عشنا وعاشت الأجيال التي سبقتنا والتي جاءت بعدنا ونحن نبحث عن التغيير في مجتمعاتنا العربية وفي وطني الجريح والمحتل ( العراق ) خصوصاً، وفكرنا كثيراً كيف يمكن ان نساهم في حدوثه وتحقيقه، ولا يزال التغيير من الأمور المحيرة لدى الشباب خصوصا ولدى الكثير من القوى التي تنشد التغيير من اجل أصلاح مايمكن أصلاحه وإنقاذ مايمكن إنقاذه.
منذ العام 2003 وحتى اليوم وبعد 16 عام من التغيير مررنا بتجارب عديدة وعسيرة ولم تكن سهلة، وفي اغلبها كان الجميع مستعد ومؤمن بأهمية التغيير سواء كنا شيوخا أم شباب نساءً ورجال لأنه سمة من سمات الحياة لأحداث تطور وتقدم ما في البلاد وصولاً الى متطلبات العيش الكريم للشعب بدون تفرقة أو تمييز.
على الرغم من كل المحاولات إلا ان النجاح لم يتحقق بالشكل المطلوب الذي يحلم به الجميع ويسعى لتحقيقه، بل أننا كل يوم نشهد تراجعا كبيرا على جميع المستويات ينسف كل النوايا النبيلة، ومع ذلك تستمر المحاولات والرغبة بمعالجة الخلل وبما يساعد في تحسين الأوضاع ومواكبة التطور والتنمية والتقدم الذي يدور من حولنا وبما يشجع الطاقات الشابة على وجه التحديد ويحافظ عليها من الإحباط وينقذها من الضياع عن طريق تفعيل أدوارهم لبناء العراق الجديد.
وأمام هذا التحدي الكبير في بلد مثل العراق شهد محطات مرعبة من العنف والإرهاب والفساد والمواقف المتطرفة التي أدت إلى تدمير المجتمع العراقي عبر محاولات لزعزعة وحدته وتمزيق بنيته الثقافية المتنوعة، ومررنا بسلسلة من الصراعات والحروب الداخلية والتدخلات الخارجية ، ونحن نعيش ألف فكرة وفكرة من اجل التغيير، نتمنى حدوث التغيير الناجع الذي يعالج مظاهر فقدان الثقة التي خلفتها السياسات الخاطئة والمقامرة بمصير الناس والبلد ، بالإضافة إلى تهديد القيم والأفكار وخلق مظاهر الاستياء لدى الشباب والجيل الجديد الذي بدأ يعيش حالات من الغضب الذي لاتحمد عقباه بسبب السلبيات الكثيرة والمتراكمة وقلة المنجزات التي تم التعهد بها خصوصا في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية مثل البطالة وانعدام العدالة ومقومات الحياة.
وبدلا من معالجة الأمور والإخفاقات التي تراكمت طوال أكثر من 15 عام من التغيير لم نلمس فيها أية حلول أو معالجات سريعة لكل الأزمات التي حدثت بل على العكس نلمس الاستمرار في عدم الإصغاء إلى رغبة الجماهير وعدم الالتزام ببرنامج الإصلاح والتغيير المطلوب بما يعيد الاستقرار الى البلد في جميع الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
عند هذه اللحظة التي تصر فيها القوى المتنفذة على التفكير الضيق بمكتسباتها دون التفكير بالحلول للمشاكل الكثيرة التي يعاني منها المواطن العراقي البسيط وتستمر بعدم التزامها ببرنامج يخدم الشعب والوطن وهي تفصل قانون الانتخابات على مدى استفادتها منه في تدوير السلطة واستمرار حكم الفاسدين، ينبغي ان نفكر مليا بالتغيير الذي يأخذنا الى بر الأمان ، التغيير الذي يخدم مصالح الناس ويعيد الهيبة لبلد الحضارات ببناء دولة المؤسسات واحترام القانون، فلابد من وجود أرادة مؤمنة بالتغيير وقادرة على قيادته بوعي وأدراك كامل لكل مقتضيات المرحلة وحساسيتها، لابد من رسم خطواته بوضوح وتحديد اتجاهاته لترسم طريقا للتغيير قبل وبعد حدوثه لضمان تحقيق الأهداف المرجوة منه.
لابد من الاستفادة من كل التجارب التي قادها الشباب وتعامل معها ودفع الثمن حياته من اجل تحقيقها، ونحن على مشارف الذكرى الرابعة من تظاهرات تموز 2015 لابد لنا من التفكير بجدية بأننا أمام مفترق طرق تدعونا الى التغيير وهذا لن يكون سهلا لكنه ليس مستحيلاً وقابل للتحقيق أذا تم التفكير والالتزام بضرورات التغيير وعبر الطرق السلمية لقطع الطريق أمام الانتهازيين والفاسدين والمفسدين الذين يحاولون أعادة تدوير السلطات المحلية وعودة هيمنة قوى الفساد، فأما التغيير في قانون الانتخابات بما يضمن حماية صوت المواطن وحقوق جميع القوى الوطنية والتأكيد على ان العراق دائرة انتخابية واحدة ، أو الإلغاء لانتخابات مجالس المحافظات وحلها في عموم العراق كونها ستكون دوائر حكومية منتجة للفساد وحامية للفاسدين لا أكثر .. أما أذا استمر التسويف والاستهتار بمطاليب الجماهير فسيكون خيار المقاطعة هو أضعف الأيمان وبلا جدوى لأنه سيكون ضمانا أخر يخدم مشروع عودة أنتاج حكم الفاسدين وهيمنتهم على السلطات المحلية من جديد.