لا نريد تكرار الكلام لكن من المفيد أن نستفيد من العبارة قدرالامكان فَنُذكر أننا فهمنا معنى فتوى السيد علي السيستاني بخصوص " الجهاد الكفائي" الذي خص به التطوع الذاتي للقوات الأمنية لمحاربة داعش الذي كان يحتل ثلث البلاد، وعندما أعلن عن تشكيل الحشد الشعبي من تنظيمات شيعية فقط وهذا مخالف " للجهاد الكفائي" قد استبشرنا خيراً بأنه سيكون مرتبطاً بالقائد العام للقوات المسلحة والمؤسسة الأمنية العراقية، وعندما خاض المعارك ضد داعش رحبنا بذلك لكننا سجلنا اعتراضاتنا على من قام بالانتهاكات والتجاوزات على المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم بفعل طائفي بعد تحرير المدن، وطالبنا بمحاسبتهم وقد وقف إلى جانبنا رئيس الوزراء والكثير من القادة المسؤولين الحريصين على حماية الشعب بكل مكوناته وطوائفه دون تمييز، وعندما نقوم بكشف التجاوزات والانتهاكات ونقد الممارسات الخاطئة نكون صريحين مع أنفسنا أولاً، وثانياً لكشف الحقيقة للناس بهدف الإصلاح والتغيير نحو الأحسن ولا نهدف للتخريب والإساءة لغرض ذاتي أو لمصلحة ضيقة بل هدفنا الصالح العام .
وفيما يخص الموضوع
طالما سمعنا تصريحات لرئيس الوزراء حيدر العبادي والعديد من المسؤولين وبخاصة في التحالف الشيعي، أن مهمات الحشد الشعبي هي داخلية ولن يتدخل الحشد بعمليات عسكرية خارج حدود البلاد، كما طمأن حيدر العبادي دول الجوار برفض التدخل في شؤون البلاد أو التدخل في شؤون الدول الأخرى ، وحذر أكثر من مسؤول، بضرورة ابتعاد الميليشيات المسلحة العراقية من دخول سوريا، كما رفضوا الاشتراك في القتال الدائر هناك تحت طائلة مقولة " عدم التدخل واحترام سيادة البلد الجار!!"، إلا أن جميع التصريحات وما قيل عن عدم التدخل فندتها عملياً مشاركة البعض من الأطراف المسلحة العراقية في الحرب، إضافة إلى النفي بأن يكون الحشد الشعبي أو هذه التنظيمات المسلحة منضوية إلى الحشد الشعبي العراقي، بينما تناولت وسائل إعلام عديدة أسماء البعض من الميليشيات العراقية المسلحة الموجودة في العمق السوري وهذا أيضاً ما فند التصريحات التي نادت بعدم التدخل، لكن الذي حدث من جديد هو الضربة الجوية الجديدة التي استهدفت الحشد الشعبي في سوريا وفي بداية الأمر اتهمت القوات الأمريكية، إلا أن سرعان ما أبلغت السفارة الأمريكية في بغداد الثلاثاء 19/6/2018 رئاسة الجمهورية عن عدم قيامها بأي نشاط جوي في المنطقة ، وإثناء لقاء السفير الأمريكي دوغلاس سيليمان بإسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية قال إن "القوة الجوية الأمريكية غير مسؤولة عن الهجوم الذي طال بعض الفصائل العراقية في سوريا"، إذن من هو الفاعل؟ ولماذا استهدفت هذه المجموعة ؟، هناك العديد من الآراء والاتهامات منها اتهام إسرائيل بشكل علني! ولكن الله اعلم!.
