تسعى بعض الدوائر في الكونغرس الأميركي إلى منع البنتاغون قانونياً من إنفاق أموال الميزانية الفيدرالية للحفاظ على السيطرة على حقول النفط في سوريا والعراق.
وجاءت المقترحات ذات الصلة في مشروع ميزانية الدفاع الأميركية للسنة المالية 2021. بيد أن المؤسسة العسكرية الأميركية تقترح الاستمرار في تمويل القوات المحلية حتى لا يتمكن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من العودة للحياة ومواصلة عملياته الإرهابية.
جاء هذا في تقرير نشرته صحيفة " نيزافيسيمايا غازيتا " بقلم مراقبها السياسي ايجور سوبوتين، وتقول إن المبادرة "تحظر على الولايات المتحدة القيام بالسيطرة على أي موارد نفطية في العراق أو سوريا" ، كما تمت الإشارة في موقع لجنة المخصصات في مجلس النواب. وفي الوقت نفسه ، يتوخى مشروع القانون إنفاق مبلغ 700 مليون دولار لدعم أجهزة الأمن الأجنبية والجماعات المسلحة غير الحكومية والأفراد المشاركين في القتال ضد داعش في العراق وسوريا. وتهدف هذه الأموال ، على سبيل المثال ، إلى دعم قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة الكردية والتحالف متعدد الجنسيات و"القوى الديمقراطية في سوريا" ، الذي تشكل الفصائل الكردية عمودها الفقري.
في الوقت نفسه ، يقترح المشرعون استثمار حوالي 1.14 مليار دولار في برامج التعاون الدولي في مجال الأمن ، على وجه الخصوص ، يمكن توجيه 150 مليون دولار ، وفقًا لهذه المبادرة ، لضمان أمن دول البلطيق ، 160 مليون - على البرامج في أفريقيا ، 130 مليون - لدعم دول أمريكا الوسطى والجنوبية 105 ملايين - "للبرامج مع الأردن". ويتم توجيه ما يقدر بنحو 3 مليارات دولار لمساعدة قوات الأمن الأفغانية ، شريطة أن تكون "تحت سيطرة حكومة مدنية تمثيلية تحمي حقوق الإنسان وحقوق المرأة وتمنع الإرهابيين من استخدام أفغانستان".
بالإضافة إلى ذلك ، يتضمن مشروع الميزانية على حظر تمويل بناء قواعد عسكرية دائمة على أراضي أفغانستان أو العراق ، وحظر تخصيص الأموال لـ "الاختبارات غير الضرورية" للأسلحة النووية ، أو نقل مقاتلات F-35 إلى تركيا ، "من أجل منع تأثير أحدث التقنيات الأميركية على أنظمة الصواريخ الروسية ". ومن المثير للاهتمام ، أن مبادرة أعضاء الكونغرس تضع أيضاً حظراً على تخصيص الأموال لطالبان (المحظورة في الاتحاد الروسي) ، باستثناء تحفيز الأنشطة للمصالحة بين الأفغان. وأشار سوبوتين الى أنه ما يزال يتعين أن يمر مشروع القانون بعملية موافقة صعبة في مجلسي النواب والشيوخ.
ونُقل عن الباحث الزائر في معهد الشرق الأوسط في واشنطن ، خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي ، أنطون مارداسوف تعليقه على رغبة أعضاء الكونغرس الأميركي في حظر تمويل الوجود العسكري المباشر في المنطقتين النفطيتين في العراق وسوريا ، بالقول: أن "كل شيء واضح مع العراق: جميع المرافق العسكرية هي البنتاغون وتتركز وكالة المخابرات المركزية في شمالي العراق. وهناك ، بشكل مسبق ، بسبب العدد الكبير من الشركات الأمنية الخاصة المحلية وشبه الغربية وشركات الأمن الخاصة ، لا توجد مشاكل أمنية ". أما بالنسبة لسوريا ، فإن العيب الرئيس في موقف الولايات المتحدة هو عدم بلورة سياسة التواجد في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد ( ما وراء الفرات). ولاحظ مارداسوف " أظهرت واشنطن في عام 2018 ، أنها مستعدة لمهاجمة اللاعبين غير النظاميين ، ولكن في الوضع الذي تحاول فيه تركيا وروسيا تضييق حدود وجودها ، والضغط على الكرد ، وتفعيل أصوات ممثلي القبائل الموالين للحكومة وحظر نقل المساعدة مباشرة إلى أي معارضة ، هناك تبدأ واشنطن بالتحرك. وأضاف "في هذا الصدد فان الأنباء التي تقول ان الولايات المتحدة تريد أن تنأى بنفسها عن حماية حقول النفط تعتبر دليلاً على أنها تنوي التقليل من وجودها اكثر."
