أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء 21 أب 2018، مرسوما تنفيذيا يرفع القيود البيئية عن استخراج وحرق الفحم. وبهذا بدأت حكومته بالتراجع عن القوانين التي اقرتها الحكومات السابقة والتي جاءت للتقليل من مسببات التغير المناخي.
وركز الرئيس ترامب على الغاء مشروع الطاقة النظيفة والتي أقرها سلفه، باراك أوباما، والتي تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية. وكان قبلها قد أخرج الولايات المتحدة من اتفاقية باريس الخاصة بالحفاظ على البيئة في العالم، والتي وقعتها 196 دولة.
ولا يؤمن الرئيس الأمريكي وحكومته بان التغييرات المناخية والاحتباس الحراري هي مسألة حقيقية، ويعتبرها بدعة او مزاح، بالرغم من أن معظم الشعب الأمريكي ومعظم شعوب العالم وحكوماتها تؤمن بأن الأنشطة البشرية والاعتماد على حرق الوقود الأحفوري (الفحم والنفط) هو المصدر الاساسي للغازات الدفيئة (ثاني أوكسيد الكاربون والميثان وغازات اخرى) والمسببة الاساسية للتغيرات المناخية.
وتشمل التأثيرات البيئية لاستخراج وحرق الفحم مشكلات كثيرة منها تلوث المياه والهواء الناجم عن تعدين الفحم، والتلوث الجوي والذي يأتي من حرق الفحم وينتج مئات الملايين من أطنان المخلفات الصلبة.
ويعتبر ثاني أكسيد الكربون الذي يأتي من حرق الوقود الأحفوري من أهم الغازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية، ويستمر وجود هذا الغاز في الغلاف الجوي لألاف السنوات يحبس الحرارة من الإشعاع الشمسي، ويدفع نحو تغير المناخ.
وقبل عام 1800 كان معدل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنحو 280 جزءا في المليون، الأمر الذي يظهر تأثير الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية منذ الثورة الصناعية، ولكنه تجاوز حاجز 400 جزء بالمليون للمرة الأولى عام 2013.
إن ارتفاع درجات الحرارة العالمية بسبب زيادة معدل ثاني أكسيد الكربون في الجو سيؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر، وتغير كمية ونمط هطول الأمطار، ويؤدي الى توسيع الصحاري، واستمرار انحسار المناطق الجليدية، مع تأثر منطقة القطب الشمالي بصورة خاصة، وتهديد موارد المياه. ومن الاثار المحتملة الأخرى انكماش الغابات، وزيادة حدة الأحداث المناخية المتطرفة، وانقراض أنواع كثيرة من الحيوانات والنباتات،والتغيير في المحاصيل الزراعية وامكنتها.
وضم البابا فرانسيس، بابا الفاتكان، صوته الى العشرات من رؤساء دول العالم، حين قال في كلمة له في مؤتمر تغير المناخ في الفاتيكان في حزيران من هذا العام: " إن الطاقة من متطلبات الحضارة، لكن استخدام الطاقة لا يجب أن يدمر الحضارة”.وحذر البابا، خلال كلمتهمن الفشل في تقليل استخدام الوقود الأحفورى، والذي سيؤدى إلى سلسلة من التغيرات المناخية الخطيرة بسبب الارتفاع الكارثي في درجة حرارة الأرض، واكتساب البيئات طابع أكثر قسوة مناخيًا...
بما ان حرق الوقود الأحفوري هو المصدر الاساسي للغازات الدفيئة، فالعالم وحكوماته مطالبين بتقليل الاعتماد على الفحم والنفط كمصدر اساسي للطاقة، وتطوير الحلول البديلة المتوفرة عن طريق الطاقة المتجددة الطبيعية.
إن تطوير الطاقة المتجددة البديلة لن يدمر اقتصاد الدول او المواطنين بل سيعطيهم الفرصة للدخول عالم جديد تديره مصادر طاقة جديدة يأتي عليهم بالازدهار الاقتصادي وفرص العمل والتطور التكنولوجي وحماية البيئية.
نتمنى ان لا نجعل مستقبل اجيالنا ومستقبل عالمنا الجميل رهينة لمكاسب سياسية محدودة وقصيرة العمر.
"انظر بعمق إلى الطبيعة وبعد ذلك سوف تفهم كل شيء أفضل"ألبرت أينشتاين.
نبيل رومايا
21 أب 2018