المطالب الأساسية لحركة الاحتجاج في العراق تم تلخيصها أولا في إصلاح النظام السياسي، وتغيير البنى الأساسية للسلطات الثلاث، الحكومة ومجلس النواب والسلطة القضائية، وذلك باعتماد المواطنة، وتخليصها من المحاصصة الطائفية، وثانيا محاربة الفساد وفتح ملفات الفساد ومحاسبة المفسدين، وإرجاع الأموال العامة التي سرقوها، وثالثا تأمين الخدمات العامة، وفي مقدمتها الأمن والأمان والاستقرار والكهرباء والماء وتوفير العيش الكريم وكل ما يحفظ الكرامة ويؤمنها. فيما الحريات وضمانها وتأمينها قضايا أساسية لا تنازل عنها، وهي غير قابلة للمساومة.
هذه هي القضايا الأساسية العامة التي تم تلخيصها من خلال دراسة الشعارات التي رفعها المتظاهرون ونالت ما يشبه الإجماع، في وثائق اجتماعات التنسيقيات ومؤتمراتها وبيانات التظاهرات والأوراق السياسية التي رفعت للسلطات كمطالب عامة.
اما إمكانيات التعبير عن هذه المطالب، فمرهونة بظروف ذاتيه تتعلق بالحركة وأخرى موضوعية خارج قدرة الحركة وإرادة ناشطيها. ويمكن تقسيم الإمكانيات إلى نوعين؛ مادية ومعنوية. فالحركة لا تملك غير أصواتها، وإيمانها بحقوق المواطن والعزم على المواصلة والاستمرار، فيما النشاط فيها تطوعي، وتنظيمها أفقي وبهذا المعنى فهي تقع ضمن الحركات الاجتماعية ،التي لا دعم لها من أي طرف. وكل ناشط فيها يسهم بما يستطيع، وكل تنسيقية توفر مستلزمات تظاهراتها حسب قدرتها. لا شك أن الإمكانيات ليست ثابته، بل تتغير تبعا لحجم الفعل الاحتجاجي وطبيعته وضغط السلطات، التي مارست حملات تشويه وتزييف وتخوين، عبر أساليب المتنفذين المستمدة من ترسانة النظام الدكتاتوري المقبور المتمثلة بالترغيب والترهيب، كعرض المكافئة من جانب والتلويح بالتصفية من جانب آخر.
نجحت حركة الاحتجاج في مواصلة أنشطتها، رغم الظروف الصعبة المحيطة بها، واستطاعت ان تجعل الأسلوب السلمي أسلوبا وحيدا للتعبير، وتمت ممارسته عبر مختلف وسائل الضغط، كالتظاهر والاحتجاج والاعتصام، كما تمكنت الحركة من عقد الندوات والاجتماعات والمؤتمرات، و المؤتمرات الصحفية والمشاركة في البرامج التلفزيونية، وأصبحت نشاطاتها مادة أساسيه في الصحف، وجرى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، ولم تغب عنهم، الفعاليات الثقافية، إلى جانب طرح الأوراق السياسية.
لم يقف المتنفذون مكتوفي الأيدي، أمام اتساع الاحتجاجات وهي تركز على أهدافها العامة، خاصة بعد تأييد المرجعية الدينية لها، وإسهام التيار الصدري فيها. هذا الإسهام اضفى على حركة الاحتجاج بعدا جماهيريا كبيرا، حيث اشترك فيه جمهور يعاني الظلم والفاقة والفقر والاضطهاد والتهميش، وجلهم يعيشون في احزمة الفقر. هذا الى جانب اصرار حركة الاحتجاج على مطالبها واستمرارها بدون تعب وكلل رغم كل الظروف.
لم يقف المتنفذون دون فعل فقد حاولوا جر الحركة إلى ساحة العنف الذي لم تكف السلطات عن استخدامه، منذ استشهاد الشهيد منتظر الحلفي وقبله اغتيال الناشط هادي المهدي، وتغييب جلال الشحماني وواعي المنصوري، واستخدام الرصاص الحي في تشرين الأول عام 2015 في شارع السعدون، واعتقال المتظاهرين، ولاحقا الاستخدام المفرط للعنف، الرصاص الحي والرصاص المطاطي واستخدام الغازات المسيلة للدموع بكثافة واستشهاد حسين الحسيني وحيدر الدريعي. في مواجهة كل هذه الأفعال المشينة؛ تمسكت الحركة الاحتجاجية بسلميتها.
ان تمسك حركة الاحتجاج بمطالبها الأساسية وعدالتها، وبالأسلوب السلمي. هو نهج الحركة الاجتماعية الذي لا تحيد عنه، وهو الطريق المفضي إلى الانتصار.