يظل الأعلام السلطة التي لها حضورها وضرورتها في حياتنا العامة والخاصة ، وتشكل ركيزة من ركائز بناء الدولة الديمقراطية التي تبنى على أساس دولة القانون والمواطنة وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان، وحتى لو حظيت الإذاعة والتلفزيون بالتأثير المباشر على الجماهير إلا ان تأثيرها مرتبط بذائقة جمهور مزاجي ومتغير يتأثر بالأمور الآنية والوقتية، وتبقى الصحافة ذات التأثير الأقوى في تكوين الرأي العام لدى القراء والمتابعين مقابل محافظتها على الدقة في المعلومات ومهنيتها ورسالتها الإعلامية السامية.
الصحافة هي المهنة التي تقوم على جمع المعلومات والأخبار والتحقق من مصداقيتها وتحليلها ونقلها للجمهور بأحسن وأفضل الطرق ليتم تداولها من قبل الجميع مهما كان طبقاتهم وشرائحهم ومعتقداتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية لتصلهم ابرز الأحداث المحلية والدولية والمستجدات في المشهد السياسي والأخبار الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية.
وعبر أكثر من ثمان عقود متتالية حافظت طريق الشعب على هويتها كصحيفة شيوعية عراقية منذ أول صدور لها أواخر تموز 1935 كان اسمها آنذاك ( كفاح الشعب ) مُسجلة تاريخ طويل من النضال منذ بدايات صدورها السري وهي تتحدى كل المحظورات لتلعب دورا كبيرا ومؤثرا ومميزا في تبني وعكس نضال الحركات والقوى الوطنية والديمقراطية وهي تكافح أنظمة استبدادية للدفاع عن مصالح الشعب واستقلال الوطن، مسيرة صحفية معبدة بتاريخ لايمكن التغاضي عنه أو تجاوزه عند الحديث عن الصحافة العراقية، وذلك للدور الذي لعبته ومازالت تقوم به من اجل تكريس القيم المهنية والحقيقية للصحافة العراقية، ولطالما ساهمت في فضح السياسات القمعية والأساليب الإجرامية للحكومات الظالمة التي توالت في حكم العراق، متبنية مطاليب القوى الكادحة وأمالها في وطن حر وشعب سعيد، وبقيت صحيفة طريق الشعب من الإصدارات المميزة للحزب الشيوعي العراقي والمنبر الذي يحتضن الكثير من الأقلام التي تكتب عن قضايا الوطن وهموم الناس وتساهم في توعيتهم ، فهي لم تكن صحيفة للقراء وحسب بل كانت مدرسة للكثير من الكاتبات والكتاب الذين احتضنت أقلامهم طريق الشعب فوجدوا فيها المنبر الرحب الذي يتبنى طرح الكثير من الأخبار والتحليلات السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية والثقافية، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري بقيت طريق الشعب متمسكة بهويتها
ورسالتها بالرغم من كل التحديات ومعوقات العمل محافظة على استمرارية صدورها بين المئات من الصحف والإصدارات التي تملأ المكتبات العراقية اليوم.
طريق الشعب واحدة من أول وأهم المنابر التي احتضنت مئات الأخبار والتقارير والمقالات والصور التي كتبتها حيث كانت بداياتي بالكتابة فيها عام 2004 ، ومنحتي الثقة للاستمرار بالكتابة في أكثر من مجال عبرت فيه عن هموم الناس وحياة الشعب وقضايا المرأة والطفل وحقوق الإنسان ، وكانت واحدة من الوسائل المهمة لأبصال المفاهيم الديمقراطية ونشر التوعية بالكثير من القوانين والاتفاقيات والقرارات الدولية، بالإضافة إلى تبنيها إصدار صفحات تحاكي هموم الطلبة والشباب والفلاحين والعمال وأوضاعهم ، والشؤون الاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية ساهمت في الأعداد والكتابة للكثير منها، وبعد مرور خمسة أعوام حصلت على أول هوية لي كمراسلة لطريق الشعب وكان شرفاً لي الحصول على هوية تعريفية افتخر بحملها في كل مكان، وأصبحت المسؤولية اكبر من حيث الالتزام المهني والسلوك الصحفي الذي يليق بصحيفة لها عمرها الطويل وبصمتها الفريدة ، وبمناسبة الاحتفال بالذكرى 84 لعيد الصحافة الشيوعية جاء تكريمي ضمن كوكبة مميزة من الرواد ومجموعة من العاملين في الصحافة الشيوعية من كتاب ومصممين، هو تتويج لمسيرة عمل لم تكن سهلة كي نكون على خطى أسماء لامعة وخالدة من الشهداء من المناضلين والكتاب والصحفيين، والمئات من العاملين المجهولين الذين ساهموا في دعم الصحيفة بالأخبار والمعلومات الحساسة والوثائق المهمة ، السعادة لاتوصف وانت ضمن مجموعة من العاملين حالياً الذين يبذلون أقصى الجهود لتقديم الأفضل ليس كصحيفة شيوعية فقط وإنما كصحيفة تأخذ على عاتقها وبحرص متابعة هموم الناس وقضاياهم والمشاكل التي يواجهها البلد، وطرحها بطريقة تساهم في تقديم المعالجات والحلول التي تخدم الوطن والمواطن.
شكرا لجريدة طريق الشعب الصحيفة الأولى التي تعلمت فيها ان للحرف قيمة ورسالة وان للقلم والرأي دور كبير في التغيير وللصحفي أمكانية التأثير في المجتمع لخلق ثقافة مغايرة تعمل من اجل ترسيخ قيم المواطنة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون ونبذ العنف والتطرف لتأمين السعادة والحياة الكريمة لكافة بنات وأبناء الشعب دون تمييز في العراق الموحد والأمن والمستقر.