واجهت البشرية أعاصير سياسية واجتماعية وبيئية وفي كل مرة تخرج منتصرة على هذه الأعاصير لتحافظ على جنسها وأدوات عيشها وما يحيطها من قضايا طبيعية وأخرى نتيجة تهور الأنسان نفسه وبخاصة في قضايا الحروب وتلويث البيئة بما فيها الأجواء المحيطة بالكرة الأرضية وما يخص طبقة الاوزون، ومسالة الحفاظ على البيئة أصبحت محط اهتمام عالمي من اجل إيجاد سبل لحمايتها من التلوث وتراكم النفايات السامة وتدمير الطبيعة والتلوث الحاصل من أبخرة المصانع والمعامل الكبيرة والواسعة غير النقية ومن أبخرة ملايين السيارات والحافلات والقطارات والطائرات والمكائن الثقيلة إضافة الى التجارب النووية وتراكم الفضلات واتلاف القمامة وما ينتج من حقول النفط وتصفيته، وبالمعنى الواسع كلما حول الإنسان من كائنات حية وحتى جماد تحتاج الى العناية والترميم ، هذه القضية المهمة التي أصبحت محط الاهتمام البشري بشكل عام وبخاصة الخطر المحدق بالأرض وساكنيها من المجتمعات البشرية ومناطق سكناهم وواقع أعمالهم وللحفاظ على موجودات الطبيعة من غابات وبساتين ومياه جوفية وانهار وبحار ومحيطات وفي ما هو خاص على نطاق البلدان في القارات الخمسة، وهناك تمايز بين بلدانها ففي البلدان الاوربية وعموم الغرب تقريباً تجد التنظيم والعناية بالنفايات والازبال وتخصيص أماكن خارج المدن لوضعها وطمرها او حتى الاستفادة منها وبخاصة الورق والكارتون والقناني البلاستيكية والزجاجية...الخ بينما تجدها في بلدان تعتبر من البلدان الفقيرة والنامية مثل العراق تعيش شبه فوضي في ما يخص تنظيم النفايات أو الحفاظ على البيئة المحيطة وارتباطها بالصحة بشكل عام، وبشكل شخصي يخص الأفراد ويواجه المجتمع العراقي والبيئة تحديات جمة قد تؤثر على سير عملية بناء أسس مادية وفق خططك علمية لأجل انقاذ العراق من مخلفات تدني العناية بالبيئة والتخلص من آثار السنين السابقة سنين الحرب والاحتلال والإهمال من قبل الحكومات المتعاقبة بعد وقبل سقوط النظام الدكتاتوري البعثي، ونتيجة التدهور في الحفاظ على بيئة، ( على الأقل تصنف باللائقة لعيش الافراد ) نجد تدهوراً متواصلاً وفي مجالات عديدة وبخاصة الفساد المستشري الذي أثر وما زالت تأثيراته تشمل مناحي عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية مما أدى الى اعتبار العراق حسب تصنيف منظمة الشفافية العالمية من ضمن " الدول العشرة الأكثر فساداً في العالم " ضمن احصائيات المنظمة التي اشارت الى ان ( 180 دولة) " شملها هذا الترتيب الذي ينشر سنوياً وعلى امتداد سنين عديدة سابقة" هذا التدني ومفرداته يخضع ايضاً الى ضعف عمل وتوجهات الدولة للتخلص من هذه التحديات الانية والمستقبلية والتي تعطل تشريع القوانين وعدم تنفيذها اذا ما شرعت وبخاصة في ظل حكم المحاصصة الطائفي والحزبي وهيمنة القوى التي لا تعير أهمية لاحتجاجات ومطالبات المواطنين بالإصلاح والتغيير ولا تعير ايضاً اهتماماً مسؤولاً لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسات التي تختص في هذا المجال الحيوي ، ومن أدلة ملموسة سبق وإن تحدثنا عنها في مقالات سابقة وآخرها مقال " هيبة الدولة العراقية بين الاستهلاك والحقيقة " الذي اكدنا فيه غياب الدولة وضعف هيبتها وعدم المحاسبة القانونية الجدية و" نحن مع هيبة الدولة مهما اختلفنا في تقديراتنا لكننا في الوقت نفسه نطالب ان تحظى بالاحترام على أمل الإصلاح والتغيير " ومن هنا ننطلق لتقيم السياسة البيئة المسؤولة عن حياة المجتمع العراقي وما يحيطه من قضايا تساعد في الحفاظ على صحته ومجالات عمله الصناعي والزراعي والوظيفي، وتستأثر مجالات الحديث والبحث حول البيئة أهمية