الانتخابات الرئاسية الإيرانية على الأبواب كما يقال وهي انتخابات قد تكون حاسمة في التوجهات السياسية الإيرانية القادمة فتساهم في
1 ـــ إعادة الدولة والحكم الى طريق العقلانية في العلاقات الدولية ومع دول الجوار والكف عن محاولات خلق المشاكل وزيادة التوتر وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
2 ـــ أو الاستمرار في السياسة القديمة وخلق التداعيات ونهج التدخل وتوريد السلاح والنهج غير الصحيح فيما يخص مصالح إيران والشعب الإيراني والتدخلات من قبل الحرس الثوري الذي ثبت مؤخراً تأثيراته حتى على الدبلوماسية الخارجية حسب تصريحات ظريف وزير الخارجية الإيرانية، هذان الأمران اللذان سيحددان توجهات الانتخابات القادمة.
لا يختلف اثنان على أن النظام الإيراني يعيش أسوأ حالاته جراء السياسة الانعزالية والمتطرفة داخلياً وخارجياً حيث التوجه لتنفيذ البرنامج النووي الذي يثير ضجة عالمية بسبب التخوف من إنتاج السلاح النووي مقارنة بمواقف النظام الإيراني المتطرفة والتهديدات بمسح إسرائيل من الوجود، وفي الجانب الآخر لم تثمر هذه السياسة والتدخلات في شؤون الدول الأخرى إلا على شيء وحيد وهو التوجه لتطوير طهران برنامج تصنيع طائرات مسيرة والتأكيد على أن الطائرات الإيرانية المسيّرة باتت تشكل التهديد الأكبر للقوات الأميركية ودول المنطقة التي تعتبرها طهران عدوة لها، وها هي التصريحات المنافية والمبالغة فيها مثل الاستعداد لاستلام إدارة بلاده بعد زوال إسرائيل" ليس انتقاصاً من الشعب الفلسطيني البطل والمضحي أليس هذا التصريح ضرباً من الخيال؟ وهو يصب في التوتر والتصعيد أمام هذا القصف الإسرائيلي الوحشي ضد الشعب الفلسطيني في غزة الذي دمر تقريباً البنى التحتية وكانت ضحاياه منذ بداية أيار حوالي قتل (219) فلسطيناً وتشير معلومات وزارة الصحة بينهم ( 63 ) طفلاً، هذا التدمير والمأساة ( ليس في طهران ولا نحن نتمناه!) ولهذا يسكت حكام طهران ولا يستخدموا صواريخهم والطائرات المسيرة التي تقدر بالمئات بدلاً من التحريض والتهديدات الفارغة وبخاصة أن السيد قاآاني يتعهد بالكلام " إيران ستقدم كل ما في وسعها حتى تحقيق هدف تحرير كامل التراب الفلسطيني" يعني ارسال السلاح بدون التدخل الفعلي لحماية الفلسطينيين وها هو حسن نصر الله وحزبه حزب الله يملكان مئات الآلاف من الصواريخ، هم ومراقباتهم النهارية والليلية ولا تفصلهم عن إسرائيل سوى سنتمترات!! وهذا هو صوت اللواء حسين سلامي قائد الحرس الثوري يوم الأربعاء 19 / 5 / 2021 يجلجل عالياً " ان إسرائيل فقدت الثقة بنفسها!! " وهو يؤكد دعم الفلسطينيين في "المعركة" ضد العدو الإقليمي الأبرز للجمهورية الإسلامية، وقال قائد الحرس الثوري أن "معركة فلسطين ليست فقط معركة الفلسطينيين ضد الإسرائيليين" ويشير انها "تجسّد معركة المسلمين ضد الاستكبار العالمي" وغزة والأراضي الفلسطينية تنزف الدم وترى الدمار والخراب يعم أكثرية المناطق بفعل الصواريخ وقصف الطائرات الإسرائيلية المجرمة ولا يوجد الا تصريحات خجلة من قبل أكثرية الحكام، ويبقى الأنقى والارفع شأناً والأكثر صدقاً تضامن وتأييد ودعم القوى الوطنية الديمقراطية والجماهير في المنطقة والعالم.
