ما اكثر الاحراجات التي نقع فيها كمواطنين بسبب حكامنا!
نُحرَج عندما نقف امام حيرة الصحفيين والباحثين الأجانب ونحن نوضح لهم، التلون المفضوح للطغمة الحاكمة واتباعها وهم يتصنعون الالتزام بالديمقراطية وحقوق الانسان، في وقت هم فيه يوغلون في قمع شبان الانتفاضة.
نُحرَج حينما تباغتنا اسئلتهم عن سر الاستعصاء في اختيار رئيس وزراء كفوء ونزيه ومهني، بينما العراق غني بكفاءاته!
نُحرَج عندما نبصر إندهاشهم وهم لا يستطيعون تفسير عناد حكامنا ضد تنفيذ مطالب الانتفاضة، ومنها تقديم سراق المال العام الى المحاكم، وتشريع قانون عادل للانتخابات وإدارة نزيهة لها، وتنويع اقتصاديات العراق. وهذه اهداف ممكنة التنفيذ وغير مكلفة. ويستغرب الصحفيون الأجانب عدم تحقيق هذه المطالب وهي قضايا واقعية وحقوق معترف بها ضمن سياقات طبيعية لكل دولة تحترم مواطنيها!.
تحرجنا أسئلة الباحثين الأجانب حينما يعرضون علينا موقع العراق المتقدم ضمن قائمة أعلى البلدان فسادا. تحرجنا الأسئلة والمعطيات عن تراجع النمو وانعدام التنمية، وارتفاع معدلات الفقر والمرض. ونشعر بأعلى درجات الاحراج حينما يجري الحديث عن معدل الامية في العراق، في وقت يمضي العالم فيه نحو انهاء الامية الإلكترونية. العالم يتسابق في تقليص الفجوة الإلكترونية، وفي العراق حيث تتسيّد طغمة الفساد، لا ينخفض معدل الامية الابجدية.
نُحرَج لأن عراق الحضارات ، يمضي نحو اللادولة مع تواصل القتل اليومي الممنهج للمنتفضين السلميين على يد رجال السلطة او مليشيات مسلحة، وهي تحرق خيم المعتصمين وتفتك بهم، امام انظار قوات الامن الحكومية! والاحراج الأكبر حينما يستعصي علينا تفسير طبيعة النظام. فحصيلة شهداء الانتفاضة وجرحاها، تفضح الادعاء بتبني الديمقراطية، بعد ان تجاوز عدد الضحايا ٧٠٠ شهيد، و٢٥ الف جريح. اما اعداد المعتقلين فلا يمكن احصاؤها لأن الاعتقالات العشوائية من دون قرارات قضائية لا يمكن الإحاطة بها.
والاحراج الأهم هو عدم الاتفاق حتى الان على طبيعة النظام. هل بعد كل هذا الخراب والقتل والانتهاكات، يصح الحديث عن اتجاه النظام نحو التحول الديمقراطي؟ ام انه يحث الخطى نحو دولة الاستبداد، بل نحو اللادولة!، لذا بات من الملح إعادة تعريف طبيعة النظام. فحكم (الاوليغارشية) الأقلية الماسكة بالسلطة التي اعتمدت الطائفية السياسية، واتبعت منهج المحاصصة، يستقتل اليوم دفاعاً عن مواقعه بالسلطة، ويقترف من اجل ذلك جرائم يندى لها الجبين، جرائم بحق الإنسانية. وقد افتضحت طبيعته الاستبدادية، وفشل في إخفاء اندماجه مع طغمة الفساد الناهبة للمال العام، بعد ان افرغت صفقات فساده خزينة الدولة. كما رضخ لجعل العراق منطقة نفوذ للدول الخارجية، ووفر بيئة لتدخل الاخرين في الشأن العراقي، وجعل من العراق ساحة للصراعات والتصفيات على حساب القرار الوطني العراقي المستقل.