من جانب ثاني نفت قيادة العمليات المشتركة يوم الاثنين 18/6/2018 تعرض قطاعات عراقية إلى هجمات جوية لكنها في الوقت نفسه أشارت متأسفة لما حصل " لقوات أمنية عراقية داخل الأراضي السورية" وهذا دليل قوي على التدخل على أساس طائفي إلى جانب إيران وحزب الله اللبناني وهذا جزء من عملية تعقيد الأوضاع الداخلية في سوريا ومعاناة الشعب السوري الشقيق من الحرب الداخلية والتي سعرت بسبب التدخل الخارجي والإرهاب المتمثل بداعش وغيره، في سياق هذا الموضوع نفى نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي " وجود أي قوات من الحشد الشعبي خارج الحدود العراقية السورية"بينما أشارت العديد من وسائل الإعلام وبيانات من الحشد الشعبي بان حصيلة الغارة التي استهدفت مقرات للحشد حوالي ( 52 قتيل وجريح!) وذكر بوجود ميليشيات عراقية وإيرانية إضافة إلى حزب الله اللبناني وهو أمر لم يستغرب له حول هذا التجمع الفريد من نوعه
من نصدق ؟، هيئة الحشد الشعبي، أو نائب رئيس الحشد الشعبي، أم وزارة الخارجية العراقية التي أصدرت بياناً تستنكر الضربة التي وجهت إلى الحشد الشعبي إن كان في العراق أو سوريا "أن عدم التنسيق مع بغداد يتسبب في فوضى ستعرقل مواجهة تنظيم "داعش".. فبين نفي واستنكارات و تصريحات من جهات عدة تثبت مصداقية وجود ميليشيات شيعية عراقية عبرت الحدود العراقية وهي تشترك في المعارك داخل سوريا ولا داعي للإنكار أو خلق أعذار سرعان ما تظهر الحقائق وتبطل الأعذار، لقد أشير أكثر من مرة إن مهمات الحشد الشعبي داخلية حسبما اقر قانونياً وتشريعياً وعليه ضرورة الالتزام بالقوانين وإلا سيكون الانفلات الأمني من قبل البعض من الميليشيات وتصادمها مع القوات الأمنية، وخير مثال ما حدث في شارع فلسطين من تصادم مسلح بين القوات الأمنية وعناصر من ميليشيات كتائب حزب الله حيث أوضحت وزارة الداخلية "حرص القوات الأمنية على تنفيذ القانون وإشاعة أجواء الأمن والأمان في جميع مناطق البلاد وبما يؤدي إلى حصر السلاح بيد الدولة" هذا التوضيح عبارة عن جانب واحد من الاشتباكات التي وقعت وتقع في الشارع العراقي ، فهناك العديد من مقرات مسلحة منتشرة بشكل ما في الأحياء السكنية منها علنية ومنها سرية، وأعلنت وزارة الداخلية " تبين أن المتورط ومطلق النار ينتمي لإحدى فصائل هيئة الحشد الشعبي"، هذا الصدام المسلح يذكرنا بتأكيدات رئيس الوزراء والعديد من المسؤولين بحصر السلاح بيد الدولة وإنهاء ظاهرة الميلشيات في الشوارع والمناطق السكنية، لكن المنطق يحتم علينا أن نستفسر بشكل ملح
ـــ هل تستطيع وزارة الداخلية أو أي رئيس وزراء أو مسؤول حكومي أن يمنع هذه الظواهر والمقرات للميليشيات بدون إراقة الدماء أو الاضطراب الأمني الواسع؟.. نجيب بكل صراحة " لا نعرف فهو ليس بالأمر السهل ". في نقلة أخرى نشهد اتهامات مختلفة في تصريحات البعض من النواب القدماء أو البعض من مسؤولين في الحشد الشعبي وحتى وزارة الخارجية بخصوص الضربة الجوية ففي البداية تم اتهام الولايات المتحدة لكن سرعان ما نفت الاتهامات السفارة الأمريكية في بغداد واليوم ظهرت اتهامات جديدة وعلنية فقد حمل همام حمودي النائب الأول لرئيس مجلس النواب يوم الأربعاء 20/6/2018 ونشرته شفق نيوز، إسرائيل مسؤولية القصف الجوي الذي طال الحشد الشعبي في سوريا ودعا همام حمودي أثناء لقائه ب ايان كوبيتش رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق"البعثة الأممية ومجلس الأمن للتدخل الحازم و الجاد والعاجل إزاء الضربة الإسرائيلية الجوية "الخطيرة" على قوات الحشد الشعبي المتمركزة قرب المنطقة الحدودية العراقية – السورية" وهو اتهام لإسرائيل التي مازالت تهدد أمن المنطقة وليس سوريا فحسب.
