعادية السابقة.
وقد قام اخيراً بتقديم قائمة بأسماء بعض مجرمي داعش ممن ارتكبوا مجزرة سبايكر المروعة, واعقبها بكشف ملف فساد لجنة المطلك, في مسعى منه لكسب الرضى الشعبي بعد ان كسب الرضى الرسمي.
وبذلك ومن خلال ما تقدم يبرز النائب مشعان الجبوري كبديل مناسب عن زميله في القائمة العربية صالح المطلك في اشغال اي مركز في الدولة لما قدمه من خدمات ملموسة مقارنة بنائب رئيس الوزراء صالح المطلك الذي لم يقدم شيئاً يذكر سوى الأنخراط المبكر في عملية التحاصص وقد استنفذ الغرض من وجوده.
ان اختلاس اموال المنكوبين كما الصراع على الكراسي في هذه الظروف الصعبة للبلاد وللمواطنين عموماً وللمهجرين والهاربين خصوصاً والذين ينتظرون حلولاً ناجعة وسريعة لمعاناتهم, هو طعنة فساد غادرة.
وكما قال المثل الشعبي العراقي: " فرهود يا مال المگرود " .