منذ سقوط النظام البعثي الصدامي عادت فكرة اجراء الانتخابات البرلمانية ونقل البلاد من النظام الرئاسي الى النظام البرلماني وهي فكرة ليست بالجديدة لكنها موجودة في برامج الأحزاب الوطنية الديمقراطية إضافة الى ممارستها اثناء الحكم الملكي بالرغم من كونها بقت رهينة لسياسة وتوجهات الحكومات الملكية المتعاقبة في تلك الفترة ما عدا البعض من الاستثناءات في انتخابات 1954، تلك التجربة البرلمانية في العهد الملكي باءت بالفشل بعد تدخل رئيس الوزراء نوري السعيد وحل المجلس البرلماني وإطلاق الاحكام العرفية.
بمجرد الاتفاق على التوجه لانتخابات برلمانية ووفق الدستور الدائم الجديد بدأت عمليات التحضير، لكن سرعان ما خابت الآمال بما رافق الانتخابات التشريعية الأولى في بدايتها من تجاوزات وتزوير واستغلال من قبل أحزاب وتنظيمات الإسلام السياسي وبخاصة الشيعية اسم المرجعية الدينية الشيعية ورفع شعارات بأسماء رجال دين ومرجعيات وتبني شعارات طائفية، كما كان التزوير وشراء الذمم وتوزيع المواد العينية عبارة عن انتكاسة في تحقيق انتخابات نزيهة وحرة، بالإضافة إلى كل هذه الكوارث جاءوا بمفوضية للانتخابات لا مستقلة ولا هم يحزنون، واختارت أحزاب الإسلام السياسي قانون انتخابات يتميز بلا عدالة ولا انصاف في سرقة أصوات القوى والأحزاب والتنظيمات السياسية غير المتنفذة وبخاصة القوى الوطنية والديمقراطية، وبعد ان جرت ثلاث انتخابات تشريعية ظهرت نتائج خطط لها بشكل مبرمج فقد استغلت البعض من ميليشيات طائفية مسلحة كل هذه الأخطاء والانحرافات فانتقلت بقدرة قادر الى تنظيمات سياسية حسب الادعاءات الكاذبة لها وبقت مسلحة ومتهيئة وبهذا اكتملت سبحة التزوير والتزييف وحصلت هي الأخرى على مقاعد برلمانية عديدة، وبسبب هذه الكوارث ومجيء حكومات ورؤسائها " إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي " الذين ساهموا بدون أي تقصير الى افلاس البلاد وتبعيتها لإيران وما جرى من مآسي في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والتعليمية والخدمات العامة وزيادة نسبة الفقر والبطالة مما أدى الى استنفار جماهيري وخروج التظاهرات والاعتصامات التي تكللت بانتفاضة تشرين 2019 وكانت النتيجة إقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ومحاولات تكليف البعض من الدائرة الطائفية المتنفذة نفسها جابهها رفض قاطع من قبل الانتفاضة والجماهير وفي آخر المطاف تم تكليف مصطفى الكاظمي برئاسة الوزراء الذي اكد على الإصلاح والتغيير والانتخابات المبكرة، ونحن ننتظر النتائج وما ستفرزه نوايا القوى المتنفذة التي مازالت تتحكم في العديد من القضايا وفي مقدمتها الفساد المالي والإداري ثم الوضع الأمني بوجود ميليشيات طائفية مسلحة وتابعة في الوقت نفسه الى ايران ، ان الانتخابات المبكرة النزيهة مطلب رفعته انتفاضة تشرين بجانب مطالب أخرى وهذا المطلب أصبح مطلباً شعبياً تتمسك به القوى الوطنية والديمقراطية كافة، واكد رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي "ان اجراء انتخابات عادلة ونزيهة وذات مصداقية مطلب رئيسي للانتفاضة الباسلة وللشهداء والضحايا الذين سقطوا خلالها، كما أنها ضرورة ملحة لردم الهوة القائمة بين جماهير شعبنا من ناحية وتمثيلها السياسي من ناحية"، ونعتقد ان ذلك وفق اولويات عادلة وتصحيحية منها
1 ـــ سن قانون انتخابي عادل يعتمد الدائرة الواحدة لكل العراق، وان يكون سانت ليغو بدون تعديل هو القانون المقبول الذي يتبنى الدائرة الواحدة
2 ـــ قيام مفوضية عليا للانتخابات مستقلة لا تخضع للقوى الطائفية او أي جهة تحاول التأثير على نتائج الانتخابات وصولا الى تزويرها لصالح قوى معينة.
