ظهرت في فترات متباعدة ثلاث جماعات دينية سياسية، اتخذت تسمية «الإخوان»: «الإخوان السَّنُوسيَّة»، و«إخوان مِن طاع الله»، و«الإخوان المسلمون». ظهرت طلائع الأولى طريقةً صوفيةَ مختلفة، بمكة (1837) حيث درس مؤسسها محمد بن علي السَّنُوسي(1778-1859) الفقه، ثم بليبيا(1843).
كان دافع السَّنُوسي لتأسيسها ضعف الدَّولة العثمانيَّة، واتخاذها طريقاً غير ما كان يتمناه للخلافة الإسلامية، ثم انفصال محمد علي باشا(ت1848) بمصر عن الدَّولة العثمانيَّة، وسلوكه طريق التمدن في بناء مصر.
عُرفت الحركة السَّنُوسيَّة بالإخوان السَّنُوسيين وهو اسمها الرَّسمي، وهي جماعة صوفيَّة عملت على تنظيم القبائل الصَّحراويّة بليبيا، وجعلت لكلِّ مدينةٍ تنجح فيها الدَّعوة زاويةً، وسعت أن تكون عالمية حيث يوجد الإسلام. أخذت على عاتقها دعوة القبائل الوثنيَّة الأفريقية إلى الإسلام، ثم وقفت ضد إحتلال ليبيا من قِبل الإيطاليين، وبرز أحد رموزها الكبار في ذلك الجهاد وهو عمر المختار(أعدم1931)، استمرت الحركة عبر الأجيال، حتى كان أول وآخر ملك ليبي مِن السَّنوسيين (الصَّلابي، تاريخ الحركة السَّنُوسيَّة في أفريقيا) .
تأسست في بداية القرن العشرين جماعة دينية سلفية عُرفت بـ«إخوان مِن طاع الله»(القصيمي، الثَّورة الوهابيَّة)، كامتداد لحركة وفكر محمد بن عبد الوهاب(ت1792)، وبعد اعتراضهم على قيام دولة بالأطر الحديثة، وغزواتهم خارج الحدود، انتهى أمرهم (1929-1930). بيد أنَّ هذه الجماعة لم تكن صاحبة تنظيم سياسي حزبي، بقدر ما كانت جماعة محاربة، همها «الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر»، والعمل على فرض تدين المجتمع، على طريقتها، ليس له مغزى سياسي، مثلما هم الإخوان السَّنُوسيون والإخوان المسلمون.
عندما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تأسيها بمصر (آذار/ مارس 1928)، بعد حلّ الدولة العثمانيَّة التي يعتبرونها هم دولة الخلافة، كانت السُّنوسيَّة انتشرت بالبلدان الإسلاميَّة، عبر الزَّوايا الصّوفيَّة، وكان مركز إرشادها زاوية «الجغبوب» بليبيا. بعدها ظهر تنظيم «الإخوان» المسلمين مقلداً لتلك الحركة بالاسم والتنظيم أيضاً، والدَّافع كان واحداً وهو في حالة الإخوان السَّنُوسيين ضعف الدَّولة العثمانيَّة، وعدم قدرتها على تمثيل وحدة المسلمين، أما في حالة الإخوان المسلمين، فهو سقوط الدَّولة العثمانيَّة، وإعلان الدولة التُّركيَّة المدنية، فجاء التنظيم مدعياً سد الفراغ في الدَّعوة وزاعماً العمل على قيام الخلافة، وهذا الإدعاء ما زال قائماً حتى يومنا، حيث وجدوا برجب طيب أردوغان شخصية الخليفة، فهو ينتمي إلى التَّنظيم «الإخواني» وحزبه في السُّلطة.
أما عن الاسم، فيقول منشئ الجماعة حسن البنا (اغتيل1949) بعد أن زاره ستة مِن الذين يحيطونه في محاضراته ودروسه بالإسماعيلية: «...نحن إخوة في خدمة الإسلام، فنحن إذن الإخوان المسلمون، وجاءت بغتةً، وذهب مثلاً، وولدت أول تشكيلة للإخوان المسلمين مِن هؤلاء الستة، حول هذه الفكرة، على هذه الصّورة، وبهذه التَّسميَّة»(البنا، الدَّعوة والدَّاعيَّة) .
يغلب على الظَّن، لم تكن تسمية «الإخوان المسلمين» بغتةً ولا مصادفةً، مثلما قال مؤسسهم، وأراد بكلمة «بغتةً» إبعاد أن تكون جماعته تقليداً لا أصلاً، بينما جاءت التّسميَّة للتعمية على السُّنوسيين، بعد انتحال فكرة الكيان.
لقد شَكل السَّنُوسيون حركةً واسعةً لها أهدافها، ووسائلها العسكرية أيضاً، شرع تنظيمهم مِن وسط التَّصوف، الذي أنتج حسن البنا نفسه، قبل إعلان تنظيمه ونظام البيعة. جاء أسلوب التَّنظيم واحداً عند الجماعتين، لكنَّ بدلاً عن خلية التَّنظيم «الزَّاوية» لدى السَّنُوسيين، أصبحت «الشّعبة» عند «الإخوان المسلمين» كحركة إرهابية. عموماً، كان السَّنُوسي أصل الاسم ، وما البنا إلا مقلد.