إن سياسة إيران مخالفة لإرادة الشعب الإيراني والتي تساهم في خلق المشاكل بدون الاهتمام بمصالح الشعب الإيراني حيث تقوم برفد ترسانة الأسلحة وبخاصة الصاروخية وتوريد السلاح الى القوى والمنظمات خارج إيران مما زاد من حالة التوتر في المنطقة وانحسرت علاقات إيران الخارجية بوجود حذر من دول الجوار فيما يخص تدخلاتها في الشؤون الداخلية، أما داخلياً وبسبب الحصار المجرم على الشعب الإيراني وعنجهية النظام فقد عزلت الجماهير الإيرانية نفسها من تأييد النظام الى العزوف عنه ، وأظهرت الانتخابات السابقة مدى الانحسار الجماهيري واتساع عمليات التزوير والتهديد الذي نتج عنها العديد من المظاهرات فقابلها النظام بعنف لم يسبق له مثيل، فقد أصيب وقتل المئات وزج في المعتقلات والسجون آلاف المواطنين وكانت الاحتجاجات التي شهدتها ايران منذ عام 2009 بعد الانتخابات الرئاسية وحتى الوقت الراهن تتزايد على الرغم من القمع الوحشي التي وجهتها الحكومة وما زالت تزيد في قمعها للمتظاهرين والمعارضين بهدف الضغط وإرهاب المواطنين، وبخاصة والانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2021 تطل برأسها على البلاد التي تحيطها الظروف المأساوية الناتجة عن البطالة والفقر والغلاء ووباء كورونا الذي انتج عنه آلاف الموتى والمصابين أمام عجز الدولة من الوقوف بوجه هذا الوباء بشكل صحيح وبقدرات مالية وصحية وكان من الممكن تلافى حجم الضحايا لو قام النظام الإيراني بدلاً من إنفاقه الهائل على تطوير الأسلحة وتوريدها للقوى التي تستخدم العنف "ووفقًا للخبير الإيراني نادر أوسكوي، نجح فيلق القدس بتجنيد وتسليح وتنظيم ما يصل إلى 200 ألف مقاتل من الميليشيات الموالية لطهران" كما نشهد وبخاصة الأعوام الأخيرة ليس الكميات الهائلة من القذائف والصواريخ التي زودها الحرس الثوري الإيراني للميليشيات والتنظيمات والقوى التابعة لإيران من أجل خلق الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة حتى أنها قامت بدعم ومساندة هذه القوى على انشاء مصانع (العراق مثالاً) لصناعة المزيد والمزيد من الصواريخ التي تم صناعتها والتي كشفتها التصريحات ونشرتها في وسائل الإعلام منظمة بدر العراقية عن " صواريخ محلية الصنع يمكن مقارنتها بصواريخ النازعات وزلزال الإيرانية " وهذه هي المصيبة التي ستواجه العراق في المستقبل إذا ما نشب نزاع مسلح بين " إيران وإسرائيل ونتمنى أن لا تكون وفي البعض من الأحيان التمني رأس مال المفلسين! " أو أي دولة أخرى فسوف تكون الساحة العراقية منطلقاً للعدوان وموقعاً للصراع المسلح مما يلحق الاضرار الكثيرة بمصالح البلاد ومصلحة الشعب العراقي وهو "لا ناقة ولا جمل" إلا اللهم وجود التنظيمات والميليشيات التابعة التي تقوم بتنفيذ ما مؤتمر به من قبل القوى الخارجية التي تتبعها لتشكل رافداً للسياسة العدوانية لها.
أن الانتخابات الإيرانية القادمة يجب ان تكون " وهي نصيحة من أصدقاء " على أسس ديمقراطية نزيهة والابتعاد عن الفرض القسري لانتخاب رجل السلطة وتكون ايضاً منطلقاً لتعديل كل الاعوجاجات والاخطاء والتوجهات الخاطئة وهذا التعديل من الضروري أن يراعي مصالح إيران والشعب الإيراني بالدرجة الأولى للخروج من المآزق المستعصية التي وضعتها السياسة القديمة، والتوجه لبناء نهج سياسي يقوم على دعائم وطنية تراعي مصالح البلدان الأخرى وتخرج من حالة التهديدات غير المجدية التي تقوض الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعيشية في إيران وهذا لا يعني التنازل قيد أنملة عن مصالح إيران الوطنية وحق الشعب الإيراني الصديق من اختيار الشكل الوطني الصحيح في بناء دولته المدنية الديمقراطية تمنح الحقوق للمكونات التي تعيش في إيران منذ آلاف السنيين، وإلا ستكون الكارثة القادمة ماحقة وإن اطلقت إيران كل صواريخها على المناطق والدول التي رسمتها ضمن خارطة الأعداء،
وعلى سبيل الفرضية لو تسنى لها الوصول الى انتاج السلاح النووي الوباء الذي في تصور حكام إيران سيكون المنقذ لأوضاع البلاد المتدهورة وانقاذها من أوضاعها المأساوية المعيشية والاقتصادية والأمنية، لأن العلاج لا يكمن في بناء ترسانة من آلاف الصواريخ والطائرات المسيرة او القنبلة النووية بل يكمن في السياسة العقلانية الوطنية التي تهتم وتراعي الشعب الإيراني وتنقذ إيران من التدهور والافلاس.