إذهب إلى ســوق (الشورجة) خير لك
بقلم : شمس الاصيل
العودة الى صفحة المقالات

سوف  أتطرق في مقالي إلى جزء بسيط من الظروف القاسية التي يمر بها المثقف العراقي مبتدأ من تهميشه وتهميش وزارته وصولا الى الصراع النفسي الكبير الذي يعانيه فالمثقف ليس مخلوقا  ملائكا او زاهدا عن مــغريات الحياة ومتطلباتها في عصر التطور والتقدم ومفرداته الفاتنة بل على العكس من ذلك فإن هذه الشريحة هي الأكثر انطلاقاً في سماء العالم الرحب واكبر طموحا وتطلعا  وتذوقاً.
حيث أن مقالي هذا هو رد فعل  لموقف مر بي الجمعة الفائتة ، فقد فـــاجئني جواب عفوي لزميلة لي دون علم او تخطيط مسبق جاء ليؤكد لي ما هي النظرة الآن إلى الشريحة المثقفة وأين هم من التسابق المحموم بين الاحزاب السياسية والطبقات المرتفعة في مستوى الدخل والمورد المادي .
ســألتني زميلتي  في صباح يوم طموح كنت قد خططت له في ليلة حالمة بشكل جميل ومدروس.
وهي تتحدث  معي عبر الانترنيت (أين قضيت العطلة، أي يوم الجمعة  (
أجبتها من عادتي كل يوم جمعة أذهب الى شارع الرشيد ومن ثم الى شارع المتنبي لحضور الفعاليات الثقافية والأدبية والفنية التي تقوم بها مؤسسة المدى على قاعة ثقافة وفنون ،ومقهى الشابندر وأتجول بين الكتب التي تزينت بعناوينها والوانها الأرصفة ومن ثم بعدها اتجه إلى ضفاف دجلة العائد من الموت والسبات الى عالم الحياة والعنفوان والتي بعثت فيه الروح من جديد لترسم على وجوهنا شيء من بريق الأمل بمستقبل صار صعب تخيله في وطن يعيش كل صباح وكل مساء قصة جديدة وصراع من نوع جديد .
بعــد مــا طــال جوابي على سؤالها أين كنت ؟؟؟؟
كان جــوابها صميمي وواقعي وقاسي على قلبي الذي يحلم  ببغداد عاصمة للثقافة والعلم بثوب جديد لهذا الوطن تخيطه وتنسجه الاقلام المجاهدة المصممة على بناء صرح جديد من صروح الثقافة على أرض بغداد السلام.
بكل برود وهدوء وثقة مقتبسة من واقع المثقف العراقي الغريب ( أذهب الى الشورجة أفضلك  (.
جــاء هذا الجواب ليوقض في داخلي قرون من الأحلام والأخيلة التي عاشت ولا زالت تأسرني وتحركني كيفما تشاء .
جــواب يقول لي أن من تراهم في صميم إعتقادك أنهم من صنعوا الحضارة من عظماء العلم والفلسفة والادب والشعر والفن والرسم والصحافة والإعلام لا ليسوا هنا وليس طريقهم هو ما تسير فيه وانت في غابة من الذئاب والثعالب التي تنتظر ان يكون لها سطوة لتفترس قلبك النابض وروحك الحالمة وخيالك الخصب وعنفوان مشاعرك وتكسر قلمك واقلام رفاقك إذا ما ذكرت الحقيقة في موقف ما .
جــاء هــذا الجــواب لتولد بعده الأسئلة بل العشرات من الأسئلة إذا ما مرضت هل أن قصائدي ستشفيني هل أن مقالاتي والدم الذي نزفته على الورق سيقدم لي شيء أو تمنحني المسشفى وقت اكثر وإهتمام اكبر حينما أبوح لهم بالسر الكبير والصميمي وهو أني شاعر او فنان او روائي أو قـاص؟؟
جـــاء ليوقض في داخلي أسئلة جعلتني مربك وتهزني نوبات قلق كبيرة لم تزرني من قبل إذا ما ارتفعت أسعار العقارات أكثر وارتفع معها بدل الإيجار هل في نهاية الشهر أذهب إلى صاحب المسكن لأقول له خذ هذا الديوان الشعري بدل الايجار لالالا بل هذه المجموعة الشعرية لاقت اقبال جميل من رفاقي في عالم الثقافة والادب صدقني صدقني هذا الكلام حقيقي فقط خذها واقرأ منها فصل واحد وسترى بأم عينيك كم هي رائعة وكم  ستنال  من إعجابك؟؟؟
وهــل عند ذهــابي الى عائلة عراقية كريمة للإقتران بإحدى بناتهم لتكون شريكة حياتي ورفيقة دربي الطويل والصعب مع الواقع المحزن ؟؟
مــاذا أقــول الأهل البنت  أقول لهم أني طبعت (10) دواويين شعرية والآن عندي ديوان عنوانه( قالت أناملي حينما داعبت خصلات شعرك).
