بعد نحو السنتين والنصف للسقوط المروع والسهل لمدينة الموصل بأيدي عصابات داعش الارهابية المدعومة محليا واقليميا، تتجه قواتنا المسلحة نحو المدينة لتحريرها من ايدي من اخضع اهلها لأقسى انواع الظلم والاضطهاد، وسنعي عمق المأساة بعد التحرير المترقب وكشف المستور.
اننا نتابع مقاتلينا الابطال من الجيش والشرطة الاتحادية والمحلية والبيشمركة والمتطوعين في الحشد الشعبي، وابناء العشائر وابناء محافظة نينوى وهم يتجهون لإعادة الموصل الى البيت العراقي، وإنهاء فصل أسود من تاريخ العراق، شارك فيه عدد كبير من اللاعبين المحليين والاقليميين والدوليين، واختلطت فيه الانتهازية والطائفية والحزبية والمناصبية والعشائرية، والصراعات الاقليمية، والمصالح الدولية والدينية، لتقطع ارضا من عراقنا الحبيب وتحولها الى جحيم لكل من لا يتفق مع توجهات من وضعوه لتنفيذ ماَربهم ومخططاتهم، وكان الضحية بنات وابناء شعبنا من المدنيين العزل.
أن الانتصار العسكري وتحرير الموصل ودحر العصابات الداعشية امر حتمي، وسيتم على ايدي قواتنا العراقية المدعومة من التحالف الدولي.
ولكن... ما الذي سيحدث بعد التحرير، وهل سيكون هناك سلام في الموصل بدون حلول سياسية؟
ربما البعض يقول إننا نتسرع في تساؤلاتنا، ربما علينا الانتظار لتنجلي سحابة المعركة. ولكن نظرة سريعة على الساحة ترينا إن كل الاطراف المشاركة (وغير المشاركة) في عملية التحرير، تتأهب للدفاع عن مصالحها ومناطقها وطوائفها واحزابها ومناصبها. وستدخل في صراع مع الاطراف الاخرى للحفاظ على هذه المصالح.
إن طريق السلام الى الموصل يبدأ بالحفاظ على ارواح المواطنين، والمحافظة على البنية التحتية للمدينة، ومساعدة اللاجئين، وتعويض المتضررين، ومحاولة تطبيع حياة الناس. ولكن الحل النهائي واستتاب السلم والاستقرار في الموصل والعراق، لن يتم الا بالعودة الى مبادئ الوطن والمواطنة، والالتزام بمبادئ العدالة الاجتماعية، والتخلص من الصراعات الطائفية والحزبية والأثنية، ومعاملة الكل بتساوي تحت قانون مدني بغض النظر عن دينهم وطائفتهم وعرقهم وفكرهم، وإقامة نظام انتخابي مدني دستوري يخدم مصالح الشعب. ويمنع تدخلات دول الجوار، ويبني الدولة المدنية المنشودة. وبدون ذلك سيستمر مسلسل معاناة شعبنا، وسيتشرنق الارهاب ويخرج علينا بأسماء واساليب اخرى، وسيستمر شعبنا بدفع الثمن.
فيا حكامنا الاعزاء والله، لقد تعبتم وأتعبتم، فإذ لم تستطيعوا تحقيق مطالب شعبنا، فاستريحوا وأُريحوا، فصبر الناس ليس أبديا.