في عراق ما بعد التغيير نرى حقوق المرأة شعارات ينادي بها الكثير ولافتات تمتلئ بها جدران البنايات وأسيجة المتنزهات ورسائل وتغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي واحتفالات حكومية وغير حكومية، ولكنها تبقى بعيدة عن التطبيق في أبسط الأمور، فالمرأة لاتزال متضررة لأسباب كثيرة بدءاً بالعادات البالية ثم الصراعات السياسية والطائفية والارهاب، مما جعلها ضحية التهجير والعنف والحرمان والفقر والتشرد والاتجار، لذا لن نستغرب رؤيتهم يوميا ( نساء وفتيات وأطفال ) ممن يفتقرون لمقومات العيش الكريم وهم في حالة من الضياع يجوبون الشوارع ويسكنون الطرقات والأرصفة بدلا من أن يكون مكانهم في فضاءات التعليم والمعرفة والعمل بحرية وسلام، ولا ندري كم من الجهد نحتاج له ويحتاجه كل من يفكر بإسعاد الطفولة وحماية المرأة في دولة ابتعدت كثيرا في مسارها عما يؤمن الحياة الحرة الكريمة لنسائها ولأطفالها الذين باتوا اليوم يشكلون نسبة تصل إلى ثلث سكان العراق ممن يعيشون في أدنى مستويات خط الفقر .. وتزامنا مع العيد العالمي للمرأة لابد من الاشارة والتأكيد على أن هناك اتفاقيات وعهود دولية قد صادق العراق عليها كدولة لكنها تنتظر التطبيق، وهي دعوة صادقة لكل من يحمل صفات الإنسانية ويؤمن بمبادئها إلى أن يساهم مع شركاء الإنسانية مهما اختلفوا من أجل تحسين واقع المرأة والفتاة العراقية.
يبقى الاحتفال بيوم المرأة مناسبة للتذكير بهموم النساء والفتيات واحتياجاتهن ويبقى الهم يؤرق الكثير من المهتمين والمدافعات والمدافعين عن قضايا المرأة، ويبقى السؤال متى يتم رفع الحيف عن المرأة العراقية ومتى يتم تحريرها من العادات والممارسات القبلية التي باتت تعود بنا إلى زمن الظلم والوأد والجهل والقهر والاستغلال، والتي تضع المرأة في قفص الاتهام وظلم الأعراف والعنف الذي لاينتهي وبكافة أشكاله وممارساته المختلفة، بسبب ضعف تطبيق القانون وسلطة قضائية متفرجة.
اليوم هناك حاجة ملحة وواجبة وملزمة للعراق بسلطاته الثلاث بأن تكون قوانينه موائمة للمواثيق الدولية ليحقق التقدم كبلد يحترم كافة مواطنيه وخصوصا النساء، أذ لازالت هناك تشريعات في مضامينها تشكل خطرا على المرأة وهي بحاجة للتعديل بما يضمن ويصون كرامة النساء ويساعد في وصولهن للعدالة التي توفر الحماية لهن، كما أن هناك خططا واستراتيجيات بحاجة لموازنات مستجيبة للنوع الاجتماعي كي تساهم فعلا وبالملموس في تحسين واقع المرأة العراقية وتوفير البيئة الآمنة لها، كي تكون قادرة على مواجهة التحديات بصلابة وقوة أكبر عبر تهيئة الفرص والإمكانيات التي تجعلها فاعلة وصاحبة دور حقيقي في الإعمار والبناء وصانعة للسلام في بلد يقدر تضحياتها العظيمة ويعترف بوجودها كشريكة في كل مجال.