واوضح مارداسدوف لكن ، حتى الآن ، يقوم الجيش الأميركي بإنشاء معاقل جديدة في شرقي سوريا ، و عزز "قانون قيصر" الأميركي الذي دخل حيز التنفيذ قبل أيام عزز موقف الكرد ، الذين يواصلون بيع النفط لدمشق ، على حد قول الخبير. وأضاف "أعتقد أن الولايات المتحدة تريد فقط دعم السكان المحليين في تجارة النفط بمختلف الطرق وتجنب الاتهامات بممارسة التجارة بالنفط بصورة غير قانونية". " وإذا استمرت الولايات المتحدة في رعاية الكرد السوريين، الذين ينأون بأنفسهم بطريقة أو بأخرى عن حزب العمال الكردستاني ، والقبائل القاطنة هناك، فسيكون من الصعب على القوات الموالية للحكومة كسب هؤلاء إلى جانبها - فسوف يتمسكون بإمكانية وجود مستقل حتى النهاية".
وفي حالة انسحاب الوحدة الأميركية ، فهناك إمكانية ان ينشأ حكم ذاتي لهذه المنطقة من سوريا ، بالاعتماد على الأوروبيين ودول الخليج العربية، كما يخلص مارداسوف. ومع ذلك ، هناك خطر من أن يكون موقفهم أقل أهمية بالنسبة للاعبين الآخرين.
وخلص سوبيتين الى إن الخوف من بقاء تنظيم داعش في العراق وسوريا أمر مفهوم. فقد ، نشر قبل شهر على موقع وزارة الخارجية الأميركية على الإنترنت "تقريراً عن الإرهاب في دول العالم في عام 2019" ، والذي يقول أن في صفوف " داعش" الآن من 11 إلى 18 ألف مقاتل نشط. ويجري تمويل الجماعة " من الأنشطة الإجرامية على أراضي العراق وسوريا". بالإضافة إلى ذلك ، فإن "داعش" نهبت عدة مئات من ملايين الدولارات في 2013-2019 وهي الآن موزعة في العراق وسوريا ". وادعى معدو التقرير أن المجموعة أنشأت مراكزها المالية واللوجستية في إفريقيا وحتى مكتبين جديدين في باكستان والهند.
وكانت الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قد لفتت في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي الى أن المناطق التي تتواجد فيها الولايات المتحدة بشكل غير قانوني في سوريا ، لم يتم القضاء على الإرهابيين وحسب، ولكن يجري تحريضهم على مواصلة نشاطهم الإرهابي. وترد معلومات عن ان الأميركيين يقومون بتدريب وتسليح مقاتلي تشكيلات "مغاوير الثورة" المسلحة غير المشروعة، من أجل القيام بأعمال تخريبية في مناطق سوريا الأخرى. وأفادت وسائل الإعلام أن الجيش السوري اعتقل قبل أيام ثلاثة متطرفين، اعترفوا بانهم شاركوا في التحضير للهجمات على منشآت روسية وسورية بناءً على أوامر مدربين أميركيين.
وقالت إن الوضع في سوريا يتدهور بشكل اكبر، بسبب تفاقم المشاكل الاجتماعية ـ الاقتصادية، بما في ذلك على خلفية تمديد وتشديد العقوبات الغربية من جانب واحد، على خلاف دعوة أمين عام منظمة الأمم المتحدة انطونيو غوتيرش لتخفيفها في ظل ظروف الوباء. إن أنصار ضغط العقوبات لم يخفوا أن هدفهم الرئيس هو " خنق" الاقتصاد السوري وزيادة معاناة السوريين العاديين بهدف إثارة الاحتجاجات الاجتماعية، ويجري الكلام بصراحة عن أن القيود لن تفرض على المناطق التي لا تسيطر عليها دمشق والمعارضة السورية. وبالإضافة إلى العقوبات يتم استخدام الأدوات الإنسانية بكثافة لأجل تحقيق الأهداف السياسية. وقد تجلى ذلك بوضوح في المناقشات التي دارت في مجلس الأمن الدولي بشأن تمديد الآلية العابرة للحدود لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى سوريا. ومن الواضح تماما ان الهدف الرئيس للممثلين الغربيين لم يكن تقديم المساعدة العاجلة للمحتاجين، ولكن لانتهاك سيادة سوريا وتقويض وحدة البلاد. .