ملحوظة أولى
كي أكتب بصدق، عن الشهيد كامل شياع، الذي لم ألتقه، ولم أعرفه عن قرب، افترضت أن له أختاً، لهذا ستكون كلماتي بحرقة قلب أخت فقدت أخاها .
ملحوظة ثانية
يقال أن هناك إمرأة، قررت المحكمة إعدام زوجها وابنها وأخيها لجرم ارتكبوه، ورأفة من المحكمة بهذه المرأة تقرر أن تستثني أحدهم من الإعدام، فقالت:
الأبن مولود
والزوج موجود
والأخ مفقود
ولهذا أختارت أخاها
ها أنتَ الآنَ بعيد ُعني، تلفك ظلمات ٌلا أعرفُ قرارها، وتنطلقُ روحك
محلقةً، تطوف ُعلى كل الأماكن التي أحببت، مثلما تزورُ كل الذين أحببتهم. أعرفُ أنك عهدتَ بإبنك إلى أحد رفاقك، لكنك لا تعرف ُمنْ يمسحَ دموع َاليتم حين تترقرقُ في عينيه، وعلى أي صدر يضعُ رأسه حين يشعرُ بالوحشةِ. أنت بعيدٌ، لكنكَ في الحقيقة تعيش ُمعي اليوم كله، أنهضُ صباحاً وأول َما تقع ُعليه عينيَّ صورُك المعلقةُ على جدران غرفتي. أتأمل ُتلك الصورة َالتي تبدو فيها فر ِحاً رغم َهالة الحزنِ التي تتلبسُ عينيك، أو تلك التي تطالع ُفيها وجوه مستمعيكَ، وكأنك َتريدُ أن تستزيدَ معرفةً. أصدقك القولََ، رغم َكل الحزن ِالذي يطبع ُقسمات وجهك َبهالته، كنت ُأرى تفاؤلاً مؤجلاً يختفي بصمت ٍفي حدقتي عينيكَ. لهذا حين أستفيق ُصباحا، أغرق ُفي مناجاة صوركَ، واحدة ًإثرَ واحدة ، وكأنني أعيد ُالحياة إليها، لأنها رغبتي في أن تعودَ إلى الحياةِ ثانيةً، حتى وأن كنت َعلى هيئة ِصورةٍ. أعيدُ معك َدورة َالحياةِ مذ كنتَ طفلا ً إبنَ السادسة. كنت أرعاك َلأنك َأكثرَ أطفال منطقتنا هدوءاً، وأصبح هذا الهدوء كناية ًلك حين بلغت َمرحلةَ الصبا. ورغم كثرة ِالذين يرغبون في مرافقتك، إلا أنكَ كنت َتستجيب ُلصحبة ِالكتابِ، وكأنه ُمبعث ُالفرح لروحك. كانت الإبتسامة ُجوابَك، حين يكونُ السؤال ُعن هذهِ الرفقة. تبتسم لأمنا مثلما تبتسمُ لسخرية الآخرين ِمن هذا الولع ِالمزمن ِفي روحك ِللكتاب. ورغم رداءة الإضاءة ِفي بيتنا، إلا إنك كنت تبتسم ُلخيوط ِأشعة ِالشمس ِفي أغلب الصباحات، حين تنام لبعض الوقت، تنهض بعد حين وكأنك في عجلة من أمرك، وتبدو مهموماً، تتناول من الزاد ما هو متوفر في بيتنا. لم أسمعك يوماً أشتكيت من فقر طعامنا. كان الصمت ُديدنَك في كل ما يعترضك ِمن حزن. تحملُ الكتابَ الذي استعرته من المكتبة العامة، وتعود ُبآخرَ. هذا الحبُ حد الجنون بالكتاب هو الذي حرضك َعلى الذهاب إلى شارع المتنبي، ومن هناك ترصّدَكَ أعداءُ إبتسامةِ الفرحِ في مقلتيك، وقرروا أن يغتالوها .
أنهض كل صباحٍ، أ ُقبلُ صوركَ واحدة إثرَ أخرى، وتفيضُ دموعي حزناً، رغم أنك َ تعيشُ بين ضلوعي، تتنفسُ بكل خلاياي ، تنام ُبعيوني مثل بؤبؤها، تصحو بروحي مع أول شعاع شمس، وتسير مع ظلي. كيف لي أنساكَ وأنت صنو حياتي ؟ كيف لي أن أنساك وأنت دفءُ موقد النار في زمهرير حياتي ؟ كيف لي أن أنساكَ وأنت فرحي الذي ما أنخلقَ فرح ٌمثله ؟ كيف لي أن أنساك وأنت أعطيتَ معنى حروفِ أسمكَ حقيقتَها ؟ كيف .. كيف ...كيف ؟؟
كتب بتأريخ : الأربعاء 23-12-2009
عدد القراء : 2463
عدد التعليقات : 0