وضعتُ هذا العنوان وأنا أتوقع أنْ يلومني البعض من القرّاء الأعزّاء على إصراري ملاحقة النائب السابق عباس البياتي الذي خسره الشعب العراقي بعد أن قرر اعتزال السياسة،
ولكن ياسادة يحتاج المواطن العراقي، وخصوصًا الذين تملأ وجوههم الكآبة من أمثالي، إلى أن يضحكوا، بعد أن تحولت حياتهم "سوداء" منذ اللحظة التي أطلّ علينا فيها عباس البياتي وصحبه "المؤمنين"، وعملوا بالتوصيات الديمقراطية التي تركها لنا المستر بريمر، وكان أول مطالبها أن يتقلد إبراهيم الجعفري يومًا رئاسة الوزراء وأيامًا رئاسة التحالف الوطني ومرّة رئاسة مجلس الحكم، ومرة أخرى وزارة الخارجية، ثم يختفي ليتركنا حائرين في حل لغز "كلمة نائب مؤنث نائبة".. كنت أنا، ومثلي جميع العراقيين، نكنّ حبًا وإعجابًا كبيرين للسيد البياتي، وكيف لا نحبه ونحن كنا نشاهده في اليوم الواحد أكثر من عشر مرات، متنقلًا من فضائية إلى فضائية، وفي كل مرة نشاهده نشعر كعراقيين بأننا مدينون له بهذه الهمة .
وقبل أن يُعلّق أحدهم قائلًا: أنت " بطران "، اقول الحمد لله لا أعيش في مجتمع الرخاء، وإلّا لكنت الآن أقضي "ويك آند" التقاعد في واحد من منتجعات لندن بصحبة الشيخ خالد العطية، ومع كلّ المبرّرات التي سأطرحها عليكم، لأنني اخترت الكتابة عن عباس الأبيض، إلّا أنّ هناك من سيقول حتمًا: يارجل ألا تحس بالمسؤولية، لماذا أنت معدوم الضمير؟، تجلس وراء الكيبورد وتكتب " هلوسات " يا شيخ كان حريًا بك أن تخجل من نفسك، فهل وانت تكتب عن الثورة التي كان ينوي اشعالها باقر جبر الزبيدي ، لولا ان المالكي تربص به في آخر لحظة ، وحرما ان نعيش عصر الزبيدي .. ياسادة، إن سوء الظن أبغض من الظن، فجنابي ينوي الحديث عن فنان سحر الناس منذ أن تقدم بكتفيه العريضتين إلى الشاشة البيضاء، لم يكن يحلم في أن يصبح النجم الأول، فقد كانت النجومية تعني أن يكون البطل وسيمًا، شابًا. لكن صاحبنا جاء إلى التمثيل من الطب، كان أقرب إلى وجوه موظفي الحكومة، لا وسامة ولا فذلكات ، إلا أن الممثل الباسم أذهل المشاهد بتلقائيته التي كانت تخفي وراءها طاقة تمثيلية هائلة، فقد قرر أن يكون يحيى الفخراني، لا غير. وقرر أيضًا أن ينسينا، نحن المتفرجين، أننا نجلس أمام التلفزيون، فأخذنا لنجلس معه، يتحدث فننصت إليه، يحرك يده فتذهب أنظارنا باتجاهها، يضحك فتنطلق ضحكاتنا ، ينهض فنستعدّ للذهاب معه.
أكتب عن عباس الأبيض وقد تم اختياره عضوًا في مجلس الشيوخ المصري تقديرًا لمكانة الفنان في المجتمع ، في الوقت الذي قررنا في هذه البلاد أن يموت يوسف العاني خارج وطنه ، ويجلس على كرسي البرلمان " عباس الاسود " .