كل شيء تم تجربته في العراق وعلى الشعب العراقي الذي واكب المأساة ولكن بتفاؤل عجيب وتحد من أجل الحصول على حقوقه، فسنين الحروب منذ 1963 ومن ثم بعد 1968 كانت غايتها الهيمنة والسيطرة وعسكرة المواطنين والزج بهم في حروب داخلية بالضد من الشعب الكردي وحرباً مستترة ضد القوميات والمكونات التي في رأي وايدلوجية التطرف القومي يجب صهرها في بوتقة القومية العربية، ولما ازيح نظام الإرهاب والقتل تنفس الكثيرون ولعل الحقبة الجديدة قد تحمل السلام والأمان وتخلق أجواء إيجابية لإعادة ما خرب سابقاً والتخلص من التركة الثقيلة وفي مقدمتها إلغاء القوانين والقرارات التعسفية التي أصدرها ما يسمى بمجلس قيادة الثورة ولكن مثل المثال الصارخ " يا فرحة ما تمت" فبمجرد السقوط أطلت برأسها
1 ـــ القاعدة الإرهابية وفلول النظام السابق تحت طائلة أسماء لا تحصى والهدف المعلن خروج قوات الاحتلال
2 ــــ أما ما يضمر العودة بالعراق الى حكم الدكتاتورية الفردي تحت شعارات ودعوات العودة إلى النظام الرئاسي بدلاً عن البرلماني
لقد سقطت بغداد بيد الجيش الأمريكي في 9 / 4 / 2003 وفي 1 / 5 / 2021 أعلنت أمريكا نهاية العمليات القتالية الكبرى ثم في 21 / 5 / 2003 جرى تنصيب بول بريمر حاكماً مدنياً على العراق هذه التواريخ وما قبلها التحضير على الحرب ومواقف صدام حسين والاحداث التي جرت فقد ختمت مرحلة الحكم الفردي واستبدلت بمرحلة الحاكم الأمريكي ثم الحكومات العراقية المتتالية وصولاً الى المحاصصة الطائفية ولا نقول أن التدمير بدأ في هذه الحقبة فقد سبقته الحروب الداخلية والخارجية لكن مرحلة التفجيرات والاغتيالات والقتل الطائفي الواسع والمختلف عما سبقه يكاد يكون إشارة الى استمرار التردي في الأوضاع الأمنية ولقد بدأت العدة بالتفجيرات المختلفة والمتنوعة بدايتها تقريباً منذ تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد في 19 / 8 / 2003 ومقتل مبعوث الأمم المتحدة في الانفجار سيرجيو فيير دي ميللو وقامت بالتفجير منظمة القاعدة الإرهابية وبسيارة مفخخة والذي أدى التي تدمير وتحويل أجزاء من فندق القناة الى أنقاض، كما قتل الى جانب ممثل الأمين العام كوفي عنان حوالي 22 شخصاً وإلى جرح 100 آخرين ثم تبعه انفجار آخر من العام نفسه في 22 / 9 / 2003 ، واستمرت التفجيرات من بينها تفجير السفارة الأردنية وغيرها من التفجيرات التي طالت أكثرية المرافق بما فيها أسواق ومحلات تجارية وأبنية حكومية واغتيالات شملت الكثيرين بما فيها مقتل رئيس مجلس الحكم الانتقالي عز الدين سليم في 17 / 5 / 2004 والعثور على مئات الجثث التي اغتيلت او صفيت وعذبت، التدقيق في الجرائم التي ارتكبت في العراق والتي حصدت الآلاف من أرواح العراقيين وغير العراقيين ( نحتاج مزيداً من الوقت والتوسع في ذكر الماسي التي لحقت بالشعب)
ونحن ببساطة هدفنا موضوع الطائرات المسيّرة والصواريخ التي اخذت بالتوسع والاستخدام بدلاً من السيارة المفخخة والعبوات الناسفة، ومن خلال المشاهدة العينية لاستخدام هذا السلاح المباغت فقد علمنا علم اليقين أن هذا النوع من السلاح القاتل أصبح نهجاً عاماً ليس عند الدول بل منظمات وميليشيات مسلحة والتي تطير مئات الكيلومترات ويكون التحكم بها بواسطة الأقمار الاصطناعية التي تضمن استدامة الاتصال اللاسلكي معها. وهي توجه الكترونيا بدون طيار وتحمل أدوات القتل والتدمير كما التفجيرات الأرضية الأخرى لا بل أفظع منها، الى جانب إطلاق الصواريخ التي تهدد حياة المواطنين والأوضاع الأمنية ، وأشارت مصادر موثوقة ان الانفاق العالمي على تصنيع هذه الالة الجهنمية التي اطلق عليها اسم الطائرات المسيّرة بدون طيار وتحمل الصواريخ والمتفجرات يقدر الانفاق عليها بـــ ( 100 ) مليار دولار حتى نهاية عام 2009 حسبما نشرته وكالة رويترز وخصصت مبالغ اكبر للتطوير وتحسين أدائها الدموي ، هذه المبالغ الهائلة لصنع أدوات وآليات الموت عبارة عن جريمة بحق الإنسانية كما هي سياسة العدوان والحرب في تصنيع الأسلحة الاعتيادية الفتاكة إضافة الى أسلحة الدمار الشامل الكيميائي والنووي والجرثومي.
