تمر هذه الايام ذكرى يعتز بها الشعب الامريكي ويحتفل بها كعطلة رسمية كل عام، وهي ذكرى ولادة د. مارتن لوثر كنج الناشط السلمي الاسود. وتتزامن هذه الاحتفالات مع استلام جو بايدن المدعوم من سود أمريكا لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية بعد فترة غير مستقرة من حكم الرئيس ترامب والتي سادتها الانقسامات العنصرية. وكان فوز باراك اوباما كأول رئيس أمريكي أسود لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية قبل اثنتي عشرة عاما، قد حقق بعضا من حلم المناضل الامريكي الاسود مارتن لوثر كنك، والذي أطلقه قبلها بأربعين عاما في خطبة بعنوان "لدي حلم" والتي قال فيها "إنني أحلم اليوم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوما في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم". وكان الحلم شعارا لحملة نضال مارتن لوثر كنك. ولكن حلم د. كنك لايزال بعيد التحقيق في عالم مملوء بالتفرقة والانقسام.
ونحن نقترب من الانتخابات العراقية التي من المفروض ان تكون في هذا العام، نقول نحن أيضا لدينا حلم، حلم بالتغيير والتجديد، حلم أن يكون العراق بعيدا عن المحاصصة الطائفية والفئوية والمذهبية والقومية، بعيدا عن الفساد المالي والإداري. حلم بإيجاد الحلول لمعضلات العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحلم بعراق المواطنة والتسامح والمحبة والوحدة الوطنية، حلم بتوفير الأمن والسلام والحرية والتقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في المجتمع العراقي.
ولكننا لا نريد الانتظار اربعين او خمسين عاما كما انتظر د. كنك، فقد رسمت لنا الانتفاضة التشرينية خارطة طريق واضحة المعالم وبقيادة شبابية وبتطلعات وعزم واستمرارية فاقت كل تصورات المتابعين لها مطالبة بالتغيير وبحياة أفضل، حياة أمنة يتوفر فيها العيش الكريم والمستقبل الواعد.
ولكن حكامنا واحزابهم وبخوف على مراكزهم ومصالحهم قمعوا ثورة الشباب بالقتل والخطف والتعذيب والتغييب ووعود كاذبة، مما تسبب باستشهاد المئات وجرح الالاف. ولا تزال مسيرة الدم والقمع مستمرة في انحاء البلاد وخاصة في الناصرية تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية ومشاركتها في الكثير من الأحيان.
إن الانتخابات القادمة ممكن ان تكون مصيرية في حياة الشعب العراقي إذا كانت نزيهة وصادقة وخالية من التزوير، ولكن ما نراه اليوم من السباق المحموم لتشكيل أحزاب ورقية زادت عن عدد النواب في المجلس لتدوير نفس الوجوه الفاسدة لا يبشر بخير. ولا تزال القوانين الانتخابية والحزبية غير كاملة ومملوءة بالثغرات.
لقد جاءت كل الانتخابات البرلمانية السابقة تتويجا للانقسامات الطائفية والقومية والحزبية المقيتة والتي تسببت في تدمير الوطن وبؤس الشعب، وإذا لن يحدث تغيير جذري في الانتخابات القادمة فالنتائج ستكون مماثلة وربما اسوء، وكما يقول المثل العراقي "نفس الطاس ونفس الحمام".
إن الناخب العراقي اليوم يبحث عن النزاهة والتاريخ الابيض بعيدا عن نظام المحاصصة الطائفي ويبحث في ممثليه عن تاريخ وطني مشرف واناس يؤمنون بالمواطنة والديمقراطية وبمستقبل مشرق وحياة أفضل.
فاستمعوا لصوت الناس، استمعوا لصوت الشباب، فبأيديهم الحل وفي عيونهم المستقبل.
18 كانون الثاني 2021