لطالما جرى التحذير من مغبة استغلال الساحة العراقية لحسم الخلافات والصراع الأمريكي الإيراني أو أي صراع دولي او في نطاق المنطقة لأن العراق الذي أهمل وجرى التجاوز على شعبه واستقلاله منذ انقلاب 8 شباط المشؤوم عام 1963 ومن قبل الحكومات المتعاقبة حتى وصولنا الى الاحتلال ظل ساحة لحسم الصراعات الداخلية والحرب ضد الشعب الكردي والحروب التي شنها النظام الدكتاتوري، الحرب مع ايران حوالي اكثر من 8 سنوات، واحتلال الكويت ثم الحروب التي شنتها الولايات المتحدة الامريكية لتحرير الكويت وطرد القوات العراقية وآخر الأمر الحرب الأخيرة 2003 التي أحدثت اكبر كارثة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية وخراب وفساد شامل منذ مجلس الحكم والحكومات المتعاقبة وبخاصة حكومات حزب الدعوة قيادة نوري المالكي وآخرين، الذي تهاون في تسليم القسم الغربي من البلاد الى داعش الإرهاب ومكن الميليشيات المسلحة في التكوين والدعم ولنا مأساة بالبعض منها ولكننا لا نهدف الدخول بالتفصيل وبالأسماء بقدر بحثنا في موضوع الساحة العراقية والتدخلات الأجنبية.
ان البعض يحلو له التغني بالدعم الأمريكي والأسلحة وآخرين بالموقف الإيراني الذي يدعون انه السبب بالانتصار العسكري على داعش متجاوزين على القوات العسكرية والبيشمركة والحشد الشعبي، وآخرين بالتضامن التركي الذي يحتل جزء من تراب البلاد بحجة محاربة " PKK " حزب العمال الكردستاني المتهم بالإرهاب، بينما الميليشيات الإيرانية تحت واجهة أسماء طائفية عبارة عن قوة تحررية وان هي تقاتل خارج حدود إيران بقيادة الحرس الثوري وفيلق قدس التابع.
اذن الساحة العراقية هي الساحة الذهبية بالنسبة للصراع الدولي، والامريكي الإيراني وعبارة عن جنة عدن بالنسبة لهم، ولكن للحقيقة ان الاضرار والخراب والقتل لا يطال الأراضي الإيرانية ولا الأراضي الامريكية فمهمة كلتا الدولتين هي توريد السلاح في البعض من الأحيان تحت طائلة الهدايا، للقتل والدمار لكن الهدايا إذا كانت هناك هدايا!! تُعَوض من الاقتصاد والسوق العراقية التي هي منبع جاري مستمر لتصريف البضائع والاستيلاء على النفط الذي يشكل الاقتصاد الريعي الوحيد الذي يدر الأموال دون غيرها، والضحايا الأبرياء هم من الشعب العراقي الذي ظل ينزف سنين طويلة وازداد نزيفه في الوقت الراهن. ومن هذا المنطلق ومنطلقات أخرى تخص التوازن الدولي ومصلحة إسرائيل والقوى المتحالفة مع كلا الطرفين فإن وجود الإرهاب ضروري للبعض لأنه حجة لوجود القوات الأجنبية ولأن الميليشيات المدعومة من إيران ضرورة موضوعية للذين يتحالفون او هم جزء من المخطط الإيراني ووجود القوات التركية وقواعدها الثابتة والمتحركة تصب في مصلحة أولئك الذي يعتبرون انفسهم أتراك وليس تركمان عراقيين وهلم جرا، وهنا تبرز قضية الصواريخ التي توجه بشكل مخطط بالضد وكأنها لمحاربة الاحتلال الأمريكي والجيش الأمريكي الذي يبعد آلاف الكيلومترات عن المنطقة الخضراء وعن المطار المدني وبيوت المواطنين العراقيين هذه الصواريخ التي ثبت بالمعلوم والملموس انها صواريخ إيرانية الصنع وايران متورطة في الهجمات الأخيرة كما هي متورطة في توريد الصواريخ لحزب الله اللبناني الإيراني وهنا لا نجني على احد او نفبرك امراً غير صحيح وتصريحات واعتراف السيد نصر الله حول ولاية الفقيه والانتماء غير المحدود لإيران معروفة بدون أي لبس او اخفاء، والميليشيات العراقية الإيرانية التي تقاتل في سوريا وحكومة الحوثيين في اليمن التي تستعملها بالضد من المنشآت الصناعية والنفطية والمناطق المدنية في السعودية وبعد ذلك ينبري مجيد تخت روائجي مندوب إيران الدائم لينفي التهمة الموجهة حول تورطهم في ارسال الصواريخ والهجمات الصاروخية وما " أعلنته البعثة الامريكية " ان الصواريخ التي نفذت ضد قواعدها مدعومة من إيران وقال مجيد روائجي ووثقته وكالة فارس الإيرانية الرسمية " أن المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة حاول اتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعم ما يسمى بـ "الجماعات المسلحة غير الحكومية" في العراق ، وهو ما نرفضه بشكل قاطع كما في الماضي"، كل هذا الكم الهائل والكبير من الهجمات الصاروخية وهذه الميليشيات المنتشرة في العراق وسوريا وغيرها التي تعترف بلسان زعمائها تبعيتها الى إيران وولاية الفقيه لا تشكل واقعاً مداناً من قبل مندوب ايران مجيد روائجي بل يكذبه بينما يعلن بشكل واضح عن" ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدين الهجوم العسكري غير المشروع الذي شنته القوات الأمريكية على القوات العراقية على الحدود السورية العراقية في 25 شباط / فبراير 2021”. هو لا يذكر انها ميليشيات وبالاسم مدعومة من إيران وتقاتل كتفاً لكتف مع حزب الله اللبناني وقوات من فيلق القدس بقيادات إيرانية عسكرية رفيعة وهي ليست القوات العسكرية التقليدية للعراق بل يحاول التمويه بالتسمية لكن التمويه شيء والحقيقة والواقع شيء آخر، ان جميع المؤشرات تدل على أن الدول الثلاث الولايات المتحدة الامريكية وايران وتركيا لا يهمهم سوى مصالح بلدانهم ويفضلونها على مصالح العراق وشعبه والحكومات العراقية تنتقل من موقع متناقض الى موقع متناقض ولم تباشر بتحقيق على الأقل مطالب انتفاضة تشرين العادلة ولا شهدائها الابطال ومطالب الشعب برمته حول تحقيق المطالب من أجل الإصلاح والتغيير، المطالب التي تهدف لأن يكون العراق هو الأول والأخير وضرورة الحفاظ عليه وعلى استقلاله وتحرير اقتصاده ومعالجة آفات الفساد التي تضرب اطنابها في كل مرافق الدولة بينما تلعب الميليشيات المسلحة المنفلتة دوراً خطيراً في خلق الانقسامات والتداعيات نحو تأجيج الطائفية والاستمرار في خلق مواقف عدائية للشعب الكردي تحت طائلة جملة من الحجج الباطلة او مشاكل بالإمكان حلها عن طريق الحوار الوطني الهادف لمصلحة كل البلاد دون استثناء، وتمارس لعبة الصواريخ في أماكن عدة مهمة تهديد المنطقة بخطر الحرب والتدخل الخارجي وأتهم عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي إيران في الهجمات الصاروخية الأخيرة ايضاً وقال إن " جميع الصواريخ، والطائرات المسيّرة التي هاجمت السعودية إيرانية الصنع أو وفرتها إيران، والعديد منها تأتي من الشمال، ومن البحر " بينما تطلق الصواريخ داخل بغداد وقسماً منها يقع على رؤوس المواطنين الأبرياء بدون أي موقف رادع من قبل الحكومة وها هو الحليف المباشر تيار الحكمة وعلى لسان جاسم البخاتي النائب عن تيار الحكمة يؤكد يوم الخميس 18 / 3 / 2021 " ان" مشاهد الاغتيالات تدمي القلب والعصابات المسلحة تسرح وتمرح والحكومة تغض النظر عنها بإجراءات خجولة " ولم يكتف جاسم حيث تابع قوله لقد "حان الوقت لوقف أعمال القتل والترهيب التي تمارس ضد المواطنين وضرورة ان تعمل الحكومة على كشف الاغتيالات المستمرة ومن ورائها ، لأن البلاد لا تحتمل المزيد من الاغتيالات والقتل، لأن البلاد لا تحتمل المزيد من الاغتيالات” لا يمر يوم والعراق والشعب بدون مشاكل حقيقية ومتاعب تدميرية ، ان من يعتقد إن الاغتيالات والخطف والتجاوز على المواطنين وخلق حالة أمنية استثنائية وإطلاق الصواريخ ليس استغلال الساحة العراقية لتصفية الحسابات فهو خاطئ وغير مدرك خطورة الأوضاع التي تدمرت بفعل التدخلات الخارجية وصراع القوى التابعة من أجل الاستحواذ على المنافع وتحقيق المصالح الذاتية الضيقة، لا بد ان تجري معالجة لإيجاد حلول لأمن العراق والمنطقة وهذا يحتاج الى حوار بناء لوضع الحلول المنطقية بدءً من عدم التدخل في شؤون العراق الى إيجاد ترتيبات جديدة لعلاقات حسن الجوار وأن تكف ايران من مفهوم توريد الصواريخ وخلق المشاكل بين دول المنطقة، وعلى دول المنطقة ان تعي مخاطر الخلافات ولإيجاد طرق للحوار والتفاهم على أساس المصالح المشتركة بين شعوب المنطقة بدلاً من التطاحن والخلاف الذي يؤدي الى زيادة التوتر والحرب .