أو أحكي لهم أني اكتب المقالة الادبية الساحرة والقصد النبيل لأغير بها ولو شيء بسيط من الافكار الرجعية التي تسود في مجتمعنا هذه الايام .؟؟
أم أقول لهم أن لي مكتبة مكونة من ألف كتاب من ضمنها ( أجاثا كرستي ) .( تشيخوف) .( تولستوي ).( ماركيز) وعلى رفوفوها تغفوا مؤلفات ( علي الوردي) ( طه حسين) (عبد الرحمن منيف ) ( الرافعي )(جبران خليل جبران)( أيليا ابي ماضي) وشاعر الرومانسية ( ابي القاسم الشابي) وشاعر المراة والحب( نزار قباني )..؟؟؟
مـــاذا تتوقع جوابه سيكون غير التعجب والاستغراب والابتسامة الحائرة بين اني مجنون أو أمزح معهم .؟؟؟
مـــاذا سيكون جوابه غير الإعتذار الخجول ان كان صاحب ثقافة ورجل متفتح والا سيكون الجواب بغير هذا الاسلوب قطعا والله يعلم ماذا سيسمع العريس المرتقب من كلمات التجريح والسب به وبمؤلفاته ودوايينه ؟؟؟
وبعـــد أن يغادرهم عريس (الفلتة) وعريس الثقافة والأدب.سيقضي أفراد هذه العائلة امسية جميلة من النكات والضحك على هذا الخطيب والفارس المترجل ؟؟؟
وكذلك الحال عند ذهابي لشراء سيارة لحاجتي الماسة إليها او جهاز كمبيوتر أو أن استخدم بطاقة انترنيت لكي أتواصل مع العالم حولي وأنشر إبـــداعاتي وكتابــاتي التي سهرت طول الليل عليها ؟؟؟
ولهم الحق في كل ذلك ونحن في بلد الصفقات الكبيرة بلد المال والسلطة بلد التسابق في العقارات والأملاك بلد المقاولات المليونية بلد الواسطات والمحسوبية والمنسوبية ؟؟؟
ولها الحق زميلتي أن تجيبني بكل هذه القسوة الغير مقصودة لكن الحقيقة تبقى حقيقة ولو بعد الف عام على الاقل في بلد يوارى الثرى  خلف حدوده عمالقة الثقافة والفن العراقي ولا من يحرك ساكن في االبقية الباقية الذين تنهش صدروهم الغربة وتحرق قلوبهم عواصف الشوق والحنين وامواج الذكريات ؟؟؟
فلو هم كانوا من رواد سوق الشورجة ومن ثم من تجاره ...أين هم ألان وفي أي سلم من الرقي والجاه والسلطة ..؟؟؟
لكنهم أين هم ألان لأنهم من رواد المتنبي وشارع الرشيد ومن عشاق كبار الروائيين والقصاصين والشعراء والكتاب ؟؟؟
لست هنا في مقالي من المحرضين على ترك العلم والمعرفة أو إجهاض همم المئات ممن يطمحون بواقع ثقافي وادبي أكبر وأجمل ..؟؟؟
لكن الى أين يتجه مثقفوا العراق بعد كل هذا التهميش والاهمال والتغييب ؟؟
أســـأل من هم على رأس الهرم في السلطة ومن بيدهم القرار والرأي حول الإنتباه الى هذه الشريحة المهددة باالإنقراض ....ولم الأهمال هل لأنهم غير البقية لا يؤمنون بالقوة والسلاح والتخريب والتهديد ويؤمنون أننا نواجه خطـــر أفكار وفضائيات وأقـــلام أكثر من أي خطر أخر؟؟؟؟
لا ادري هي الايام ستقول قولتها وتثبت كلمات صديقتي القليلة (روح للشورجة احسلك من المتنبي(؟؟؟

  كتب بتأريخ :  الجمعة 18-12-2009     عدد القراء :  2686       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced