سجلت الجلسة الأولى لمجلس النواب التي التأمت نهار الاحد ٦ كانون الثاني ٢٠٢٢ نقطة البدء لتشكيل الحكومة العراقية. وقد رافقت الجلسة فوضى بشأن تسجيل الكتلة الأكثر عددا، إثر إخراج رئيس السن من قبة البرلمان ونقله الى المستشفى، بعد ما قيل عن الاعتداء عليه، وهو ما أثيرت حوله شكوك وذُكر أنه مفبرك بهدف تعليق الجلسة، لمنح قادة الإطار التنسيقي زمنا أطول للتباحث مع السيد مقتدى الصدر حول تشكيل حكومة توافقية، ما يعني وفق التجربة السياسية العراقية، المضي بمنهج المحاصصة نفسه.
بطبيعة الحال يحصر الدستور مهمة رئيس السن في هذه الجلسة في اجراء بروتوكولي هو أداء أعضاء مجلس النواب الجدد القسم، وانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، وفق المادة ٥٤ من الدستور التي تنص على ان “يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، وتعقد الجلسة برئاسة اكبر الاعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز التمديد لأكثر من المدة المـذكورة آنفاً”.
واتخذت الجلسة مسارا طبيعيا، مع مقاطعة نواب الإطار التنسيقي وأكثر نواب عزم الذين انشقوا على رئيس التحالف الشيخ خميس الخنجر. وتم انتخاب السيد محمد ريكان الحلبوسي رئيس تحالف تقدم للمرة الثانية رئيسا مجلس النواب، والسيد حاكم الزاملي القيادي في التيار الصدري نائبا اول، والسيد شاخوان عبد الله من الحزب الديمقراطي الكردستاني نائبا ثانيا. وجرى انتخاب اعضاء الرئاسة الثلاثة بالأغلبية المطلقة وفقا للمادة الدستورية ٥٥ التي تنص على ان “ينتخب مجلس النواب في اول جلسة له رئيساً، ثم نائباً أولاً ونائباً ثانياً بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس بالانتخاب السري المباشر”.
وتم رفع الجلسة بعد ان فتح رئيس مجلس النواب باب الترشيح لرئاسة جمهورية العراق.
بالعودة الى مسار الجلسة الأولى وجو الفوضى والتدافع الذي حدث فيها، فانه كشف عمق الازمة وحجم الخلافات بين الإطار والتيار، ما يبيّن ان مسار تشكيل الحكومة سوف لن يكون سلسا. بل يبدو ان الوضع سيشهد تأزما أكبر، فإذ لا خلاف جديا حول توزيع رئاسة مجلس النواب، سواء للكتل او الشخصيات التي تمثلها باعتبار ذلك سياقا متفقا عليه ضمنا، فان الخلاف الكبير والجدي هو على تسمية رئيس الحكومة والوزراء، وحصة كل كتلة فيها.
وطبيعي ان يراقب المواطنون هذه التجاذبات بعين الشك والريبة، فهم بحكم التجارب المريرة التي عاشوها يدركون ان صراع المتنفذين يدور دوما حول مصالحهم الشخصية والحزبوية والفئوية، وعلى حساب الامن والخدمات والتعمير، وان المستفيد في كل ذلك هو طغمة الفساد والدول الإقليمية شمالا وشرقا وجنوبا، التي امتد دورها وتضخم وبانت تأثيراته في الصراع الداخلي، والتي لا تهدف الا الى رؤية العراق ضعيفا موجوعا بائسا ومشتت القوى.
لكن العراقيين لن يصبروا طويلا على ما يصيبهم ويصيب وطنهم من هوان، وعلى تردي أوضاعهم المعيشية، وحقهم في الامن والاستقرار، وفي الحياة الحرة الكريمة والعدالة الاجتماعية، التي طال انتظارها جميعا.