لم تصادق المحكمة الاتحادية العليا في العراق حتى اليوم على نتائج الانتخابات النيابية، التي جرت يوم ١٠ تشرين الأول ٢٠٢١. وقد أعلنت المفوضية المستقلة العليا للانتخابات يوم ٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢١، عن فوز ٣٢٩ مرشحا. من جهة أخرى اجلت المحكمة البت بالشكاوى والطعون الخاصة بنتائج الانتخابات، التي قدمها عدد من المشاركين في الانتخابات والمعترضين على نتائجها، في مقدمتهم رئيس تحالف “الفتح”، الذي قدم شكوى يوم ٤ كانون الأول أمام المحكمة الاتحادية، مطالبا بإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية؛ حيث كشف في اليوم ذاته عن توفر أدلة تثبت وجود مخالفات فنية وقانونية في عملية الاقتراع، متهماً المفوضية بالتلاعب والتزوير. وسبق ذلك تقديم عدد من الكتل السياسية طعونا الى الهيئة القضائية التابعة للمفوضية، شملت ٦٦٨١ محطة، خضعت أوراق الاقتراع فيها الى العد والفرز اليدوي. وجاءت النتائج مطابقة للعد الإلكتروني.
من المعلوم ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا غير قابلة للطعن، ومن صلاحياتها المصادقة على نتائج الانتخابات لتصبح قطعية. وقد نصت الفقرة السابعة من المادة ٩٣ الدستورية على (المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب).
وسبق للمحكمة الاتحادية في عام ٢٠١٨، ان صادقت على نتائج الانتخابات، مستثنية من ذلك عددا من المرشحين، استبعدتهم لوجود قيود جنائية بحقهم. كما صادقت على نتائج انتخابات ٢٠١٠، قبل ان تنظر بالطعن الذي قدمه السادة حميد مجيد موسى ومفيد الجزائري من الحزب الشيوعي العراقي، وعمر علي حسين من الاتحاد الإسلامي في كردستان. ومع ان قرار المحكمة جاء لصالح المشتكين، لكن مضى التصديق دون انصافهم.
بدون المصادقة لا يمكن لمجلس النواب الجديد الانعقاد وأداء اليمين، وهذا يعني عدم دعوة مجلس النواب الى عقد جلسته الاولى، ما يؤدي الى تأخير تشكيل الحكومة. ويبدو هذا هو بيت القصيد، ومربط الفرس، والمبتغى الذي تسعى اليه القوى المعترضة على النتائج، وهو نوع من الضغط السياسي، الى جانب ضغط تظاهراتهم التي نظموها امام بوابات المنطقة الخضراء. والهدف كما هو واضح، اجبار الاخرين على تشكيل حكومة توافقية، بدلا من حكومة الأغلبية، كي يشتركوا فيها جميعهم، ما يؤكد ان الصراع بين المتنفذين يدور على السلطة بما تعنيه من مال ونفوذ وامتيازات، وليس له علاقة باي خلاف حول برامج تنفذ لخدمة المواطنين.
ويُفهم إصرار قوى الإطار التنسيقي على تشكيل حكومة توافقية، بأنه يراد أن تكون هناك حكومة محاصصة، كما برهن على ذلك المشهد السياسي العراقي حتى الآن. كما أن الذهاب الى تشكيل حكومة محاصصة يعني الإصرار على الفشل والإبقاء على الوضع المتردي، واستمرار الفساد دون رادع.
ولا بدّ من التنويه بان هذا لا يعني تشكيل حكومة الأغلبية كيفما اتفق ما يراد لها ان تكون بابا للإنقاذ ومفتاحا للامل، ويتوجب على القوى التي تسعى الى تشكيل حكومة الأغلبية ان تنطلق في ذلك من برنامج عملي وملوس، يدقق ويراقب بآليات واضحة، من بينها وحدة قياس وجدول زمني معلن. وان تتكون التشكيلة الوزارية من شخصيات وطنية كفوءة ونزيهة بعيدة عن كل الشبهات، ولها رؤية تغييرية إصلاحية قادرة على تنفيذ البرنامج الحكومي، لا تخضع لابتزاز المكاتب الاقتصادية للمتنفذين، أو غيرها.