جانحة كوفيد ـ 19 ويطلق عليها جانحة كورونا أصبحت عالمية بعدما كانت بدايتها او اكتشافها في مدينة "ووهان الصينية" أوائل شهر ديسمبر 2019 ، ومنذ ان أعلنت منظمة الصحة العالمية بشكل رسمي ان تفشي فايروس جانحة كوفيد ـ 19 كورونا يعتبر حالة طوارئ صحية عامة وهذا الانتشار شكل ويشكل قلقاً لدى المجتمع الدولي، فقد حدث وانتشر في أكثر من ( 188) دولة حتى تاريخ 3 / 7 / 2021 .
لا نهول الأمور اكثر من حجمها بل علينا ان نستفيق على الواقع، جانحة كورونا ليست مزحة او نكتة ممكن التخلص منها بعد ضحكٍ بصوتٍ عالي او خلال جلسة استذكاريهة مسلية، الجانحة منذ البداية كانت عبارة عن خطر كبير اكثر مما تصوره ضعاف العقول المخدوعين بالسماسرة والادعاءات غير الحقيقية وهم يهونون من هذا الخطر ونتائجه بهدف الابقاء على الوعي الصحي في ادنى درجاته السفلية عند أكثرية الكادحين والفقراء المبتلين بالترهات والاوهام والادعية والخرافات، هذا الخطر لا يمكن تفاديه بالأدعية والتعاويذ انما بالحذر والوقاية والالتزام بالتوجيهات الصحية ومن ثم اللقاح، وقد دأب العالم في البحث والتنقيب واجراء التجارب الصحية على عشرات الالاف من البشر حتى تكللت جهود هذه الجهات العلمية والصحية في إيجاد اللقاح وبأسماء مختلفة، واصابت الجانحة اول من اصابت الصين والعديد من الدول الاوربية والولايات المتحدة وانتقلت كالنار في الهشيم الى جميع المناطق السكنية في المعمورة والعراق كان احد الدول الذي اصابته الجانحة بمقتلٍ فأصبح في مقدمة الدول العربية وثالث دولة في الشرق الأوسط بعد تركيا وايران من حيث الوفيات والاصابات فهناك الى حد هذا التاريخ، 17 / تموز / 2021 ، كما تشير الاحصائيات المعلنة من المصادر الصحية العراقية
1 ــــ مجموع الإصابات (1474865 حالة
2 ـــــ ومجوع الوفيات (17752 وفاة
3 ــــ اما الشفاء (1340383 شفاء
الفرق غير قليل في عدد غير المشفيين فقد بلغت وحسب الاحصائيات (124482) حالة في الحقيقة هناك احصائيات تتحدث عن ارقام أكبر لكننا نسلم بما نشر، لان هذه الأرقام الهائلة غير قليلة سببها الرئيسي عدم الالتزامات بالتوجيهات الصحية وتأثير الاشاعات وتأخر الحكومة في الإسراع وجلب اللقاح ، وضعف الكادر الصحي عدداً المكلف بالتطعيم ، نقول الارقام أعلاه لن تكون ساكنة ففي اليوم نفسه قد تزداد فيه حالات جديدة وغداً ستكون أكبر وهكذا وهلمجراً.، بينما بقي الوعي الصحي متدنيا، وبقت الاشاعات تلعب دورها المخرب في تعطيل رفع الوعي وأهمية اللقاح بالضد من الفيروس الذي ينتشر بسرعة مثلما حالة الدلتا الهندية، وساهمت في هذا التدني خلط الأوراق ما بين الواقع والقضايا الروحانية لا بل الذهاب في دعوات عدم فائدة اللقاحات وخطورتها على حياة الناس او المطالبة بعدم ارتداء الكمامات والدعوة لأنهم في حضرة الامام!!هذا الاستغلال لاسم الامام الذي يتنافى مع خلق الامام نفسه.
منذ ان اجتاحت جانحة كورونا أكثرية دول العالم الذي وقف على اقدامه بسبب الخسائر البشرية الكبيرة التي المت بالبشر وبخاصة الطبقات الكادحة والمتوسطة واخر الاحصائيات ليوم 14/ 7 / 2021 بلغت ( 185 ) مليون( و428 ) الفاً بينما توفى نتيجة هذا الوباء حوالي 4 ملايين و 10 الاف انسان، وكما يقال في المثل ( الحبل على الجرار ) لان الإصابات تتصاعد بوتيرة سريعة بعد التحويرات على الفيروس وعادت الأرقام العالية تتصدر البعض من البلدان ومنها بريطانيا، وهذا التصاعد شمل العراق فالأرقام راحت تتصاعد وتجاوزت في البعض الثمانية آلاف ووصلت الى ( 9198 ) في هذا الشهر وأعلنت الوزارة في بيان لها يوم الاثنين (19 تموز 2021)، انها سجلت 9883 إصابة جديدة بفيروس كورونا وهو اقتراب من 10 الاف إصابة ايضاً ولهذا تطلب صدور بيان من وزارة الصحة والبعض من المؤسسات الطبية دراسة الحظر الشامل واغلاق الحدود لان الوفيات راحت تتصاعد ايضاً ونسب الشفاء بالنسبة للإصابات يقلق جداً وقد حثت الوزارة على ضرورة " الاسراع في اخذ اللقاح" وأشارت الوزارة في بيانها ان " العراق لم يتعدى مرحلة الخطر وهو ليس بمنأى عن ما يمر به العالم من وضع وبائي خطير وإن الاصابات ترتفع مرة اخرى نتيجة التراخي الواضح والاستهانة بتنفيذ الاجراءات الوقائية" ويتحمل المسؤولية في هذا التراخي السلطة التنفيذية.
ــــــ هل هناك صراحة أكثر من هذا التحذير؟
ــــــ لماذا تنشر الاشاعات لخلق احباط همم المواطنين؟
ـــــ ما هو السبب في عملية تغيب الوعي الصحي بأخطار كورونا وتحويراتها؟
ــــــ لماذا خداع المواطن بالخرافات بخاصة الكادحين منهم بقضايا روحية ووهمية والناس تتساقط بشكل يومي وهناك إشاعة تقول « ودادي السلام في النجف وصل الى كربلاء" ليتصور المرء، أكثر من شهرين والوفيات لم تهبط عن ( 25 ) وفاة وهي تتصاعد
ــــــ متى يؤمن المواطن ان هذا الفيروس المتاحورعبارة عن موت وحشي؟ يهاجم في انتشاره السريع امام الإمكانيات والكوادر الصحية الضعيفة، وعدم الالتزام بالتوصيات الصحية وبخاصة ارتداء الكمامة والاستهزاء بالذين يرتدونها.*
ان التحذيرات المستمرة تشير ان هذا الوباء في بدايته والخوف ان تكون عواقبه وخيمة إذا أصبح في موقع لا يمكن السيطرة عليه وعند ذاك ستكون الكارثة أعظم واوسع، وتشير الاحصائيات الرسمية عن تعداد نفوس العراق أصبح " 40 " مليوناً تقرباً بينما لم يتجاوز ( 1% ) من الملقحين، صرح رئيس أطباء مستشفى الكندي سرمد القرلوسي " نحن مقبلون على كارثة وبائية”. ويؤكد ايضاً " دخلنا الموجة الثالثة، لا بدّ أن نكون مستعدين لها من خلال الالتزام بالتعليمات بينها وضع الكمامة والابتعاد عن التجمعات"، إذا لم تتجاوز التلقيحات ( 1% ) في العراق الى الان فماذا سيكون الامر من الدعوة لأجراء اللقاح بالنسبة لأعمار بين « 12و 16 عاماً" ؟ كم سنة نحتاج لتلقيح شامل ونحن نفقد يومياً ما بين " 25 و40 " عراقي يموت جراء هذا الوباء اللعين؟
