تحتفل معظم شعوب العالم يوم 22 نيسان بعيد الأرض، وتقام نشاطات شعبية في تلك الدول لدعم حماية البيئة والمياه والطبيعة، ولتسليط الأضواء على ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث الجو.
وفي يوم الأرض 2016، وقعت الولايات المتحدة والصين، وحوالي 120 دولة اخرى، على اتفاق باريس التاريخي، الذي تعهدت فيه هذه الدول على حماية المناخ والبيئة ضد التلوث الذي ينتج عن النشاطات البشرية.
وبدأ الاحتفال بيوم الأرض في عام 1970 في الولايات المتحدة الامريكية، حيث شارك الالاف من الجامعات والمدارس والتجمعات المدنية في دعوة لجلب 20 مليون امريكي الى التمتع بالطبيعة تحت الشمس، ومن اجل التظاهرات السلمية لدعم الإصلاح البيئي، وتغيير السلوك البشري، ودعم التغييرات السياسية البيئية والمناخية.
وتزامنا مع عيد الأرض خرج مئات الألوف من الناس في الولايات المتحدة الامريكية وحول العالم في تظاهرات سلمية سميت "مسيرة العلم" دعما للعلم والبحوث القائمة على الأدلة العلمية التي تؤكد ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات البيئية.
وبالرغم من ان هذه الاحتجاجات شعبية وغير حزبية، الا ان الذي يدفعها هو سياسات الرئيس الأمريكي ترامب وحزبه في وقوفهم ضد حماية البيئة، وعدم قناعتهم بالأدلة العلمية التي تثبت بدون شك ان التدهور البيئي الذي يحدث في كل انحاء الأرض هو من بتأثير مباشر للنشاطات البشرية، والتي تزيد من كمية ثاني أوكسيد الكاربون في الجو، المسبب الأساسي للاحتباس الحراري وتدمير البيئة.
وقد كشف اقتراح ميزانية حكومة ترامب، الذي تم الكشف عنه هذا الشهر، عن تخفيضات بلغت أكثر من 54 مليار دولار في البرامج الحكومية التي تؤثر بشكل مباشر على البيئة وحمايتها، لإفساح المجال لزيادة بنفس النسبة للإنفاق العسكري والدفاعي وبناء اسلحة جديدة. وكمثال على ذلك، في مشيكان كان مخصص مبلغ 100 مليون دولار لحماية والحفاظ على بيئة البحيرات الكبرى في الولاية، والتي تعتبر من أكبر المسطحات المائية العذبة في العالم، الا ان حكومة ترامب خفضت هذا الدعم الى عشرة ملايين فقط، اي بنسبة تخفيضات بلغت أكثر من 90%، وشملت هذه التخفيضات كل البرامج التي تقدمها الحكومة الفدرالية في مجالات الصحة، وتطوير الطاقة البديلة، وحماية الغابات...الخ
وغادر العلماء في جميع انحاء العالم مختبراتهم واتجهوا الى الشوارع في يوم الارض الى جانب طلابهم، في احتجاج ضد تصاعد الهجمات على العلم. وتأتي هذه المسيرات أيضا في وقت يزداد فيه تشاؤم الأميركيين حول مستقبل كوكب الارض. وتظهر الاستطلاعات إن 12٪ فقط من الاميركيين يعتقدون ان البيئة ستتحسن للجيل القادم، بينما قال 57٪ منهم انها ستزداد سوءا.
وحمل المتظاهرون شعارات تندد بالسياسات المناهضة للطبيعة مثل "المحيطات آخذة في الازدياد ونحن كذلك" و "انكار العلوم ليست سياسة حكيمة" و "نمط التفكير القديم سوف يدمرنا جميعا" و "العلم ليس له حدود".
وفيما يخص وطننا العراق، فبالرغم من انه من الموقعين على معاهدة باريس، الا ان البيئة العراقية مدمرة بشكل كبير والتلوث في الجو، يضعنا في مصاف اعلى الدول في التلوث. والتدمير البيئي في العراق بدأ بجريمة تدمير الاهوار في عهد الدكتاتورية، واستمر مع الحروب العبثية التي دخلها العراقي مع دول الجوار، والحصار، والاحتلال، والارهاب، والسياسات المدمرة غير المدروسة للحكومات الطائفية المتعاقبة. وبالرغم من المحاولات الخجولة لتطوير والحفاظ على البيئة العراقية عن طريق زرع الملايين من الاشجار وتنظيف الانهار، الا انها تبقى محاولات فردية بدون ادامة ومتابعة.
في هذا اليوم، لنحتفل معا بعيد امنا الارض، ولنتعهد بترك هذه الارض بشكل أفضل من وقت دخولنا لها.
ولنترك كوكبا أفضل للأجيال القادمة، دعونا لا نأخذ شيئا في هذا العالم سوى ذكرياتنا، ولا نترك فيه شيئا سوى بصمات اقدامنا.
22 نيسان 2017
Nabil_roumayah@yahoo.com