توطئة : " علموا أطفالكم أن الحب أخلاق وأن الحب كرامة وأن حب الوطن أمانة ، والأمانة لا تخان ؟!"
تشي جيفارا
في شهر أكتوبر من هذا العام أذاعتْ القنا ة الأذاعيّة الخاصّة بالأطفال السويديين خبراً مفادُه : سوفَ نقومُ –نحن أطفال السويد- بحملةِ جمع تبرعات لمساعدة أطفال سوريا ، علماً أنّ الأذاعةَ جُلّها من أطفالٌ بعمر الزهور الى حد 12 عام --- من المذيع والمحاور ومقدم البرامج والعجيب أنّهم يتحدثون بثقة عالية وبلغة الكِبارْ، وأثارَ فيّ أعجابٌا كبيراً !!!--- يا ترى ما هيّ القوة السحريّة التي جعلتْ من هؤلاء الأطفال كباراً في عقولِهم؟؟؟، وأستغرابي أكثرحين يقومون بهذه الحملة الأنسانية بدون دفع حكومي أو منظمةٍ مدنيةٍ؟
فالأعلان سَرَى مفعولَهُ - بأٍسرع مما نتخيل!!!-بين ألأطفال وذويهم وأنتشروا كخلية نحل -وبعمر الزهور- يحملون صناديق جمع التبرعات في القطارات والباصات والأسواق والبيوت حين ينتزع منك ألأقناع والعطف بطريقة طفولية سحرية بريئة جذابة !!!!
تصور أنْ يقوم بعض الأطفال ببيع بعض من ملابسهم ولعبهم وتحويل ثمنها الى أطفال سوريا ، والبعض من الأطفال السويديين وبالتعاون مع آبائهم في طبخ الطعام وبيعه في الأسواق وتحويل ثمنه لأطفال سوريا ، والأعجب !!!!! أن يلغي بعض الأطفال أعياد ميلادهم الذي يصادف في أكتوبروتحويل تكاليفها الى أطفال سوريا.
حتماً أنّ وراء هذا الجيل من الأطفال بهذه الشخصية الشجاعة والمليئة ثقة بالنفس ومعبأة بحب الخير والمساعدة والعطف في أيام المحّن والحروب !!، نعم نظام سياسي (علماني) لم يُقْحِمْ الدين والقومية في مناهج الدراسة المقتبس من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل وميثاق حقوق الأنسان ، بلْ حتى في المعاملات اليومية وغير موجودة في البطاقة الشخصية أو أيّةِ معاملة ٍ كانتْ !!!! لهذا يفهم الطفل السويدي * العلمانية* بمفهومها الصحيح ، وأصبح بعيداً من التحزب والتخندق لأنّهُ تحصّنَ منها، وأنّ النشأة التاريخية للفرد السويدي أنه يتقزز من أنْ أحداً سالهُ عن دينهِ أ و قوميته ، بالرغم أنهُ لم يسن في الدستور أو القانون ولكنه محظور عرفاً .
وأقسم بأ نّهُ لم يسألني أحد عن ديني أو قوميتى وأنا مقيم في السويد منذ 17 عاماً .
وأن القانون السويدي يعتبر (المرأة والطفل والكلب ) من المقدسات حين يكون لكلٍ منهم أمتيازات وخواص وحقوق لايملكها حتى رئيس الوزراء أو الملك!!!، وتبيّنَ أن الطفل السويدي قد حفظها عن ظهر قلب ومتمسّكْ بحقوقهِ ويطبقها بشكلٍ عملي في حياته اليومية.
تعد السويد واحدة من أفضل الدول في العالم في مجال رعاية الطفل ، ففي عام 1979 أصبحت السويد الدولة الأولى ألتى جعلت من ضرب أو صفع الطفل جريمة جنائية ، وتأسيس لجنة (حقوق الطفل) ألتى تطبق أتفاقية الأمم المتحدة لعام 1989 الخاصة بحقوق الطفل وتعزيزها في المجتمع السويدي: وهذه بعض القوانين الخاصة بالطفل السويدي: تعد أجازة رعاية الطفل( الأجازة الأبوية)في السويد هي من بين أكثر الأشياء كرما في العالم ، حيث يتمتع الآباء والأمهات بعدد 480 يوما أجازة مدفوعة الأجرللطفل الواحد ، أضافة الى أن التعليم " مجاني" في كافة المراحل الدراسية .
وقانون سلطة (أمين مظالم الأطفال) ألتى تسعى ألى أحترام الطفل وأعطائهِ فرصة التطور والأمان والمشاركة والنفوذ.
يبلغ الطفل سن المسؤلية القانونية عندما يُكْمِلْ 15 عاماً وهذا يعني أنّهُ لا يمكن أصدار حكم بالعقوبة ألا أذا بلغ 15 سنة وعندما يبلغ سن 18 سنة يكون قد بلغ سن الرُشدْ ، وحينئذٍ يحق له أنْ يقررفي أمور حياته وأنْ يحصل على شقة خاصة به ، وله الحق في التصويت في الأنتخابات ، وأن يتزوج ، ويقترض من البنك، وأن يحصل على رخصة القيادة .
وتعتبر حقوق الطفل في السويد من أهم ما يشغل أجندة الحكومة والشعب السويدي، فأصبحَ هناك خطوطٌ مفتوحة للأطفال للتحدٍّث معهم عبر الأنترنيت لطرح مشاكلهم أو أيّةِ أساءةٍ يتعرضون لها سواءًاً بالمنزل أو المدرسة أو بالشارع أو البيئة المحيطة بهم.
وفلسفة الحكومة السويدية أتجاه الطفل هوأنهُ (رجل المستقبل*) : لأن الطفل لديهِ مواهب ما قد تؤهله للمناصب العليا في الدولة والمجتمع ، فلا بد من ضمان حقوقه كاملة حتى ولو كان مريضاً أو معوقاً فلا بُدّ من أعطائهِ كافّة حقوقه في الحياة حتى ولو كانت قصيرة .
كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد
في الثالث من آذار 2020