اخص بالقول الذين لا يأخذون من التاريخ عبرة ويصورون لأنفسهم بأنهم خالدون في السلطة وبما يملكون من مال وسلاح وعناصر قوة وسلطان، إنكم مغفلون لا تختلفون عما من سبقكم لمزبلة التاريخ قيد أنملة، وأبشركم لن يكون مصيركم إلا كمصير الجلادين والطغاة، وحتمية المصير شاخصة دون رتوش أمام الجميع ، وان حاولتم التشبث بالمال والأحلام الواهية . دعوني أقول ــــ لكم يا جلادين العراق الجدد السنين التي تلت السقوط والاحتلال كانت سنين عجاف على العراق والشعب العراقي بينما كان الأمل يحدو أكثرية العراقيين بالتغيير وطي صفحة القهر والظلم والحروب والعمل على إنقاذ العراق مما هو فيه من تخلف وجهل وبتحقق حلم الملايين بالعدالة والمساواة لكن الشعب اصطدم بما حدث بعد ذلك حيث أصبحت المحاصصة الطائفية وأحزاب الإسلام السياسي وبخاصة أكثرية الأحزاب والتنظيمات والميليشيات الطائفية الإسلامية الشيعية تقود البلاد نحو الهاوية بشكل تدريجي هذا التدهور الذي اشرنا عن نهايته الحتمية ظهر جلياً ونوعيا في انتفاضة الشعب ي 1 / 10 / 2019 التي استمر لحد هذه اللحظة.
لم تكن النتيجة مخفية أو ضرباً من خيالٍ بقدر كونها موضوعية وحتمية بسبب التراكمات التي صاحبت العملية السياسية 2003 بعد أن استلمت أحزاب الإسلام السياسي مقاليد البلاد ودَفعت باتجاه تعميق الهوة بين المفاهيم الوطنية وبين مفاهيم الطائفية وشاركتها منظمات التطرف القاعدة وثم داعش وتنظيمات أخرى، إلا أن اللاعب الرئيسي في عملية تحويل العملية السياسية إلى نظام محاصصة طائفي بغيض هم أكثرية القادة السياسيين الفاسدين الحاليين المتمتعين بالجاه والمال والسلطان بينما تعيش أوسع الجماهير في أرذل حالة من الاحتياج والفقر والبطالة وضنك العيش ورزوخ البلاد تحت طائلة التدخل الخارجي والهيمنة وبخاصة إيران تحت طائلة العلاقات الطائفية وتبعية البعض الذين راهنوا على التدخل الخارجي وساهموا في جعل البلاد رهينة لهذا التدخل والهيمنة الأجنبية، ولقد عانت الجماهير من التراكمات البغيضة وتلمست مقدار الأضرار التي لحقت بها وبالبلاد حتى جعلها تعيش في أوضاع سيئة لا بل أسوأ من السابق وبدأ البعض يترحم لشديد الأسف حتى على النظام الدكتاتوري السابق وجرائمه، ما كنا غافلين عن حالة التراكمات ومساوئها ونتائجها بل حذرنا من تداعياتها بالملموس مذكرين الذين هيمنوا على مقاليد السلطة لعد عام 2003 أنهم يساهمون في خراب البلاد وجرها نحو مستنقع الحرب الأهلية والتقسيم وجعلها رهينة لمطامع البعض من دول الجوار وفي مقدمتها النظام الإيراني الذي راح يتصور كما جاء على ألسنة الكثير من المسؤولين بان العراق جزء من الامبرطورية الإيرانية، حملنا ما سيقع من مآسي وخراب على عاتق المسؤولين العراقيين أنفسهم باعتبارهم وأحزابهم لديهم مقاليد السلطة والقرار عن تدهور الحالة المعيشية لملايين العراقيين وإفقارهم وسلب حرياتهم وجعلها رهينة للميليشيات الطائفية التابعة لإيران وهذا ما حدث فعلاً
لقد اشرنا إلى أن هذه التراكمات لن تبقى مجرد تراكمات كما يتصور الموغلين بالفساد وكنا صريحين فما ذكرناه في مقال سابق أن " تراكم السخط والغضب أدى إلى الانتفاضة الجماهيرية في العراق" " التراكم أي تراكم لا بد أن يتحول إلى نوع جديد يختلف في مقوماته عما سبقه من ركود من الانفجار والحركة المتوقعة بين الجماهير، أكثر من مرة حذرنا من السخط والغضب الجماهيري وأفضنا في ذكر تجارب الشعوب والانتفاضات والثورات والهبات الجماهيرية التي كانت نتيجة طبيعية للسياسة الديماغوغية والإرهابية التي انتهجتها الحكومات تجاه الجماهير"
لم تتعظ القوى السياسية والدينية صاحبة القرار من الحقيقة التي تؤكد أن الفساد والظلم طريقان يندمجان في آخر الأمر في طريق واحد هو طريق للثورة والتمرد والرفض والانتفاضة ، لم يتعظ المسؤولين من تصرفات الميليشيات الطائفية المسلحة العاملة على ارض العراق من التحذيرات الوطنية عدم جعل العراق ارض لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحكام طهران، أن الميليشيات السابحة في بحر التبعية لإيران بقت على غيها وكراهيتها لكل شيء ينتمي للعراق وخاصة هي تقوم بدورها الإجرامي في القتل والاغتيال ومستخدمة الوسائل وشتى الطرق للتصفيات الجسدية بدون رادعٍ من ضمير ديني أو دنيوي,, والا ماذا يفسر اغتيال أكثر من ( 600 ناشط وجرح حوالي 20 ألف وإعاقة عشرات الأشخاص منهم ) .
أية جريمة قذرة عندما يتم قتل المواطن الذي يطالب بلقمة عيش كريمة في بلد مملوء بالخيرات التي استحوذ عليها أصحاب الضمائر النتنة الفاسدين الذي لا يختلفون عن الحرامية وقطاع الطريق، يستعملون الرصاص الحي ضد مواطنين لا يملكون إلا أصواتهم وأجسادهم وهم مسالمون وشعاراتهم السلمية والحقوق المشروعة بينما تمارس ضدهم أدوات القمع الدموي والقتل والقهر والاعتقال، وتبقى حكومة عادل عبد المهدي صامتة صمت القبور أمام اتهامات وادانات شتى من قبل ليس القوى الوطنية فحسب بل حتى البعض من قوى الإسلام السياسي فما تصريح النائب عن النهج الوطني، حسين العقابي إلا جزء قليل جداً من الادانات إن" ما حصل للمتظاهرين طوال الأشهر الأربعة الماضية كارثة بكل المقاييس وعلى رأسها محافظتي بغداد وذي قار، فحينما نرى الأرقام المهولة لضحايا التظاهرات نجدها فاجعة مؤلمة لكل العراقيين" وفي هذا الصدد حمل الحكومة مسؤولية هذه الانتهاكات".وأشار بشكل صريح أن" الحكومة الحالية خيبت آمال العراقيين ووحدها من تمتلك الجواب بشان قتل المتظاهرين".
وأمام جملة من الوقائع وكشف تورط الحكومة بقيادة عادل عبد المهدي والميليشيات الطائفية المسلحة والبعض من تنظيمات سياسية تابعة نجد من الضروري الإسراع في تلبية المطالب التي طالبت بها الجماهير المنتفضة وأكثرية الشعب العراقي، وأكد العقابي " الإسراع في تشكيل حكومة وطنية وإعداد برنامج حكومي ناجح والتهيئة لانتخابات مبكرة السبيل الأوحد للخلاص من هذه الأزمة "
أن الإصرار على المضي في تصفية الانتفاضة بطرق مختلفة قديمة أو حديثة طريق مسدود وهذا ما أثبتته الشهور السابقة لانتفاضة تشرين حيث تصاعد وتر الإصرار والمضي إلى نهاية الطريق ــــ إما استمرار القتل والاغتيال والتصفيات الجسدية والتدخل الخارجي السافل من قبل إيران أو الولايات المتحدة الأمريكية أو ــــ الانتصار والخروج من عنق العملية السياسية الطائفية المقيتة نحو حكومة وطنية وتوجه وطني لإنقاذ البلاد من المافيا الطائفية والفساد والتخلص من التدخل أي تدخل وفي المقدمة إيران والولايات المتحدة الأمريكية، لقد أشار بحق بيان الحزب الشيوعي العراقي " إن استمرار أعمال القمع والقتل العمد والاغتيال والاعتقال والاختطاف وتكميم الأفواه وانتهاك حرية التعبير، والتي كان من آخر ضحاياها الفتى الشيوعي الشهيد فهد العلياوي.لن ينفع في كسر المعنويات " وتابع في القول " أن على السلطات والقوى المتنفذة المتحكمة بالقرار، العمل على حقن دماء المواطنين بالاستجابة فورا لإرادة الشعب ولمطالبه بتشكيل حكومة جديدة من كفاءات وطنية نزيهة، بعيدا عن المحاصصة ومنظومة الفساد " وهذا لن يتحقق إلا بإجراء انتخابات عادلة وفق قانون انتخابي لا يغمط حقوق القوى السياسية الوطنية ويكون صالحاً لتمثيل جميع المواطنين وعدم إعاقة وصول أصواتهم وتمثيلهم في مجلس النواب، لا طريق آخر ينقذ للبلاد والعباد والا مثلما حذرنا من النتيجة الحالية بما هو أسوأ وهي الحرب الأهلية والتقسيم.