امام الحكومة، مهمتان اساسيتان، واجبتا التنفيذ دون ابطاء، وعلى وجه السرعة؛ الأولى هي اجراء التعديلات الدستورية، والأخرى هي الانتخابات المبكرة. وسنة واحدة كافية لتنفيذ هاتين المهمتين الأساسيتين.
التنفيذ الفوري هو المخرج الحكومي للازمة العامة التي تعصف بالأوضاع. من العبث التصور ان الأوضاع ستمضي نحو الانفراج، وان استقرارا يمكن توقعه وان نجاحا لحكومة تتشكل، مهما كان المكلف بها، قد يتحقق دون معالجة جادة لمسببات الازمة. فمدخلات الازمة ستنتج مخرجات ازمة أكبر، ولا ريب في ذلك.
المدخل للخروج من الفوضى التي تطبع المرحلة التي نعيش، هو وضع حل متكامل لأزمة الحكم، كمقدمة اساسية لحل شامل للازمة العامة. ويكمن هذا في أولوية التعديلات الدستورية، والخوض بكل نواقص الدستور ورفع الإلغاء عنه، التي هي عديدة. تتطلب التعديلات الكاملة للدستور، في ما تتطلبه نقاشا وطنيا واسعا، يتوفر له جو سياسي سليم ومناسب، تأمن له كافة مستلزمات الصراع الفكري، على ان لا يبقى النقاش مفتوحا بل يحسم بصياغات دستورية واضحة غير قابلة للتأويل، نصوص غير قابلة للاجتهاد، لا تتحمل اللف والدوران. شرط ان تتضمن التعديلات، المواد التي يتذاكى عليها المتنفذون ويتلاعبون عبرها بنتائج الانتخابات. ووضع بدلا منها صياغات محكمة تحدد الفائز بالانتخابات وتسميه كي يشكل الحكومة دون ادنى اجتهاد وتلاعب.
اما المهمة الأخرى التي تعد أولوية غير قابلة للتسويف فهي اجراء انتخابات مبكرة، توفر لها كل مستلزمات الرضا والقبول والقناعة بالنتائج، وان تستند على قواعد المواطنة والعدل والانصاف، بهدف عدالة التمثيل، دون اقصاء واستحواذ وتهميش. وان تجرى بالتزامن مع التصويت على التعديلات الدستورية. ان لم يتم التوقف عند ذلك ومعالجته بجرأة، فلا يمكن ان نبصر انفراجا سياسيا، بل ستتكرر الازمات وتتوالد، ويبقى البلد في مهب العواصف السياسية التي لا نهاية لها، حيث تتحكم المصالح الذاتية، والانانية البشعة، وفساد النهابين بمصير البلد. ان عدم الحرص على استقرار البلد، وراء العمى السياسي الذي غطى على بصيرة طغمة الحكم، حيث لم يعيروا أدنى اهتمام لعمق الازمة العامة التي تلقي بظلالها على كافة الأوضاع، وفي مقدمة ذلك، الأوضاع المعيشية الخانقة لطبقات وشرائح وفئات اجتماعية هشة؛ اذ لا يمكن لها ان تصمد وهي تحت طائلة العوز والفاقة، تحاصرها متطلبات العيش الأساسية من جهة، وارتفاع الأسعار من جهة أخرى.