لا يزال فايروس كورونا يسجل أرقاما قياسية في بلاد النهرين، فقد احتل العراق بفضل إجراءات الحكومة، المركز الأول عربيًا، وينافس على المركز 14 عالميًا..
وسيحظى بمراكز متقدمة، ما دامت الدولة عاجزة عن فرض سلطتها على المخالفين لشروط الصحة العامة، وما دام هناك من يعتقد أن "كورونا" مؤامرة تقودها أمريكا لإخضاع العالم، وما دامت هناك عشائر تعتقد أن ارتداء رجالها ونسائها الكمامات نوع من أنواع الإهانة.. وفي الوقت الذي شددت فيه دول عربية قبضتها فارضة قرارات مشددة ضد من لا يلتزم بالتعليمات الصحية، نجد مسؤولينا الأفاضل يضربون المثل الأعلى في الاستهانة بالوباء. وهكذا تحول "كورونا" من خانة الصحة إلى خانة الكوميديا حيث يتم السخرية من "وحشية" الوباء، لكأننا في بلاد لم يعد فيها مكان للسلوك الحضاري، العالم يحذر من خطورة الموجة القادمة من الوباء، ونحن نفتخر بفيديو لرجل توقف عنده النمو العقلي ، يطلب من فتيان وأطفال أن يخلعوا كماماتهم وسط صرخات بأن من يزور الامام الحسين لا يحتاج إلى كمامة.. هكذا يحاول البعض الإساءة إلى الحسين "ع" وبدلًا من أن نتخذ من الحسين ومنهجه قدوة في حياتنا، نجد من يجعل من زيارة الإمام مناسبة لبث الجهل، هل يستطيع من يدَّعون حب إمام الأحرار الوصول ولو قليلًا إلى خصاله وفضائله؟ لا أظن أن هؤلاء الممتلئين جهلا يمكن أن يكونوا يومًا جزءًا من مسيرة الحسين، فمثل هؤلاء يسيئون إلى القيم التي نادى بها سيد الشهداء..
اليوم العالم يعيش هاجس الخوف من وباء "كورونا"، بينما نحن نعيش مع وباء أخطر وأشد فتكا وهو تصريح جهابذة السياسة الذين ينشرون كل يوم أنواعًا جديدة من وباء الكذب والانتهازية والطائفية والخراب.. ومثل رواية الطاعون للفرنسي البير كامو هناك من يبيع للناس خطب زائفة مقابل أن يحصل على مزيد من الامتيازات ، وكان آخر هذه الخطب ما اعلنه ائتلاف دولة القانون وهو يطالب بالعدالة في الانتخابات ، وان لا نهتم لمطالب المتظاهرين ، فالمهم ان يستمر الوضع على ما هو عليه !! وان نواصل الاستماع الى محاضرات الشيخ مهدي الصميدعي الذي يعتقد ان العراقيين شعب يحتاج الى من يهديه إلى طريق الهداية، فكورونا غضب من الخالق على عباده المنحلين وان سفور المرأة أكثر خطورة من الوباء ويجب مكافحته .
ماذا تشعر عزيزي القارئ وأنت تسمع مثل هذا الكلام؟، أنا شعرت بانقباض، فما يزال دولة ائتلاف القانون يصر على ان يفرض سطوته على الدولة ، وان ينبهنا ان رئيس الائتلاف هو الحاكم الأوحد لهذه البلاد، الجميع يطوفون حول كرسيه يطلبون الرضا والنصيحة، ولايزال ساستنا يؤكدون : ماذا يعني إن فشلنا خلال السبعة عشر سنة الماضية ؟ إمنحونا سبع عشرة عاما جديدة .