المواطنون يعيشون كل يوم، بل كل ساعة، هاجس القلق من السلاح المنفلت والطائش والمتمرد، وليس من دون معنى ومغزى ان ترحب الناس باي اعلان عن توجه جدي للسير الى امام ولو خطوة واحدة، في الطريق الشائك والمعقد لنزع السلاح.
وفيما كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هيبة الدولة وسلطة القانون وضرورة فرضهما، وهو ما تقول به اطراف وجهات سياسية متنوعة، يعرف المواطن جيدا ان بعضها يبطن عكس من يظهر، فلا بد من الإشارة الى انه لا يمكن ان تستقيم الأمور مع بقاء السلاح منفلتا او متمردا بأي شكل من الاشكال وتحت أي عنوان كان، كما لا يمكن القيام بعمليات عسكرية او التلويح بها خارج ما هو مرسوم في اطار السياسة العامة للدولة والسلطات الدستورية.
ان حصر السلاح او نزعه لا يمكن فهمهما الا بمعنى ان يكون السلاح حكرا على مؤسسات الدولة الشرعية، العسكرية والأمنية، ويعد خروجا على الدولة وتطاولا عليها ان يستخدم خارج الخطط والاستراتيجيات والتوجهات التي ترسمها الجهات والهيئات المخولة دستوريا، مهما كانت مبررات ودواعي ذلك، وهي في جميع الأحوال تخص تتعلق بتقديرات من يقول بها ويسعى الى تنفيذها او التهديد بها، تحت عناوين جذابة تثير عواطف المواطنين، في وقت لا تخلو هي فيه من اجندات سياسية خاصة.
وسيكون موضع تندر كل من يقول برفعة الدولة وهيبتها، فيما هو في كل لحظة يلحق بها اذى عميقا، عبر تهديداته وعبر إعلان “الحرب” او اعادة السيف الى غمده متى شاء ومتى رغب!
ان حصر السلاح بيد الدولة، ليس فقط مهمة الحكومة رغم ما عليها من واجبات يفترض ان تقوم بها في هذا الشأن، بل هو واجب القوى والأحزاب والكتل السياسية، خاصة المسجلة منها وفقا لقانون الأحزاب النافذ، والذي يحرّم على اي حزب او تنظيم سياسي امتلاك ذراع مسلحة، وينص على عدم السماح له بالمشاركة في الانتخابات ان هو امتلك، فكيف الحال اذا كان يستخدم السلاح فعلا او يهدد به لفرض واقع معين ؟
ثم ان حصر السلاح مهمة يتطلب الامر ان تفرضها الجماهير الواسعة، وان لا تكل ولا تتوقف مطالبة الجميع بالانصياع لارادة الناس في تحقيق ذلك عبر خطوات ملموسة، ورفض محاولات الالتفاف تحت أي عنوان وبأية صورة.
وتزداد أهمية ذلك مع قرب الانتخابات المقرر اجراؤها في حزيران القادم، لجهة تهيأة الأجواء المناسبة، التشريعية والقانونية والأمنية، كي يمارس المواطن اختياره بسلاسة وامان، وبعيدا عن قرقعة السلاح وهيمنة وسطوة مالكيه.
ان حصر السلاح وحل الفصائل المسلحة غير القانونية والمليشيات المتمردة على سلطة الدولة وقراراتها، هو مطلب شعبي يتوجب عدم التراجع عنه امام التهديدات، بل التمسك به والإصرار عليه.