انفعل السيد خالد الاسدي قائد حزب الدعوة - تنظيم العراق ورئيس كتلته النيابية في مجلس النواب والمتحدث بأسم ائتلاف دولة القانون الحاكم, أيما انفعال, بعد ان استفزه مقدم برامج احدى الفضائيات, بسؤاله عن الاصوات المنادية بوأد مقترح التعديل الطائفي التقسيمي المهين للمرأة والطفولة العراقية على قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المنصف النافذ, الذي يحاول الاسلام السياسي تمريره غدراً في البرلمان, ليعلن ان رافعي شعار " باسم الدين باگـونا الحرامية " ضد فساد احزاب الاسلام السياسي في عراق اليوم, هم ذاتهم من رفعوا شعار" ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة " في ستينات القرن الماضي بعد مؤامرات انقلابية ضد ثورة 14 تموز 1958 وزعيمها عبد الكريم قاسم من قبل البعثيين والقوميين المتحالفين مع اعوان النظام الملكي البائد من اقطاعيين ورجعيين بدعم غربي, في محاولة للاساءة اليهم.
الشعاران رُفعا, في لحظتها بشكل عفوي خالص, جادت بهما قريحة عراقي مهموم بقضايا شعبه, وتلقفتهما الجماهير كخبز حار لأنهما عبرا عن حماسة اللحظة التاريخية .
كل شعار منهما عبّر عن حالة سياسية وظرف سياسي مختلف وحالة وعي مختلفة ايضاً, شهدها او يشهدها الواقع التاريخي العراقي لكن جوهرهما جسد كنه الصراع الدائر بين قوى طامحة الى حياة حرة سعيدة واخرى لها اجنداتها الانانية التي ليس منها رفعة وخير الوطن ومواطنيه. سابقاً تحت شعارات القومية والوحدة العربية اما اليوم فبشعارات الدين ودعوى التدين.
رافعو شعار اليوم ضد الفاسدين المتنطعين بالدين, هم غير رافعي شعار الامس ضد اولئك العصبويين القوميين, فهم اكثر وعياً... يسعون لأستلال حقوقهم بأطر قانونية... بالتظاهر والاحتجاج السلمي ودفع الدولة واجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية للقيام بواجباتها الدستورية وترفعوا عن انتزاع الحقوق بأيديهم.
غضب او جهل السيد المتحدث الرسمي اوقعه في شر افكاره, لأنه وضع نفسه ومن يمثلهم من اسلامچـية السلطة الفاسدين, بمحض ارادته الحرة, في جبهة و صف المتآمرين السابقين على ثورة تموز المجيدة من بعثيين وقوميين واذناب النظام الاقطاعي البائد, بعداوته لرافعي الشعار الجديد كما رافعي الشعار القديم.
ربما لديه املاً مدفوناً في اعماقه لأن يجعل من مصير هؤلاء مشابهاً لمصير اولئك, لكن الزمان غير الزمان وقواعد اللعبة اختلفت وهو قد يتشارك مع زميله حسن الشمري من حزب الفضيلة الاسلامي, صاحب مشروع نكاح القاصرات الجعفري الذي اسقطته الارادة الشعبية قبل اعوام, والذي صرح بمكنوناته داعياً علناً : " الى القضاء على العلمانيين بأعتبارهم احدى تجليات المد التكفيري ".
هذه النوازع البائسة تذكرنا بشرائع تلك الدولة الزائلة التي تقلصت حد الهلاك.
مخاوف السيد المتحدث الرسمي مبررة جداً. فهو لا يود رؤية دولة عادلة تنصف مواطنيها وتضمن لهم حرياتهم وحقوقهم وتمكنهم من ثرواتهم لأن ذلك تقويض لمشروع التسلط ونهب المال العام والفساد التي تزخر بها سلطنته الحالية.
واكثر الامور بؤساً في ادعاءاته المتهافتة كون العلمانيين هم اكثر فساداً من الاسلاميين واستعداده لتقديم قائمة طويلة بأسمائهم, وهو امر لايمكن استبعاده ماداموا هؤلاء "العلمانيين " يطلون علينا من تحت عباءاتكم ويخدمون اغراضكم.
.
"ان أسوأ ما في المتدينين انهم يتسامحون مع الفاسدين ولا يتسامحون مع المفكرين " / عبد الله القصيمي.