تطرق بيان رئيس الوزراء يوم ٢٠ أيار ٢٠١٦، إلى نجاحات اقتصادية، وقال بالنص ان «التقدم المتحقق في المجال الاقتصادي يحظى بتقدير واحترام المواطنين والعالم للعراق والعراقيين الذي يشهد بسير الحكومة في الاتجاه الصحيح».
حقا سرتنا وأبهجتنا هذه المعلومة، مع ان الجملة مرتبكة وتحتاج الى تعديل. مع ذلك نتمنى ان يبين لنا السيد الرئيس او خبراؤه ومستشاروه ماهي هذه النجاحات وأين تكمن؟ باستثناء سعر النفط الذي يشهد حالياً تحسناً وارتفاعاً ويقترب من الخمسين دولاراً، والذي ليس لرئيس الوزراء ووجهته الاقتصادية ولا لوزرائه أو مستشاريه دور فيه. فالبلدان المصدرة للنفط لا تتحكم بسعره كما هو معروف، والسعر يخضع لعوامل عدة، بما فيها دور الشركات الاحتكارية وبورصاتها العالمية.
في اليوم الذي خطب فيه الرئيس، كان وزير المالية يوقع على قرض الصندوق الدولي، القرض الذي سيضيف حسب الخبراء الماليين والاقتصاديين العراقيين، أعباء جديدة على العراق، سيما وانه، أي القرض، مخصص للجوانب الاستهلاكية وليس الاستثمارية، الى جانب ما يسهم فيه من رفع مديونية العراق، وما يترتب على ذلك من خدمة لها. فضلا عن الشكوك ذات الصلة في امكانية صرفه بشكل سليم. وكان يمكن تجاوز القرض عبر اتباع اجراءات بديلة. طرحها اقتصاديون عراقيون. فالنجاح لا يكمن في إرهاق ميزانية العراق بالمزيد من الديون الخارجية.
ما زال اقتصادنا أحادياً، ريعياً، يعتمد على تصدير النفط، بينما قياس النجاح هنا يعتمد بالأساس على الاقتصاد الحقيقي، ومعياره هو التقدم الحاصل في القطاعات الانتاجية الأساسية: الصناعة والزراعة والخدمات والسياحة. وهذه لم تحقق أي تطور. فالصناعة، شركات القطاع العام التابعة لوزارة الصناعة، ومنها شركات التمويل الذاتي، لم تحصل على أي دعم أو إعادة تأهيل، أو بناء ورفد بالتكنولوجيا كي تواكب التطور اللازم وتنتج بضائع وسلعا تتمكن من المنافسة.
اما القطاع الخاص فلم يلتفت اليه احد. القرض المفترض إطلاقه لدعمه، كما جاء ضمن حزمة الإصلاحات الأولى، ما زال حبرا على ورق، حيث تم تخصيص مليار دولار، لم يمنح منه دولار واحد لأي مصنع رغم مرور عشرة اشهر على اطلاق الحزمة. وكذا الأمر بالنسبة للجانب الزراعي، فحتى مستحقات الفلاحين لقاء تسليمهم الحنطة والشعير الى الدولة، لم تسلم لهم بعد.
ليس هذا وحسب بل اننا لم نشهد تفعيل أي تشريع بهدف دعم الإنتاج الوطني وحمايته، وتقديم التسهيلات اللازمة والضروريه له.
اما جانب الخدمات العامة فهو مهمل، حيث نشهد تدهورا مريعا في مجال الخدمات الأساسية، ونقصاً حاداً فيها. كذلك الخدمات التي تبيعها علينا الشركات الخاصة، واخص منها شركات الهواتف النقالة، فهي تستنزف أموال المواطنين. وهذا الجانب من الخدمات لا ينبغي النظر اليه باعتباره ترفا او ضمن الحاجات الكمالية، فقد اصبح اليوم من الحاجات الضرورية، فيما لم نجد ضرائب تفرض على هذه الشركات تتناسب مع أرباحها العالية جدا، بل لم تسدد ما بذمتها الى الدولة.
والحديث عن القطاع السياحي ذو شجون، رغم ما يمتلك العراق من إمكانات كبيرة ومتنوعة في كل اقسام السياحة. لكن لم تتم إدارته بشكل صحيح، ما افقد الميزانية موردا مهما لا يقل عن واردات النفط، بل هو اكثر ثباتاً منها، ولا يخضع لتقلبات الاسعار.
إذن، باستثناء القروض التي تثقل كاهلنا، اي نجاح اقتصادي تحقق يا سيادة الرئيس؟