الملاحظ بدأت عمليات الطائرات المسيرة في العراق وبخاصة الفترة السابقة ومنذ إعلان مقتل الجنرال الإيراني سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي مهدي المهندس توضحت الرؤيا أكثر، ثم تسلسل اسقاط البعض من الطائرات المسيرة والاعلان عنها في الإعلام أكد لنا ان هذا التوجه الخطير سوف يأخذ ابعاداً اخطر في استخدامه مستقبلاً ولقد نشرت " الفرات نيوز " مؤخراً أن " القوات الأمنية في قيادة عمليات بغداد، أسقطت طائرة مسيرة ثانية في منطقة الكرطان جنوبي العاصمة بغداد ضمن قاطع اللواء السابع بالشرطة الاتحادية".كما أعلنت خلية الإعلام الأمني اسقاط طائرة مسيرة تحمل متفجرات قرب معسكر الرشيد المحاط بآلاف الاحياء السكنية، إلا أن ما أثار اهتمام وسائل الإعلام واكثرية المواطنين هو الاستعراض التلفزيوني الذي عرض من على شاشة الحدث الإخبارية الذي شاهده الآلاف من الناس والذي استعرض العديد من الطائرات المسيرة الذي قال عنها مقدم البرنامج انها عائدة للحشد الشعبي العراقي ووعد ايضاً انها ستكون ضمن الاستعراض القادم ، وهنا يحق لنا ان نستفسر هل يوجد في العراق جيشين من العسكر منفصلين لكل واحد منهما مهمة وقيادة خاصة به بدون أي ارتباط بالقائد العام للقوات المسلحة ؟ ـــــ من أين جاءت هذه الطائرات المسيّرة ومن قام بمهمة تدريب الذين يستعملونها في العراق؟ اليس هذا الاستفسار يدفعنا التأمل بعواقب هذا النوع من السلاح المدمر؟
أن حرب الصواريخ والطائرات المسيرة ستكون استخدامها ضمن الحروب القادمة محلياً مثلما بدأ في العراق مؤخراً، وتستخدم في حروب خارجية لسهولة التدمير وقتل المزيد من البشر بدون خسائر مثلما هو الحال في الحروب التقليدية ، وإذا كانت هذه الآلة الجهنمية حديثة الاستخدام في العراق والدول العربية وإيران فللعلم إن اول طائرة دون طيار ظهرت عام 1917 في بريطانيا وتم تطويرها بعد ذلك حتى أصبحت تحمل صواريخ تطلق في الهجوم ، وفي السنين الأخيرة بدأت أكثرية الدول التي تخوض حروباً داخلية وإقليمية التوجه للشراء او التقليد مثلما قامت به إيران على الطائرة المسيرة الامريكية التي اسقطتها وللمعلومات ان الولايات المتحدة وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل يهيمنان على صناعة الطائرات المسيرة، وحتى إسرائيل تقوم بتصديرها عالمياً على الرغم من خطورتها وزيادة فعالية آلات الشر في القتل والتدمير.
لابد ان تقوم الحكومة العراقية بمنع استعمالها داخلياً لأنها ستخلق مشاكل لا تحصى وسيسعى كل من له امكانية لشرائها لتكون مهيأة للاستخدام كما كان مؤخراً، وستكون مخاطرها المحدقة الكارثية بالبلاد إذا ما استخدمت خارجياً، إن على كل الذين يرسمون مخططات امتلاك الطائرات المسيرة هم واهمون لأن استخدامها لن يبقى محصوراً بل سيتوسع ليشمل أكثرية المناطق وعندئذ سيكون الخراب والدمار والقتل سهلاً وشاملاً، على الجميع أن يفكر بمصلحة العراق ومصلحة الشعب العراقي الذي ابتلى بالحروب واللاعدالة سابقاً وبالحرب المستترة الآن التي نتج عنها آلاف الضحايا من قتلى وجرحى ومفقودين ومهجرين والخراب والدمار الذي نراه في مدننا وبخاصة الغربية ..
نقول الحذر: الطائرات المسيرة التي تحمل الصواريخ والمتفجرات ليس هي لعبة كما الطائرات الورقية!