إلا أن الأمر يدعو مرة أخرى إلى التفكير الجدي في مهمات بعض الفصائل المنتمية للحشد الشعبي أو التي تدعي الانتماء للحشد الشعبي والتي أخذت تهدد بالثأر من الذين قاموا بالغارة الجوية فقد أعلنت ميليشيات حزب الله العراقية بأنها ستثأرلمن "قتلوا بغارة سوريا" وجاء على لسان جعفر الحسيني المتحدث بأسم الحشد" إلى أن رداً مناسباً ستنفذه المقاومة!! حال معرفة من شن الغارة ضد الفصائل العراقية" وتعد ميليشيات حزب الله العراقية فصيل مسلح يتمتع بنفوذ قوي خارج سلطة الدولة ويقال عنها أنها موالية لإيران وقد اتهموها بارتكاب العديد من المجازر داخل العراق . وهنا يتجدد الاستفسار والأسئلة
ــــ هل مهماتها داخلية مثلما أشير لها من قبل الحكومة العراقية وترتبط بالمؤسسة الأمنية؟
ــــ أم أنها كما تظهر مستقلة لا ترتبط لا بالقائد العام للقوات المسلحة ولا بالمؤسسة الأمنية ولها رئاسة وقيادة تأتمر بها بالرغم من الادعاء أنها جزء من المؤسسة الأمنية؟
ــــ لماذا هي خارج الحدود العراقية وبمهمات قتالية طائفية؟
ــــ هل هي امتداد لفتوى السيد علي السيستاني حول " الجهاد الكفائي؟ وتفسير الجهاد الكفائي واضح وصريح
ـــــ أليس من الأفضل أن تحدد المرجعية الشيعية مع احترامنا حدود للبعض المنفلت منها ومنعها بالفتوى من الانفلات والتجاوز على المواطنين أو القتال خارج البلاد؟
ـــــ على الحكومة العراقية أن تعلن عدم موافقتها للمهمات الخارجية التي تؤثر على علاقات العراق بالدول المحيطة وان تنأى بنفسها عن موضوعة المنظمات المسلحة خارج البلاد والا ماذا تقول عن قوى أجنبية تقاتل على أراضي البلاد ؟
لسنا بالضد من المهمات الوطنية للحشد الشعبي التي تخص الدفاع عن الشأن العراقي وصد العدوان الخارجي مهما كان، أو الداخلي وبخاصة محاربة الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله سلفياً أو أصولياً على أن لا تتحول هذه المؤسسة الأمنية إلى بعبع يخيف الشعب ويبتعد عن مهماته ونؤكد على ضرورة إخضاعه للقائد العام والمؤسسة الأمنية التابعة للدولة ومنع أي خروج عن ذلك بما فيها امتلاك الأسلحة والمقرات العسكرية العلنية والسرية، يجب أن تقوم الحكومة القادمة بتنفيذ قرارات حصر السلاح في يد الدولة ومنع أي تنظيم مسلح خارج إطارها والا لن يستتب الأمن أو تهدأ الحالة وستبقى هذه التنظيمات المسلحة تهدد الاستقرار والمواطن مثلما هي حال المنظمات الإرهابية والمافيات المنظمة . العراق كدولة ليس بحاجة إلى تنظيمات مسلحة خارج إطار السلطة لان ذلك يشجع على انتشارها بشكل واسع مما يشكل خطراً على الأمن الوطني وعلى الوحدة العراقية.