جاء اعلان تحالف السيد مقتدى الصدر راعي " تحالف سائرون " مع " تحالف الفتح " الطائفي, بمثابة انقلاب مبدأي على كل ما اتفق عليه الصدر مع الناشطين المدنيين, مما ولّد امتعاضاً شديداً, طال شرائح واسعة من المواطنين العراقيين, ناهيك عن دعاة المدنية, الذين كانوا قد عوّلوا على تحالفهم في سائرون بأحداث تغيير ما, وبدد الاماني التي عقدوها عليه بنبذ الطائفية ومحاربة الفساد وعقاب الفاسدين والخروج من نهج المحاصصة النهبوي والعبور الى ارض الوطنية الصلبة ودولة المواطنة والقانون.
هذا الانقلاب المباغت على مواقف السيد مقتدى الصدر ذاته والتيار الصدري المعلنة منذ ما يقارب سنتين يعتبر نكوصاً صارخاً عن توجهاتهم الجديدة, وقضماً لمصداقية التيار الذي بالكاد استطاع ان يخرج من نير تجاوزات جيش المهدي التي ادانها السيد الصدر وحل على اثرها هذه الميليشيا التي لا يتذكرها العراقيون جميعاً بخير كما غيرها من ميليشيات.
التبرير الاساسي الذي اعلن عن سبب عقد هذا التحالف مع " فتح هادي العامري " والذي يمكن ان تلتحق به قوى كان الصدر نفسه لايطيقها, كان " درأً تهديد حرب اهلية " قد تندلع بين فينة واخرى.
وبينما لايمكن ان " يُعبد الله من حيث يُعصى " من حيث أن هذه الاطراف المتجمعة كانت وسياساتها سبباً للحروب الاهلية السابقة وكانوا ابطالها...
قد تكون هذه طريقة السيد مقتدى الصدر في لجم هذه القوى واحتواء الحرب الاهلية المرتقبة, وهو امر يعنيه ويخضع لحساباته, ولكن ماذا عن حرب الفاسدين الأهلية المستمرة منذ 2003 وحتى هذه اللحظة ضد المواطن العراقي بسبب غياب الدولة وتراجع هيبتها وتسلط الفاسدين وميليشياتهم عليه واهدار كرامته ؟ من له بعد التراجع عن " برنامج الأمل " برنامج تحالف سائرون ؟
ويقف انفصاليو كردستان ومزورو انتخاباتها في الدور للدخول الى خيمة هذا التحالف الابوية, لاستلام حصتهم, كما نشهد, بنفس الوقت, تسرب شخصيات واطراف مجرّبة لفظها العراقيون في الانتخابات الاخيرة الى التحالفات الفائزة. فالأمر بالتأكيد عودة الى التحاصص وتقسيم الكعكة, كما يمكن ان يستقرأه كل متابع.
ويبقى العراقي البسيط هو من دفع ويدفع فاتورة حروب الظلمة والفاسدين منذ عقود طويلة دماً وعوزاً وخوف !
قد يكون الفيصل في توضيح مواقف السيد مقتدى الصدر الحقيقية, هي طريقة تشكيل الحكومة القادمة. هل ستتشكل على الاساس الطائفي التحاصصي المقيت السابق ام على اساس ما وعد به جماهير تياره من الكادحين الفقراء وجموع العراقيين بحسب مباديء " تحالف سائرون " ؟ !
وبعدها للعراقيين القول الفصل !