تسلّم الإسلام السياسي بكتله، الحكم على طبق من ذهب و بلا مقابل، على اساس ان تلك الكتل تشكّل تمثيل الغالبية العربية الشيعية بتخطيط دوائر اميركية كانت تهدف الى احداث (فوضاها الخلاقة)
و بعد فتوى المرشد اواخر التسعينات بـ (اننا نمدّ ايدينا للشيطان لإسقاط نظام الطاغوت صدام)، و بعد ان صار ملف المعارضة الاسلامية حينها بيد السيد علي الشاهرودي، الذي نظّم علاقة ذلك الملف مع البنتاغون بالدعم المالي الاميركي.
و منذ ذاك دأبت دوائر ايرانية على النفوذ الى دوائر و مؤسسات الدولة و الاحزاب الاسلاموية العراقية لتهيئتها لإستلام الحكم، في تناغم اميركي ـ ايراني كما تكشّف لاحقاً و على لسان اكثر من مسؤول و برلماني و من مختلف الكتل الاسلاموية الحاكمة على مختلف الفضائيات . . ليكون العراق الرئة التي تتنفسها ايران امام العقوبات الاميركية و الدولية، بواجهة المقدّس و توظيف الجهل و نفاق القول اللامحدود .
و جرى العمل على تسليم مفاتيح الدولة المزمع اقامتها لتلك القوى على انقاض الدولة التي جرى حلّها بمرسوم من الحاكم الاميركي في العراق حينها بول بريمر . . لتكون دولة عميقة متحكمة بالمال و السلاح، بواجهة دولة مؤسسات لا حول و لا قوة لها، و بشكل تدريجي غير معلن، وضع اساسها و سار به (*) الى اليوم المالكي في دورتي حكمه بعد ان اختطف الفوز الذي حققته القائمة العراقية المدنية اثر انتخابات 2010 ببدع و خبرة ايرانية في حيَل تشكيل الكتل البرلمانية، و ماهيتها و كيفيتها التي اغفلها الدستور.
و صار نشاط الكتل الحاكمة و حكمها قائماً على توظيف المقدّس و الخداع و العنف الارهابي و الاغتيالات و الاختطافات و تضييع اخبار البشر و التغيير العرقي و الطائفي و محاربة كل معارض بتهم ( الطائفية، الارهاب، . . ) و وقفت بعنف علني مفرط اسوأ من عنف دكتاتورية صدام، ضد اي حراك شعبي يطالب بحقوق الشعب المهضومة منذ 2011 . .
حتى ثورة تشرين الشبابية البطلة عام 2019 التي اعادت للشعب بمئات شهدائها و عشرات آلاف جرحاها و معوقيها . . اعادت و رفعت للشعب وعيه و اظهرت هيبته و لحمته بالوان طيفه الديني و الطائفي و القومي بوجه المحاصصة الكريهة التي كشّفت عن وجهها القبيح . . ثورة تشرين التي عرّت الحكم و اغطيته ( الشرعية) و كشفته بكونه حكم تحالف ( الفساد الإداري و السلاح المنفلت الذي لايردعه دستور او قانون) !
حتى صار البرلمان بشكل مؤسف اداة طيّعة بيد الفاسدين و حماتهم من الميليشيات العائدة لأحزاب الفساد و العاملة باسم الحمايات العائلية و العشائرية، عدا المخلصين و النزيهين من البرلمانيين، حتى صار الفاسدون و اذرعة السلاح المنفلت المتنوعة لايُبالون بمن يستلم مقاليد الدولة و مؤسسات الحكم مادامت ايديهم مطلقة لا يحدّها و لا يقييدها دستور او قانون، بعد ان صار الصراع مباشراً بين جموع الشعب الجائع و الحكّام المتخمون، بلا دستور او قانون يحكّم على الاقل.
و صار لايمكن التغيير دون مواجهة و محاربة كبار حيتان الفساد و دون مواجهة السلاح المنفلت الحامي لها . . التي لايمكن اجراء انتخابات عادلة و لو لنصف زائد واحد دون البدء بضربها و لمعاقبة قتلة المتظاهرين و اكمال متطلبات الانتخابات من قوانين انتخابات و احزاب و محكمة عليا . . عادلة، في ظروف كورونا و الازمة الاقتصادية !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) و في طريق يسير به اليوم داعياً الى القضاء على المتظاهرين بالعنف بتهمة (التخريب)، لترشيح نفسه مجددا للانتخابات المبكرة المعلن عنها و التهيؤ لعقد تحالفات كتل و للفوز على حد خططه، في ظروف اعلن فيها موظفون كبار في مفوضية الانتخابات العليا عن سرقة مليوني بطاقة انتخاب و غيابها منذ انتخابات 2018 .