|
|
|
|
آه, ياوطني المغدور
|
|
|
جاءت تفجيرات الثلاثاء الدامي بعد اتفاق البرلمان على قانون الانتخابات وبعد تحديد موعد لها , اذن, فان اي انسان عاقل يستنتج ببساطة, ان من قام بهذه الاعمال الاجرامية لا بد وانه لا يريد ان يقوم للعراق قائمة , ولا يريد ان يستقر الوضع , ولا يريد ان يكون هناك نظام فيه انتخاب وديمقراطية ومشاركة للشعب العراقي المنتهكة حقوقه اكثر من اربعة عقود, اي انه يريد ان يبقى الناس يترحمون على النظام السابق , او يطالبون بتدخل خارجي ما , لانه يريد الاثبات بان الشعب العراقي لايمكنه ان يقود نفسه بنفسه وعن طريق صناديق الاقتراع..
لست هنا في معرض الدفاع عن الحكومة العراقية التي انتقد ادائها دوما , وكما كنت معارضة لنظام البعث طوال حياتي فانا اعارض أية حكومة تقوم على أساس المحاصصة واعارض اي حزب يقوم على اساس سلفي ديني لايمت للحياة العصرية فكرا وانفتاحا, انما
المنطق يقول :
ان الأيدي المجرمة والأثيمة لايمكن ان تكون سوى من خارج الاحزاب والكتل المساهمة بالعملية السياسية, لان هذه الجهات اتفقت جميعها بعد جهد ونقاش طويلين في البرلمان على الاتفاق ووضعت قانون الانتخابات بعد اشباعه نقاشا وبعد ان تمت القناعة الظاهرة به , من هنا لايمكن لمن يريد خلط الاوراق ان يكون مصيبا حينما يقول ان كتلة من الكتل المساهمة بالعملية السياسية قامت بهذه التفجيرات ,
ولكن
هل ان كل اعضاء البرلمان هم وطنيون حقيقيون ؟
هل كل من ساهم بالعملية السياسية ظاهريا يدين بالولاء لعراق مابعد البعث؟
هل هناك جهاز حكومي نظيف من اعداء العراق وهل لايوجد في البرلمان او الجهاز الحكومي من لديه ولاء لدول اخرى يرى بها امتداده القومي او الطائفي؟
هل ان كل من يستلم اليوم منصبا سياسيا في العراق وطنيا حقا؟
ابدا , ويكون ساذجا من يعتقد عكس ذلك , فهناك عناصر مندسة داخل البرلمان وكل اجهزة الحكومة وحتى داخل الاحزاب والتكتلات الدينية , عناصر لا تظهر ولائها الحقيقي للجهات المعادية للشعب, وهي لا تريد للعراق الديمقراطية والاستقرار بل تريد خرابه .
حينما وجهت ُ - بمقالة سابقة - اصابع الاتهام الى البعث المقبور واعوانه من مجرمي القاعدة الذين توحدوا ضد العراق , كان هناك من اتهمني بانني أسيرة اسطوانة قديمة وبان البعث ليس له امكانية القيام بهذه الأعمال, واعود اليوم لإتهام نفس الجهة وانا مدركة تماما انهم هم الذين تغلغلوا بداخل جهاز الحكومة وان عدم الإهتمام بما يكتب عنهم واهمال مايقوله ويعرفه بعض الوطنيين الحقيقيين, زادهم قوة وإصرارا على الخراب أملا منهم بالعودة التي ينادون بها في وسائل اعلامهم ومواقعهم وادبياتهم ..
ان ماسمعناه ورايناه جميعا على شاشة التلفزيون في نقل مباشر في الاجتماع الطاريء لمجلس النواب والغائب اكثر اعضاءه , حيث قدم احد النواب تقرير اللجنة الامنية الذي حذر من انفجارات الثلاثاء الدامي قبل حدوثها بأيام قليلة, والتي اهملت بدون سبب , مثلما لم يجر اي تبرير لسبب اهمالها وتركها دون التوقف عندها, ولم يتم اية محاسبة للمقصرين باهمال هذه التقارير التي تخص حياة الأبرياء من ابناء الشعب المسكين الذي يقودونه بلا احساس بمعاناته , لم يجر الحديث عن استقالة عضو مقصر , ولم يجر اي توقف عند اهمال هذه التحذيرات او اي استجواب بصددها ..
لماذا جرى اهمال تقارير تحذر من التفجيرات ولم تتخذ التدابير التي تحبط هذه الكوارث مادام اللجنة الامنية لديها معلومات عن حدوثها ؟
ألا يتحمل رئيس البرلمان الجزء الاكبر من المسؤولية باعتباره المسؤول الاول عن ادارة جلسات البرلمان ووضع الاولويات في القضايا التي تناقش , وتقديم الأهم على المهم .
الا يحق للشعب ان يوجه الاتهام لكل هؤلاء المهملين والذين لايسمعون الأصوات الوطنية التي تتحرق خوفا على الوطن وتدمى قلوبها حبا له ؟
الا يحق لنا ان نتهم بعض المندسين داخل البرلمان ونعرف تاريخ بعضهم البعثي ودفاعهم عن البعث وجرائمه في قناة الجزيرة اثناء وبعد الحرب على العراق التي انتهت باسقاط الدكتاتور, هؤلاء الذين كانوا في فنادق الخمس نجوم بدول عربية بعد سقوط النظام وهم يجاهرون بولائهم للبعث و يجلسون اليوم في البرلمان بكل خبث .
الا يحق لنا اتهام بعض اعضاء البرلمان والحكومة الذين يدينون بالولاء لدول مجاورة اكثر من ولائهم للعراق؟
الا يجعلنا هذا الاستهتار بارواح الناس ان نتذكر جرائم البعث من مجازر امثال حلبجة واستعمال السلاح الكيمياوي وتجفيف الاهوار والقسوة الوحشية في المقابر الجماعية وقتل الابرياء دفنا وهم احياء.
اذن, العراقيون قد تخلصوا من حكومة تقتلهم على يد جلاوزتها ومجرميها وحروبها , وتاتيهم حكومة تقتلهم باهمالها وعدم الشعور بمعاناتهم , فآه يا أهلنا وياوطننا المغدور..
9-12-2009
|
كتب بتأريخ : الخميس 10-12-2009
عدد القراء : 2487
عدد التعليقات : 0 |
|
|
|
|
|
|
|
|
|