اثار اتفاق اربيل حول النفط بين وزير النفط في الحكومة الأتحادية عادل عبد المهدي ورئيس وزراء اقليم كردستان نيجيرفان بارازاني والذي سمي بالأتفاق المبدأي آراءاً متناقضة بين من يقول بأنها بداية جيدة لحلحلة الخلافات حول النفط بين الحكومة الأتحادية والاقليم وهي تدخل في اطار سياسة التهدئة التي شرع بها رئيس الوزراء حيدر العبادي وبين من عدّه كرماً حاتمياً غير مبرراً من حكومة العبادي ازاء الجشع الشايلوكي لحكومة الأقليم التي لم تدخل ديناراً واحداً للخزينة المركزية رغم استحواذها على موارد النفط المصدر دون اذن حكومي وعوائد الضرائب الكمركية والمنافذ الحدودية. ففي حساب بسيط للنقطة الأساسية لهذا الاتفاق, تكون الحكومة الأتحادية قد اشترت 150 ألف برميل نفط من ال350 الف برميل التي صرحت بأنتاجها رسمياً حكومة الأقليم ب 500 مليون دولار , وهو في ظل انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية , ثمناً باهضاً لصفقة سياسية يدفعها المواطن العراقي من قوته.
ان اعتبارالقوميين الاكراد وبعض بسطاء الكرد هذا الاتفاق انتصاراً, سابق لأوانه, فالأمر في حقيقته اكبر من فوز آني لهذا او خسارة لذاك, فسوء تقدير الامور والمطالب ذات السقف العالي لحكومة الأقليم وسياسة الأبتزاز والتهديد بالأستقلال واستغلال الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد, هي التي ستوقع السياسيين الأكراد في مطب أعد لهم من قبل حلفائهم في التحاصص والامريكان .
فالمفاوض الكردي المنتشي بالنصر, بالأتفاق المبدأي والغير مكتوب( كما قيل) سيجد نفسه امام استحقاقات كبيرة عليه ان يحققها اضافة الى قيمة ال 150 الف برميل من نفط كردستان المفترض تحويلها الى الخزينة المركزية. وان التفريط بمبادرة حسن النية للعبادي ستكون خسارة كبيرة للجميع وخصوصاً للأقليم وعليه ان يأخذ على محمل الجد مجموعة من المعطيات التي استجدت: فالوضع العام بعد التغيير الحكومي لم يعد كما هو قبله والترحيب العالمي والاقليمي بمجيء العبادي كان واسعاً. كما ان تقهقر عصابات داعش وكشفها عن المناطق المحيطة بالعاصمة واحراز انتصارات فعلية في قواطع العمليات تشير الى انحسار نفوذ هذه العصابات وامكانية الشروع بعملية البناء السلمي. ثم الأعلان الأمريكي الصريح بأنهم لايحبذون استقلال الأقليم , واشتراط الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على الأمريكان عدم دعم الطموحات الكردية في الاستقلال مقابل مشاركة بلاده في الحملة العالمية لمحاربة الارهاب. وزيادة الضغط الامريكي على حكومة الاقليم للكشف عن مهربي النفط من التجار الاكراد الذين يتعاملون مع ارهابيي داعش والذي تزامن مع نشر جهات شبه رسمية امريكية لقائمة من السياسيين العراقيين الذين اغتنوا بشكل فاحش بعد 2003, كان على رأسها مسؤولين كبار في الاقليم. وغير هذا وذاك من المعطيات, تراجع اسهم رموز نافذة في الاقليم بعد احداث سنجار الأليمة وتسليمها وسكانها من مواطنينا الأيزيديين الى عصابات داعش وتنامي نفوذ حزب ال ب ك ك الكردي التركي ووحدات حماية الشعب الكردية السورية بعد انقاذهما لأعداد كبيرة من العوائل المحاصرة في جبل سنجار من براثن عصابات الدولة الاسلامية. كل هذه المعطيات تستدعي من المفاوض والسياسي الكردي التحسب في اتخاذ قراراته وتوخي الحذر من مخططات الآخرين ومن مطامعه الذاتية.
ثروات العراق هي ملك لكل مواطنيه ويجب ان توزع وارداتها توزيعاً عادلاً لتضمن لهم حياة كريمة لا ان تتحول الى جيوب شرذمة من المتحاصصين وسراق المال العام ومعدومي الولاء الوطني والذين سينالون جزائهم العادل عاجلاً او آجلاً لا محالة.