كتب لي احدهم قائلا: افهم خلفيات ودوافع هجوم مرتزقة فاسدين على متظاهري يوم 4 آذار الحالي، وافهم أسباب انزعاجهم من التظاهر المشترك للتيار الصدري والتيار المدني. لكني لا أفهم هجوم بعض من يعتبرون انفسهم مدنيين على زملائهم الناشطين المدنيين للسبب ذاته.
وابدى استغرابه من قسوة بعضهم وقذفهم زملاءهم وتخوينهم، بدل ان يقدموا نقدا موضوعيا، و يعبروا عن مخاوفهم بحسن نية، فيضعون أنفسهم بذلك في موقع غير الذي ينبغي أن يكونوا فيه.
في هذا الخصوص اود ان اقول:
•اننا لا نرد على الشتامين، ولا ننزل الى مستواهم ، كما اننا غير معنيين بسلوكهم.
•يدرك المتنفذون ان اتساع حركة الاحتجاج وانضمام قطاعات شعبية إليها، يزيدها قوة ويعظم من تأثيرها. وهذا ما يقض مضجعهم، ويحصرهم في زاوية ضيقة. كذلك يعلم المتنفذون جيدا ً ما ينتظرهم إن استمر التعاون بين التيارين الصدري والمدني ، وتمت إدارته بدقة وتوازن وتخطيط جيد.
•ليس كل مدني ديمقراطيا، وليس كل من يدعي الانتماء الديمقراطي يتمثل قيمها ويعكسها في سلوكه.
•نقد الحركة الاحتجاجية وتقويم أساليبها مطلوب جداً، ونحتاجه دوماً، وهناك عدد كبير من الاحبة الذين يخصوننا بجهدهم في هذا المجال وهم محط ترحيبنا.
•نتفهم المخاوف التي يبديها بعض الأخوة من أن تنحرف الحركة نحو غير ما انطلقت من أجله، ونقدرها خير تقدير.
•منهج المقارنة هو احد مناهج العلوم الإنسانية، وتستخدمه العلوم السياسية بدقة. لكن هناك من يستخدمه دون اشتراطاته العملية، مثل المقارنة غير الموفقة بين العمل المشترك في اطار حركة الاحتجاج اليوم وفي اطار الجبهة الوطنية لسنة 1954، وبينها وبين تجربة الجبهات التي عقدتها الأحزاب السياسية في عام 1957 وعام 1973. فالمقارنة هنا لا تستقيم لسبب رئيس هو اختلاف بنية حركة الاحتجاج. ذلك ان الجبهات المشار إليها سياسية، بينما التظاهرات الحالية حركة اجتماعية احتجاجية.
•إن تجربة التعامل المتبادل للتيارات المدنية والإسلامية في ايران ومصر وتونس بعد الثورات وقبلها، ليست وصفة جاهزة أو منهجا محددا يصلح لكل زمان ومكان. والعراق له واقعه الخاص، والتعددية الاجتماعية والدينية والطائفية والفكرية والثقافية متأصلة فيه وقوية، ولا تستطيع أية قوة أن تلغيها أو تتجاهلها.
•ان عملنا المشترك في اطار تنظيم الاحتجاج ليس حلفا سياسيا ولا جبهة سياسية بين التيار الصدري والتيار المدني.
•الحركة الاجتماعية هي أحد أشكال حركة الاحتجاج ، والتظاهرات احد تجلياتها. فهي حركة مفتوحة لا تضع قيودا أو شروطاً مسبقة على جمهور معين لينخرط فيها. انها ليست حزباً ولا منظمة مجتمع مدني ولا نقابة ولا اتحادا عشائريا.
•هناك من ينظر الى التيار الصدري من زاوية محددة. نحن نرى انه تيار مجتمعي، وجل مناصريه من الطبقات الفقيرة والأحياء المهمشة، التي يحاصرها الفقر والعوز والفاقة، وان من الواجب الدفاع عن مصالح هذه الطبقات والأحياء الفقيرة.
•التيار الصدري هو احد مفاعيل القوى السياسية التي لا يمكن تجاهل دورها، ونحن نتابعه ونتفاعل مع اقترابه من القوى المدنية باهتمام وجدية.
•ساحات الاحتجاج ليست ميدانا للصراع الايديولوجي. وهذا الصراع غير مؤجل بالتأكيد، لكن له ساحته ومساحته الخاصتين.
•ساحة الاحتجاج غير مخصصة لتزاحم الهويات، ولا مجال فيها لتنابز الهوية المدنية مع غيرها من الهويات.
•نحن شهود مدني بلون واحد، لا يعترف بباقي الألوان. مدني متقوقع على نفسه، متمترس في مدنيته، يسجن نفسه في محبس ولا يخرج الى المواطنة التي هي أوسع.