تزامنت تحذيرات وزارة الصحة العراقية مع تحذير السلطات الاوربية حول سلالة دالتا المتحورة من كورونا وقد اكدت على انها " ستمثل 70% الإصابات الجديدة في الاتحاد الأوربي " وهي توقعت ستكون اكثر بحلول شهر آب 2021 حيث ستمثل حوالي 90% وهذا التطور ينذر بخطورة هذا المتحور في فايروس كورونا، هذه التحذيرات وغيرها التي اطلقتها منظمات الصحة في جميع الدول والمناطق لم تأت من فراغ بل هي واقع يشكل خطورة على الجنس البشري، والاستهانة او اللغو الفارغ المملوء بالخرافات والخداع ومحاولات القفز على الوعي الصحي عبارة عن جريمة ترتكب بحق ليس الفرد فحسب بل ملايين البشر وهو ما حدث في بداية انتشار الوباء في العراق فقد ظل الوعي الصحي متدنياً عند الكثيرين وراحت الدعوات المظللة بعدم الوقاية ولا ارتداء الكمامة وقد أشار الطبيب سيف البدر المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية " ما زلنا نعاني من حملة تضليل سبقت وصول اللقاح للبلاد" وتابع قائلاً "تناقل شائعات عن فقدان الثقة حتى بين الكوادر الطبية باللقاح وعن أخبار كاذبة شائعة بين العراقيين" كما تطلق اشاعات عن إصابة البعض ممن تلقوا اللقاح بالمرض وقد اشارت اخبار نقابة الأطباء بانها أوقفت الطبيب حميد اللامي عن العمل بسبب تصريحاته غير العلمية قال فيها " إن كوفيد-19 اختراع مختبري يمكن علاجه بالأعشاب" وهناك الكثير من الاقاويل والحوادث والإشاعات بما فيه عدم الثقة بالحكومة العراقية "نحن لا نثق بالحكومة ولا نعرف شيئاً عن اللقاحات " او ان إسرائيل والغرب يخططون لقتل الملايين عن طريق اللقاح الذي احدث الكثير من الجلطات الدموية!! وغيرها من الدعايات المغرضة والهادفة اساساً لقتل العراقيين، فمن يفجر أعمدة الكهرباء ويغتال الناشطين ويسرق قوت الشعب ويعيش حالة الفساد والمحاصصة لا يمكن ان يكون ذو رحمة على المواطن .
بدورنا نأخذ تصريح الطبيبة خلود الصراف وهي عميدة قسم الصيدلة في كلية الاسراء الطبية ونكتفي في ذكر عشرات الامثال والوقائع حيث قالت متأسفةً " الناس خائفون والقناعة لدى غالبيتهم الاعتماد على مناعتهم الطبيعية"
نعود للقول ان رفع الوعي الصحي عند المواطن لا يأتي من خلال الأوامر والتخويف او القيام بالحجر ومنع التجوال انما يأتي من خلال توسيع حملة اللقاحات ونشر اخطار الإصابات وحملة عامة واسعة في المؤسسات الحكومية جميعها والمدارس والجامعات والمعاهد ونشر الاحصائيات الرقمية اليومية للإصابات والوفيات في جميع وسائل الاعلام وعقد ندوات تلفزيونية في الفضائيات العراقية جميعها ونشر الإعلانات في الشوارع وهناك الكثير من القضايا لرفع الوعي الصحي ولجم كل من يقول " اذهب للأمام او السيد " سوف لا تصاب في الكورونا والمصابين في هذه المدن اكثر بكثير من غيرها، العلم يقول : الالتزام بتوصيات الصحة واللقاح هو الوحيد الذي يسد الطريق ويحمي المواطن من الفيروس القاتل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* أشار فاضل الغراوي عضو مفوضية حقوق الانسان غب العراق اليوم الاثنين، 19 / 7 / 2021 "عدم التزام المواطن بمتطلبات الوقاية وضعف الوعي الصحي لدى المواطن واصراره على عدم اخذ اللقاح فاقم هذه الحالة".