خاصة وعامة بين المواطنين من جهة والمنظمات العراقية والعالمية المختصة في مجال البيئة وتلوثها وتأثيرها على الحياة الحية للإنسان والحيوان والنبات وعلى المياه والهواء وما يلحق التربة من تدمير وتلويث والذي يؤثر على مجالات الزراعة والحفاظ على الغابات والمزارع والحقول ومكونات الطبيعية للأشجار الطبيعية وفي مقدمتها أشجار النخيل التي تأثرت بالحروب والإهمال وبعد أن كان العراق في مقدمة الدول في إنتاج التمور أصبح حسب التصنيف العالمية رابعاً او خامساً ... الخ في هذا المضمار وفي 2014 وحسب تقرير من وزارة البيئة العراقية فقد أشار التقرير الى ان التدهور البيئي خلال عام 2008 يقدر ب ( 8,7 ) مليار دولار وحسب التقرير الوزاري فذلك يعادل(7،1% ) من " الناتج الإجمالي المحلي " وبهذا تثير قضية التدهور في الموارد المائية ، الأنهار والبحيرات والسدود المائية والمياه الجوفية قلقاً على تدهورها وتجاوز دول الجوار إيران وتركيا على الحصص المائية التي تعتبر شريان الحياة ، وفي آخر المطاف إن البيئة في العراق تثير قلقاً متواصلا لعدم إيجاد علاجات حقيقية وتخليصها من المصاعب والمشاكل القديمة والحديثة ، وذلك يعود عدم الاهتمام من قبل النظام الدكتاتوري السابق بما قامه من حروب داخلية وخارجية وفي مقدمتها الحرب العراقية ـــ الإيرانية وتأثيراتها على تلوث البيئة والزراعة واشجار النخيل في الجنوب وبخاصة البصرة، ثم الاحتلال الأمريكي البريطاني 2003 وما استعمل من أسلحة بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً من قبل القوات الامريكية وما حصل من تدمير واسع ومبرمج لتدمير البنية التحتية في مجالات الصناعة والتعليم والزراعة ثم الحصار الظالم الذي أدى الى انتشار الامراض والفقر وتدمير البيئة بشكل عام؟ إن الإهمال المتعمد احياناً ساهم في تدمير البيئة وبخاصة عدم وجود علاجات للأزبال والنفايات وإهمال الجوانب الصحية في بناء المستشفيات الحديثة والمرافق الصحية التي تعتني بصحة الانسان والمجتمع، ونجد ان استمرار تلوث مصادر المياه وتخلف المعالجات لصرف مياه الصرف الصحي ثم طرح النفايات والمياه الثقيلة والصناعية وغيرها في نهري الفرات ودجلة وباقي الأنهار كلها تجتمع تحت الاهتمام بالبيئة ومشتقاتها،
إن الصراعات الداخلية التي تبقى بدون حلول شفافة والاعتماد على نهج استعمال العنف والإرهاب ومصادرة الحريات وحجب الديمقراطية، وهذه تبعد الحكومة عن واجباتها الرئيسية وبخاصة قضايا الصحة والبيئة والقضايا الزراعية وكذلك التصحر الذي نراه في العراق يأكل أكثرية الأراضي الزراعية وعدم وجود الاهتمام والرعاية لمعالجة المخلفات والنفايات ومخلفات الحروب والأسلحة المشعة، ثم لا ننسى آثار التلوث البترولي ومخلفاته بعد التصنيع ولهذا نجد من الأفضل في الظروف الراهنة الإسراع في إيجاد البدائل العلمية في التخطيط والتعجيل في وضع برنامج عملي لإصلاح البنى التحتية وتصليح الأراضي والعمل لإيجاد حلول لتأهيل المشاريع الإروائية المائية التي تضررت جراء تدمير داعش الإرهاب حوالي (600) مليون دولار، وهناك قضايا مهمة من الضروري الإسراع في إنجازها ومنها مخلفات الحرب مع داعش الإرهاب حيث قدرت بـ ( 36,8) تريليون دينار عراقي حسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية.
إن الخراب الذي يكاد ان يكون شاملاً يحتاج الى جهود مضاعفة من قبل الحكومة العراقية التي يجب ان تتخلص من المحاصصة والتوجه للتخلص من الفساد والفاسدين والعمل الجاد والمسؤول لقضايا البيئة والصحة والتعليم وغيرهما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وبالسرعة الممكنة لخير البلاد والشعب العراقي.