إلى صادق الصائغ مع التحيات
تهرب بك الأيام إلى أُولى خطواتك في تعلم كتابة الحرف،فتعرف أن تعلم الكتابة دربة،لا يملك كل خصوصياتها غير الذين أنعجنت بدمائهم،وتلبسهم فرحها مثلما أنقض على كل خلجاتهم حزنها ومآسيها ،فأضحت حياتهم كل مشاغلها،يبدءون صباحهم بها ،وينتهي مساؤهم على كأس ثمالته كل همومها.
تهرب بك الأيام ،وتتراكم الأسئلة، مثلما تتوارد الوجوه على ذاكرتك ، فتعيد إلى تلك الأيام رونقها وأنت تقرأ على ورق أتعبته سنوات الاختفاء، مثلما أتعبت الذين يختفون معه.وكأنك تحاول أن تعيد يقينية الأخريين بك،كي تحتل المكانة التي تستحقها،وليس لك من شفيع سوى صدق انتمائك ,وصدق شيوعيتك التي آمنت بها لأكثر من خمسين عاما،لأنك كنت ولازلت ذاك الشيوعي الجميل.
((هذا الطير الصاعد للأعلى
والقمر الدامي خلفه
هذا الطير سيصبح عين َ الكون))
تهرب بك الأيام ،وتعيد الحياة دورتها،فتغرق في دهشة (المستحيل الممكن)،كي ترتب قلقك،أو في الحقيقة تعيد ترتيب قلقك، لكنَّ بغداد(ك)ليس تلك التي عهدتها،حين كانت تنام على نسائم الفرح،وتصحو على عالم من ضجيج العبث،بغداد(ك) الآن تبدو كأنها حمامة فقدت سر الطيران،فتوقف على جناحيها نبض لغز الحياة.
تهرب بك الأيام،وأنت تتحسس رهافة أناملك،لعلك تعيد إليها القدرة ثانية،يوم كانت ترسم الحرف شمسا،واللوحة فضاء من الحب،والقصيدة أغنية لأطفال (لم يولدوا بعد)،فيأخذنك الفرح إلى دائرة الوهم،تمد يدك إلى أكرة باب بناية في شارع السعدون،حيث الروح تسكن،أو يطيب لها السكون هناك.
تهرب بك الأيام،إذ تتسارع خطواتك على رصيف الشارع،كي تصل قبل بدء الـ (جنرل بروفة)لمسرحية( بيت برنارد ألبا)،أو ربما يتباطأ خطوك وأنت تدلف إلى صالة سينما بابل،كي تبحث عن سر الحب في (عودة الابن الضال)،أو ربما تعود مسرعا إلى البيت،فاليوم الحلقة الأخيرة من المسلسل التلفزيوني....لا شئ غير الانشغال،لا شئ غير رهافة الأحزان،فهذا المساء شفيف،وبغداد(ك) توشك أن تغفو على نسائم دجلة(ها).
تعود بك الأيام ،والشارع ليس ذاك الشارع، والمبنى أمسى أسطورة حزن،ولكنك تبقى ذلك الصحفي الجميل،
كتب بتأريخ : الإثنين 18-01-2010
عدد القراء : 2245
عدد التعليقات : 0