3ـــ عدم التدخل باي شكل من الاشكال من قبل القوى المتنفذة الدينية السياسية وسد الطريق امام عمليات التزوير والتجاوز وشراء الذمم، عدم استغلال المراجع الدينية وأسماء دينية في الدعاية الانتخابية
4 ـــ اشراف الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات ذات الاختصاص
5 ـــ القيام بإصلاحات سريعة بالضد من الفساد المالي والإداري المعيقان للعملية الانتخابية
6 ـــ الإسراع في اصدار قانون الأحزاب السياسية تحت رقم (36) لسنة 2015 النائم في أروقة المجلس النيابي الذي صوت عليه في 27 / 8 / 2015 مع تعديل مثالبه ليكون فعلاً قانوناً يحفظ الحياة الحزبية بشكل قانوني وتنظيمي
7 ـــ ملاحقة وكشف الجهات المسؤولة التي قامت باستخدام الميليشيات والمافيا بأطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين واغتيال حوالي أكثر من 700 شهيد وتقديمهم للعدالة وتعويض عوائل الشهداء وإصدار قرارات لصالح المتظاهرين.
8 ـــ القيام بتشكيل لجان وهيئات مستقلة وغير تابعة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت، ومحاربة الفساد المالي وملاحقة عمليات التهريب والاستيلاء على المال العام واستغلال واردات النفط والمنافذ الحدودية ونهبها وتهريب آلاف الملايين من الدولارات الى الخارج بأسماء وهمية مختلفة والتحقيق في ملكيات والأموال التي في ذمة المسؤولين السابقين بما فيهم رؤساء الوزارات والمسؤولين عن التنظيمات المتنفذة
9 ـــ إعادة الأموال العامة المسروقة والمهربة خارج البلاد الى خزينة الدولة
10 ـــ انهاء حمل السلاح خارج إطار الدولة وبخاصة تلك الميليشيات التابعة لقوى خارجية واية جهات تحاول الهيمنة وترهيب المواطنين وحصر السلاح بيد الدولة.
11ــــ إيقاف جرائم الاغتيال والاعتقال والاختطاف السياسي التي تقوم بها المليشيات والمافيا المنظمة وملاحقة المسؤولين عنها قضائياً وقانونيا وفضحهم امام الرأي العام ووسائل الاعلام.
12ـــ انتهاج سياسة وطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق والوقوف بالضد
من التدخلات الخارجية في مقدمتها إيران وتركيا، (شيء جيد عندما صرح الكاظمي اثناء زيارته الى إيران في 21 / تموز / 2020 " أن علاقة العراق مع دول الجوار مبنية على أساس المصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية")
هذه اولويات مهمة وتوجد قضايا مطلبية أخرى تساعد على تحقيق مطالب الجماهير وإعادة الاستقرار والذهاب الى انتخابات نزيهة ومبكرة التي تخشاها القوى المتنفذة لخوفها من فقدان مقاعدها البرلمانية المستولى عليها بدون حق ، ومحاصرة الفساد ومحاسبة المسببين والمسؤولين عنه، بجانب ذلك نجد تشديد الأمم المتحدة على الذهاب الى اجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة في العراق " وحذرت الأمم المتحدة من اخطار "استمرار تفشي جائحة كورونا في البلاد، وصرحت لجريدة ( الصباح شبه الحكومية ) جينين هينيس بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة البعثة الأممية في العراق " أن حكومة العراق تعهدت بإجراء انتخابات مبكرة وحرة ونزيهة وذات مصداقية" ، ولكن كما نعتقد ان امام الحكومة مهمات استباقية اشرنا للبعض منها مقدماً لنجاح الانتخابات المبكرة بما فيها رصد المال الكافي، وأشار في هذا الصدد يحيى المحمدي عضو اللجنة القانونية البرلمانية النيابية في 16/تموز/2020 " ان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ملزم بإجراء انتخابات مبكرة " وتابع القول بتأكيده ان " الانتخابات تحتاج لأكثر من نصف مليار دولار، وايضاً لبيئة انتخابية آمنة وهذه من واجبات الكاظمي "
لذا يجب الالتزام بالتعهدات الحكومية ومصطفى الكاظمي بالذات بخصوص اجراء انتخابات عادلة ونزيهة وعدم التلكؤ في التنفيذ لأنها مطلب مهم من مطالب انتفاضة تشرين مثلما اشار رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي " يدعو الحزب الشيوعي العراقي إلى تحديد موعد مناسب للانتخابات المبكرة، كما يدعو لأجل تلافي الصعوبات الفنية إلى الابقاء على المحافظة دائرة انتخابية واحدة، واعتماد سانت ليغو بصيغته الاصلية في توزيع المقاعد"، ان القوى الوطنية والديمقراطية واكثرية الجماهير بما فيهم المتظاهرين والمشاركين في الانتفاضة التشرينية التي اثبتت بتضحيات شهداء الانتفاضة المواقف المبدئية من اجل التخلص نهائياً من المحاصصة والفساد وبناء عراق وطني ديمقراطي.