بدأت في الاسابيع الماضية محاكمة بعض من رموز النظام الدكتاتوري المقبور، لقيامهم وعن عمد بمحاربة واضطهاد الشيوعيين العراقيين لحد إعدام المئات منهم، والذين تمت تصفية الاكثرية منهم بصورة دموية قاسية من خلال التعذيب، والبعض الآخر بمحاكمات صورية لم ترتقِ حتى الى محكمة قرقوش السيئة الصيت . في هذه المحاكمة تتمثل صورتان: الاولى للضحايا ـ الشهداء منهم والاحياء ـ وهم عراقيون واجهوا نظاما دكتاتوريا قاسيا بغيضا بقلوب عامرة بحب العراق وعقول مترعة بالفكر الثوري وأحلام بوطن أجمل وشعب لا يجوع فيه إنسان ، وهم بذلك كانوا إمتدادا لمناضلين سبقوهم في المسيرة كان أقرب جيل منهم هم المناضلين في سبيل الحرية وبمواجهة فاشيي عام 1963 عام شباط الاسود ، الذين سطروا أروع ملاحم البطولة في صد الهجمة الشرسة، وقدموا حياتهم أو خيرة سنين شبابهم خلف قضبان السجون البغيضة. والصورة الثانية لجلادي عصر الدكتاتورية والذين هم ايضا امتداد لمن سبقوهم في الجريمة ، فاشيو عام 1963 ، مستفيدين من تلك الخبرة القذرة في مواجهة الشيوعيين والديمقراطيين ، حيث نفذ مجرمو عام 1963 أبشع جرائم التاريخ الحديث ليس على مستوى العراق وحسب بل وعموم المنطقة ، حينما امتلأت السجون وفاضت لتتحول الملاعب الرياضية وبعض أبنية المدارس الحكومية الى مقرات إعتقال وتعذيب وتصفية جسدية نالت من حياة شبيبة باسلة نساءا ورجالا ، وتحول العراق وقتها الى ساحة عنف وإرهاب دمويين ، مازال أبناء العراق يتذكروها بمزيد من المرارة والحسرة ، ذلك إن رموز الاجرام التي نفذت تلك الجرائم البشعة مازال بعضها ينعم بالحرية ـ رغم ذل وعار الجرائم ـ إلا إنهم في اية حال مازالوا أحياءا طلقاء لم يمسهم الضير . الجريمة واحده والضحية هم أنفسهم حتى إن بعضهم من ذاق الإضطهادين في عام 1963 وإبان حقبة حكم البعث الثانية ، وكذلك المجرمون بعضهم من مارس نفس الدور في الفترتين ، فلماذا لا يقف مجرمو عام 1963 في نفس القفص الذي يقف فيه أقرانهم اليوم ولماذا لا يتم إنصاف ضحايا عام 1963 وما بعدها ، لماذا لا يصار الى تضمين قانون السجناء السياسيين انصافهم ؟ إنها أسئلة تبحث عن إجابات . فلكي تكتمل الصورة لابد أولا من إنصاف الضحايا لكي يتمكنوا من المطالبة بحقوقهم المشروعة ، ولابد للمجرمين أن ينالوا جزاءهم المستحق .
كتب بتأريخ : الأحد 17-01-2010
عدد القراء : 2290
عدد التعليقات : 0