المقدمة: أن معاهدة بورتسموث 1948 شددت تبعية العراق لبريطانيا في المنطقة ، إلا أن المما نعة الشعبية بحراكها الجماهيري بقيادة قوى اليسار الديمقراطي العراقي والمرجعية الدينية آن ذاك أسقطت حكومة صالح جبر الذي وقع المعاهدة ، ويتضح إن الأتفاقية الأستراتيجية الأمنية العسكرية الأمريكية مع العراق وبمقاربات سياسية تبدو وكأنّها بورتسموث جديدة بصياغة أمريكية ، علماً أن الأتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية تنص على أنسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من المدن والقرى بتأريخ لا يتعدى كانون أول 2011 وتحل محلّها القوات العراقية .
أهمية البحث :تكمن أهمية هذا البحث في أستكشاف المجاهيل المستقبلية المرتبطة بالعملية السياسية وخصوصاً عندما يكون المحتل الغاشم أمريكا عدوة الشعوب ، نفوذها المتصاعد على الخارطة السياسية وكشف أطماعها في الوصول إلى مراكز الطاقة في العراق ، وجعل الساحة العراقية برمتها قاعدة عسكرية كبيرة في تصفية حساباتها مع الدول الأقليمية للعراق وهذا مرهونٌ بمدى تواجد القوات الأمريكية وفاعليتها في أستهداف عدوها التقليدي أيران وأذرعها في المنطقة .
مشكلة البحث :- ما الدور الذي ستلعبها القواعد الأمريكية من ظهور العدو داعش الأرهابي ؟ ، وخاصة هناك ضبابية وشكوك لدى الجمهور العراقي في مدى جدية أمريكا في مواجهة الأرهاب الداعشي .
-هل سيعزز التواجد الأمريكي خطوط التحالف المشتركة في دعم توجهات العراق الوطنية أقليمياً ودولياً أم العكس ؟ .
- هل سيحضى الساسة العراقيون على فرصة أن يغيروا بوصلتهم تجاه تحقيق مصالح الشعب ؟
- وهل يستطيع العراق الخروج من مستنقع هذه الأتفاقية الجائرة ؟ بأعتقادي إنّهُ لا يستطيع الخروج من الأتفاقية الأمنية مع أمريكا لسببين :
1-أن أغلبية النواب يرفضون خروج المحتل ( المؤيدون لخروجه 60 نائب من مجموع 327 الباقي 267 نائب يرفض خروج المحتل البغيض .
2- تلويح المحتل الأمريكي ب( الذئب ) خلف الباب ويقصد به داعش الأرهابي ، أضافة إلى تلويح واشنطن في حالة عدم توقيع العراق على الأتفاقية تجميد 154مليار دولار من الأصول المالية في الخارج ، وأبقاء شبح العقوبات الأقتصادية والديون التي تثقل كاهل العراق .
موضوع البحث:تنص الأتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية على أنسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من المدن والقرى بتأريخ لا يتعدى كانون أول 2011 وتحل محلها القوات العراقية ، ولكن الذي جرى على أرض الواقع يعكس غير ذلك بغطرستها المعهودة وتماديها في تنكيل الشعوب المقهورة فلا حصل العراق من بلح اليمن ولا من عنب الشام كما يقال في الأمثال فقد غيّبت أمريكا سيادة العراق بزيادة قوات المارينز حتى وصلت إلى أكثر من 6 آلاف مقاتل والأكثار من نشر القواعد العسكرية حتى وصل إلى أكثر من 50 قاعدة منتشرة في عموم العراق ، والأكثر تحدياً في أهانة سيادة العراق تلك الزيارة السرية للرئيس الأمريكي ترامب لقاعدة عين الأسد في الأنبار سراً في نهاية عام 2018 ، واليوم السبت بتأريخ 22-11-2019 زيارة ( بنس ) نائب الرئيس الأمريكي لقاعدة عين الأسد سرا بدون علم الحكومة العراقية أن جميع زيارات المسؤولين الأمريكان غير معلنة الأهداف والنوايا وأبرز مخرجاتها تأجيج الشارع العراقي وخلق توترات جديدة لأرباك الحكومة والأكثر أهانة يذهب إلى أربيل ويتصل بعادل عبد المهدي وهو يعلم أن بغداد هي عاصمة العراق وليست أربيل ، فزيارة بنس أنتهاك صارخ للسيادة العراقية وبتدخله الفج الغير مسؤول في أحياء فكرة الأقلمة في تقسيم العراق التي يروج لها الكونكرس الأمريكي ، أجتمع ( بنس ) بشيوخ الأنبار وبعض من وجهائها وخاطبهم بخطاب تحريضي مدسوس {--- إنّ أقليم الأنبار أستحقاقٌ لكم وسوف ندعمكم} ؟؟؟!!!.
أما بالنسبة للتسليح فأن أمريكا تعرقل تزويد الجيش العراقي بالأسلحة والمعدات ، ها أن القوّة الجوية العراقية لا تمتلك طائرات مقاتلة وتدني مستوى تجهيزها بطائرات التصوير ، وأما بشأن تجهيز العراق بطائرات F16 أنها دخلت في نفق مظلم يلفهُا الغموض والتباطؤ والتردد ولم تفي بتعهدها .
ممكن للعراق تغيير عدد من مفاهيم الأتفاقية ضمن الأطار الستراتيجي المبرمة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية ولا يستطيع العراق الخروج منها في المنظور القريب ولا يستطيع الذهاب صوب دولة أخرى لأجل التسليح والتجهيز لكون الأتفاقية جعلت العراق مقيّداً بالتسليح والتجهيز وضمان توفير الأمن الداخلي والخارجي ، وتعرض العراق لقصف بطائرات مسيرة أسرائيلية في مارس الماضي لمواقع عسكرية للعتاد والذخيرة العسكرية بيد أن أمريكا لم تتدخل بموجب ما نصت عليه الأتفاقية ، وأن الأنسحاب الأمريكي من العراق تطبيقاً لما نصت عليه الأتفاقية الأمنية في عهد أوباما في الفترة الأولى من رئاستهِ أهم أنجازات رئاسته ولكن الفوضى الدولية وأنفجار أكثر من أزمة أمام الفترة الثانية لأوباما مثل الأزمة السورية والعراقية وثورات الربيع العربي ألقت بظلالها على المنطقة برمتها وتحوّل العراق من قصة نجاح لأنجاز أمريكي إلى قصة فشل وأرتباك وفوضى في السياسة الخارجية الأمريكية ، حسب قناعتي خلقتْ تلك الملابسات والمطبات السياسية ( فراغا ) في العراق ملأهُ خصوم أمريكا على المستويين المحلي والأقليمي ، وأصبح أمن العراق تحت سطوة أمبراطوريات شركات الأمن الأمريكية المتعددة الرؤوس فهي تدسُ أنفها بشكل وقح وفج حتى في الأمور الداخلية .
كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد