الحق في التظاهر والاحتجاج هو حق من حقوق الإنسان، وهو جزء من عدة حقوق أساسية يتمتع بها الإنسان. وبالرغم من أن قوانين حقوق الإنسانأو الدساتير الوطنية لا تمنح حقوق مطلقة في التظاهر، إلا أن هذا الحق قد يكون مظهرًا من مظاهر حرية التجمع وحرية التنظيم وحرية التعبير والتي تنص عليها دساتير دول العالم. ومع ذلك سيستمر فرض القيود على التظاهرات من قبل الحكومات لخوفها من صوت شعوبها.
أن معظم الاحتجاجات والتظاهرات السلمية لا تنطوي على انتهاك لقوانين الدولة. ويمكن للاحتجاجات وحتى حملات المقاومة السلمية أو المقاومة المدنية أو اي حركات سلمية أن يكون لها في كثير من الأحيان دعم إيجابي للنظام الديمقراطي والدستوري. ويمكن أن يحدث هذا على سبيل المثال عندما تنشأ هذه المقاومة ردًا على تفشي المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، أو فشل حكومي في إدارة البلاد وحماية المواطنين كما يحدث في العراق. ومن المهم أن تعترف المؤسسات الحكومية بهذا الحق أثناء وجود نقاط توتر وانقسامات منتشرة داخل المجتمع. وإن قدرة الدولة الديمقراطية على الحفاظ على حق مواطنيها في الاحتجاج هي دلالة على نجاح تلك الدولة والعكس هو فشل لسياسة الحكومة.
والعصيان المدني هو أحد الطرق التي يعبر بها الناس عن رفضهم لممارسات غير عادلة. وقد استخدم العصيان المدني في حركات مقاومة سلمية عديدة، مثلا في الهند في حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة التمييز العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية... والامثلة كثيرة. ويستخدم المتظاهرين السلميين العراقيين العصيان المدني بشكل محدود للوصول الى تحقيق مطالبهم.
إن التظاهرات السلمية ممكن أن تتعرض الى العديد من الامور التي تجعلها تحيد عن أهدافها التي خرجت من اجلها وتتداخل في ذلك اسباب عديدة لعل أبرزها الاختراقمن قبل عناصر سيئة وخاصة بغياب الجانب الأمني. وهذا يتطلب العمل على تنظيم التظاهرات والانتباهالى الأطراف التي تحاول جر المتظاهرين الى العنف والفوضى.
وفي العراق، يجري إتباع اسلوب ايجاد تظاهرات أو تجمعات مضادة للتظاهرات السلمية، وهذه التجمعات المضادة تستخدم العنف، ويُترك لها المجال للوصول الى التجمعات السلمية ويتم حمايتها من قبل افراد الامن المسؤولين عن حماية التجمعات والمظاهرات السلمية. وأحياناً يكون الاعتداء على التجمعات السلمية مشتركا من قبل الطرفين، وفي حال القاء القبض على المشاركين في المظاهرات لا تجد من بينهم أحد من المظاهرات أو التجمعات المضادة بل ان من يتم القاء القبض عليهم هم من السلميين وممن تم الاعتداء عليهم.
وجرى الاعتداء على محتجي العراق في ساحات التظاهرات من قبل المليشيات المسلحة التابعة لأحزاب موالية لإيران تحت أنظار وبحماية القوات الأمنية وحاولت الحكومة إخفاء مشاركتها بإلقاء اللوم على "الطرف الثالث". ويُقتل المحتجين اليوم من قبل قطعان القبعات الزرق التابعة لسرايا السلام الصدرية تحت سمع وبصر القوات الأمنية، وحكومة تصريف الاعمال، ورئيس الوزراء المعين الجديد، بدون أي رد فعل سوى تحقيق لجان ورقية لاستقصاء الحقائق.
وللحفاظ على استمرارية التظاهرات، على منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان المحلية والدولية تشكيل تجمعات للدفاع عن المتظاهرين تضم متطوعين حقوقيين ومحامين وأطباء وباحثين تعمل على توفير الدعم الطبي والقانوني والحقوقي للمشتركين في التجمعات السلمية، من خلال العناية بالجرحى، وتطوير آليةللدفاع عن المتظاهرين الذين يعتقلون أو يحتجزون أو يخطفون وللتواصل مع شبكة المتطوعين لإيصال الدعم الطبي والقانوني، واستخدام الاعلام ومراكز التواصل الاجتماعي بشكل مبرمج وفعال لفضح الممارسات والاعتداءات على المتظاهرين السلميين، وايصال صوتهم ومطالبهم ومحليا ودوليا.
إن الحفاظ على سلمية التظاهرات العراقية هو السبيل الوحيد للوصول الى التغييرات في البنية الحكومية، فمليشيات الأحزاب الموالية لإيران تحاول جر المتظاهرين الى الصراع المسلح للسيطرة عليهم وجر العراق الى حرب أهلية يقتل فيها العراقي اخوه العراقي خدمة للمصالح الإيرانية.
ان سلمية التظاهرات العراقية ستجبر الحكومة العراقية واحزابها المتنفذة على تحقيق مطالب المنتفضين في النهاية، وربما تيقظ حكومات ومؤسسات العالم النائم، فلدم الشهداء فمُ، وللمضحين صوت، والتغيير قادم.
#نريد وطن