ahmedlada@gmx.net
فيما كانت المحاصصة على اساس التوافق بداية لتأمين وحدة المجتمع العراقي بقومياته و اديانه و مذاهبه و احزابه و قواه الوطنية بعد انتهاء الاحتلال، الاّ ان قيادة حزب الدعوة الحاكم في دورة حكم المالكي الأولى استغلّت ما سُمي بـ (البيت الشيعي) و (مظلومية الشيعة) لتأسيس حكم طائفي في البلاد مدعوم من دولة جارة . .
و عملت على اساس ان تجعل المحاصصة تحت هيمنتها بشتى السبل و الاسماء و الكتل الحاكمة الاخرى، بالإغراء و التهديد، موظفةً تعيين الموالين و الاقارب في مفاصل الدولة الهامة و كأنها ملك لذويها، مسخّرة موارد البلاد الفلكية لمطامحها هي دون الاهتمام بحقوق ابناء البلاد بمختلف اطيافهم و لا الاهتمام بتعميرها بعد ان خرّبتها الحروب، و دون الاهتمام بوحدتها و رخائها . . الامر الذي وصل بسلوكها الى تحطيمها هي لفكرة (البيت الشيعي) التي وظّفتها واستغلتها لها وحدها، باهمالها لمحافظات البلاد و لتسببها بخسارة ثلث البلاد امام عصابات داعش الإجرامية . .
و يرى العديد من السياسيين المستقلين ان انغماس مسؤولي حزب الدعوة بمصالحهم الأنانية الضيّقة فقط و اهمالهم حتى لأبناء الشيعة، قد اوصل البلاد الى حالة من البدائية لم تعشها قبلاً قط . . حتى صارت المحافظات ذات الغالبية الشيعية تنتفض على حكمها وعلى فساده و فساد مسؤوليه . . بعد ان كوّنت لها اوليغارشية (*) طائفية حاكمة بستار مظلومية الشيعة الذي خدعت به الجماهير.
و حتى صار نهجاً لهيمنة دكتاتورية يتكرر، بدأ بستار (البيت الشيعي) بزيادة الاستحواذ على (الغنائم) الفلكية، و سار باغراء الآخرين بالمال و السلاح ثم بطمطمة الفساد الاداري و غلق التحقيقات القانونية الضرورية للاصلاح عندما تعلو الاصوات، و غلق تلك التحقيقات التي تحطّمت فيها ثلث البلاد و قتل فيها انبل الشباب في سبايكر و راح عشرات الآلاف ضحايا لها و تحطّمت مدن كبرى و تشرد بسببها الملايين، رغم وصول اللجنة البرلمانية للتحقيق فيها الى نتائج ملموسة ابلغتها علناً . . كل ذلك بدعم من ميليشيات مسلحة متنوعة الاسماء و العناوين، و بدعم دولة جارة ينشط مسؤوليها و تتحدث علناً عن دعمها لذلك النهج . .
حتىّ ضجّت البلاد باستنكار مايجري لحياة ابنائها بكل اطيافهم رجالا و نساء، مطالبة بالإصلاح و وصلت الاحتجاجات الشعبية التي ووجهت بالرصاص الحي و تساقط بها المئات من شباب البلاد بين قتيل و جريح، وصلت الى (البيت الشيعي) الحاكم باسم التحالف الوطني لتتفرّق قواه بل و وصلت الى حزب الدعوة القائد لذلك التحالف و تسببت بتمزّقه تحت مطرقة المطالب الشعبية.
و يرون انه بعد ان همّش المالكي الامين العام للحزب، القضاء و الهيئات المستقلة و اخضعها للمحاصصة و جمّد دورها كضامن اساسي لميزانية البلاد و للتداول السلمي للسلطة . . يستميت الآن هو و شُلّته في محاولات للملمة حزب الدعوة بكل الوسائل، لتثبيته حاكماً . . لمنع التحقيق القضائي بحق الفاسدين من ابرز قادته و في مقدمتهم هو نفسه . . مانعاً بذلك الحق الدستوري في التداول السلمي للسلطة، و في محاولة لإفراغ الإنتخابات من معناها و جدواها، و في تطبيق اصمّ لفكرته هو (ماننطيها) . .
في وقت يبرز فيه الإصلاح الذي لابد منه كبداية لمرحلة جديدة يمكنها اصلاح مامضى و بُني عليه على الاقل، و الاّ لن يدوم الحكم القادم الاّ لبضعة شهور، كحكم جاء بانتخابات عرجاء شارك بها اقل من 50% ممن يحق لهم التصويت، و يواجه خطر تكوّن كتلة برلمانية كبيرة معارضة يؤيّدها مئات الآلاف من شباب الاحتجاجات السلمية سنّة و شيعة و من كل الاطياف العراقية، الذين يزدادون وعياً و شجاعة في الدفاع عن حقوقهم بحياة حرّة كريمة في بلاد تزدهر بالخيرات المتنوعة التي تحسدها عليها بلدان العالم . . شباب الاحتجاجات في كل محافظة من المحافظات، و التي منهم وصلت البصرة بسواعد ابنائها و بناتها لتكون حجر زاوية صلب من اجل بناء جديد يعيد للعراق استقلاله و قوّته و عزّه و صداقته الحقّة مع دول الجوار على اساس الإستقلال و الإحترام و المنافع المتبادلة .
24 / 9 / 2018 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) حكم العوائل.